ظلت فرص العمل الشاغرة في الولايات المتحدة عند مستويات مرتفعة خلال نوفمبر، مما يبرز إمكانية أن تواصل سوق العمل المتماسكة توجيه الاحتياطي الفيدرالي نحو تطبيق سياسة نقدية أكثر تقييداً في الأشهر المقبلة.
عدد الوظائف المتاحة بلغت 10.46 مليون وظيفة في نوفمبر حسبما أظهر استطلاع مسح الوظائف الشاغرة ودوران العمالة الذي أعلنته وزارة العمل الأميركية يوم الأربعاء، لتفوق بذلك جميع التقديرات في استطلاع أجرته "بلومبرغ" لخبراء الاقتصاد.
تشير الأرقام التي جاءت أقل من مستويات أكتوبر البالغة 10.51 مليون وظيفة، إلى أن الطلب على الموظفين في الولايات المتحدة يفوق أعداد المتاح لشغل تلك الوظائف. ويظل التوظيف عند مستويات قوية، رغم تراجعه، وفي الوقت نفسه، مازال معدل تسريح العمالة منخفضاً.
يفرض ذلك ضغوط تصاعدية على الأجور، وهو ما سلط رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول الضوء عليه باعتباره عاملاً أساسياً لمسار التضخم.
من المرجح أن يعزز ارتفاع فرص العمل الشاغرة المقترن بـالارتفاع القوي في الأجور، استمرار التوقعات بأن الاحتياطي الفيدرالي قد يُبقي على أسعار الفائدة عند مستويات مرتفعة لبعض الوقت لكبح التضخم وضمان تحرك الأسعار في اتجاه هبوطي مستدام.
وقام المستثمرون بمتابعة محضر مسؤولي السياسة النقدية بـ"الفيدرالي" في ديسمبر، أمس الأربعاء، للتعرف على توقعات البنك المركزي.
باول: من السابق لأوانه الحديث عن خفض أسعار الفائدة
قال نايك بنكر رئيس الأبحاث الاقتصادية لدى "إنديد هايرنغ لاب" (Indeed Hiring Lab)، في مذكرة بحثية: "إن سوق العمل بهذه القوة تعني أن الركود الوشيك غير مرجح للغاية.. سيتضمن هذا العام العديد من التحديات على الاقتصاد الأميركي، لكن يبدو أن سوق العمل مهيأة للدخول بقوة كبيرة".
انخفض مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" بعد نشر التقرير وارتفعت عوائد سندات الخزانة.
أظهرت بيانات منفصلة يوم الأربعاء تقلّص نشاط التصنيع بالولايات المتحدة للشهر الثاني في ديسمبر، مما يساعد على تخفيف ضغوط الأسعار.
النشاط الصناعي الأميركي على أعتاب الركود وسط تراجع الطلبات
نسبة الوظائف الشاغرة إلى عدد العاطلين عن العمل
زادت فرص العمل المتاحة في الخدمات المهنية والتجارية وكذلك التصنيع. في غضون ذلك، انخفضت الفرص المتاحة في الخدمات المالية والتأمين والحكومة الاتحادية.
مازالت نسبة الوظائف المتاحة للعاطلين عن العمل مرتفعة عند 1.7 وظيفة، ولم تتغير كثيراً عن أكتوبر. وتجدر الإشارة إلى أن تلك النسبة كانت نحو 1.2 وظيفة قبل الوباء.
الاقتصاد الأميركي يخالف التوقعات مضيفاً المزيد من الوظائف ورافعاً معدل البطالة
يراقب مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي هذه النسبة عن كثب واعتبروا ارتفاع عدد الوظائف الشاغرة سبباً يجعل البنك المركزي قادراً على تهدئة سوق العمل- وبالتالي التضخم- دون التسبب في صعود لاحق في معدل البطالة.
مع ذلك، يتوقع العديد من الاقتصاديين أن يؤدي تشديد الاحتياطي الفيدرالي للسياسة النقدية إلى دفع الاقتصاد إلى الركود خلال العام الجديد وزيادة البطالة إلى حد ما.
أظهر تقرير مسح الوظائف الشاغرة و دوران العمالة تراجعاً بالتوظيف في بعض القطاعات، بما في ذلك السكن وخدمات الطعام والبناء وتجارة التجزئة. في غضون ذلك، تراجعت عمليات تسريح الموظفين.
رأي خبراء "بلومبرغ إيكونوميكس"
قالت آنا وونغ، المحللة الاقتصادية: "استقرار فرص العمل خلال نوفمبر يمثل تحدياً لإجماع التوقعات ويؤكد على الصعوبة التي تواجه الاحتياطي الفيدرالي في رفع نمو الأجور إلى مستوى يتوافق مع مستهدف البنك المركزي للأسعار. قد يؤدي ارتفاع معدل الاستقالات إلى استمرار المنافسة على عرض العمالة بشدة، مع استمرار الضغوط التصاعدية على الأجور".
ارتفع معدل الاستقالة من العمل، الذي يعد مقياساً لترك الوظائف طواعية كحصة من إجمالي العمالة، لأول مرة منذ فبراير إلى 2.7%، أو 4.2 مليون أميركي.
تسبق بيانات فرص العمل الشاغرة، نشر تقرير الوظائف الشهري المرتقب يوم غد الجمعة، والذي من المتوقع حالياً أن يُظهر أن أرباب العمل أضافوا 200 ألف وظيفة في ديسمبر. يتوقع الاقتصاديون أن يستقر معدل البطالة بالولايات المتحدة عند 3.7% وأن يتراجع متوسط الدخل في الساعة إلى حد ما.