بعد أكبر خسارة في محافظ 60/40 منذ الأزمة المالية العالمية، قد يكون أمام قطاع استراتيجيات الاستثمار المتوازنة البالغة أصوله تريليون دولار أيام أفضل.
في ظل التفاؤل ببلوغ التضخم ذروته، يراهن أكثر من 60% من 610 مشاركين في استطلاع "ماركت لايف بالس" (MLIV Pulse) الأحدث على أن الأسهم والسندات ستتحرك في اتجاهين متعاكسين العام الجاري- مما سيعيد ترسيخ علاقة قديمة دعمت أداء صناديق المعاشات التقاعدية وصناديق الهبات على مدار العقدين الماضيين.
وإذا صدقوا، فسيكون ذلك بمثابة تحول كبير عن العام الماضي عندما هبطت الأسهم والديون في تناغم مع النمو الجامح في الأسعار. أثارت خسائر السوق الكبيرة التي حصلت بالتوازي قلقاً وجودياً حول مستقبل الاستراتيجية الاستثمارية التي تخصص 60% من الأصول للأسهم و40% للسندات، وكذلك عززت بحث "وول ستريت" عن أدوات تحوط بديلة.
إقبال معتدل على المخاطر
الآن أصبح المشاركون في الاستطلاع متفائلين قليلاً بشأن السندات إذ يتوقعون انخفاض العائد على سندات الخزانة لأجل 10سنوات إلى 3.5% بنهاية عام 2023، متراجعاً من مستواه المرتفع العام الماضي البالغ 4.24%.
مخاوف الركود تنعش الملاذات الآمنة وتضغط على الأسهم في بداية العام الجديد
نتيجة كبيرة أخرى خلُص إليها استطلاع "ماركت لايف بالس" وهي أن عام 2023 سيشهد إقبالاً على المخاطرة باعتدال وقد يحقق مؤشر "ستاندرد أند بورز 500" مكاسب تناهز 4%.
تتماشى هذه التوقعات مع التنبؤات المماثلة المتحفظة لاستراتيجيي السوق في الوقت الذي يهدد به الانكماش الاقتصادي بتقويض أرباح الشركات في الأشهر المقبلة.
يقول جون مادزيير، كبير مديري المحافظ ورئيس قسم سندات الخزانة الأميركية في "فانغارد غروب": "المهمة التالية للاحتياطي الفيدرالي، بمجرد انتهائه من رفع الفائدة، ستكون خفض أسعار الفائدة... وقبل أن نصل لتلك المرحلة ستنعكس مسبقاً في أداء السندات، ما يعني أن السندات ستصبح أداة تنويع من جديد".
بعد الارتباط العكسي خلال معظم السنوات العشرين الماضية، انقلبت العلاقة بين الأسهم والسندات تماماً في 2022 إذ أضر التضخم المرتفع والزيادات اللاحقة في أسعار الفائدة بفئتي الأصول، ما يعني أن السندات فشلت إلى حد كبير في حماية المستثمرين في أيام هبوط الأسهم.
وجهات نظر متضاربة
في الوقت نفسه، أوصى أكثر من ثلث المستجيبين للاستطلاع بالأسهم باعتبارها فئة الأصول المفضلة، وكان أوسط توقعاتهم للمستوى المستهدف بنهاية العام لمؤشر "ستاندرد أند بورز 500" عند 4000 نقطة، أي ليس ببعيدٍ جداً عن 4075 نقطة في استطلاع "بلومبرغ".
سندات الخزانة الأميركية تسجل أكبر خسارة سنوية في 2022 بسبب التضخم
تتراوح توقعات استطلاع "ماركت لايف بالس" للمؤشر الأميركي القياسي من 2000 نقطة في أدناها إلى 5800 في أعلاها، ما يبرز وجهات النظر المتضاربة حول مستقبل الاستثمار في قبضة الركود الاقتصادي المتوقع على جانبي المحيط الأطلسي.
بدورها، كتبت "بلاك روك" -أكبر شركة لإدارة الأصول في العالم- في تقريرها لآفاق الاستثمار: "نتوقع أن نصبح أكثر تفاؤلاً بشأن الأصول ذات المخاطر في وقت ما من عام 2023- لكننا لم نصل بعد إلى تلك المرحلة إذ لا تعكس تقييمات الأسهم بعد الضرر المقبل".
وفقاً لمايك ويلسون الاستراتيجي في "مورغان ستانلي"، قد يكون انخفاض أرباح الشركات هو الأسوأ منذ الأزمة المالية العالمية، ما قد يدفع سوق الأسهم لانخفاض جديد، وحتى أحد أكبر المتفائلين في "وول ستريت"، ماركو كولانوفيتش من "جيه بي مورغان"، يرى أن مؤشر "ستاندرد أند بورز 500" قد يعيد اختبار أدنى مستويات السوق الهابطة التي شهدها في أكتوبر بحلول نهاية الربع الأول.
المحترفون أكثر تشاؤماً
بشكل عام، أدت التوقعات الضعيفة إلى إبقاء معظم المستثمرين على حيازاتهم من الأسهم دون تغيير إلى حد كبير في الوقت الحالي. تظهر نتائج الاستطلاع أن مديري الأموال المحترفين هم أكثر تشاؤماً على المدى القصير. عموماً، يتوقع نحو 23% من المشاركين في الاستطلاع زيادة حيازاتهم خلال الشهر المقبل مقارنة مع 28% قالوا إنهم يتوقعون انخفاض حيازاتهم. ومن بين مستثمري التجزئة، يتوقع 26% زيادة الانكشاف، و15% يخططون لخفضه.
الأسهم الأميركية تغلق هابطة في أسوأ سنة منذ الأزمة المالية
وفقاً للبيانات التي جمعتها "فاندا ريسيرش" (Vanda Research)، يظهر النمط التاريخي للسنوات الثماني الماضية أن المستثمرين الأفراد عززوا مشترياتهم من الأسهم والصناديق المتداولة في البورصة في شهر يناير، خاصة بعد انخفاض النشاط في نهاية العام، إذا تكرر هذا الاتجاه، "سيقدم تجار التجزئة قوة دفع هائلة للأسهم الأميركية"، وفقاً لما كتبه المحللون في مذكرة.
متى يخفّض الفيدرالي الفائدة؟
يتفق نحو 42% من المشاركين في الاستطلاع مع صانعي السياسة على أن أسعار الفائدة ستبلغ ذروتها في نطاق 5% إلى 5.25%. مع ذلك، يراهن نحو 52% من المتداولين الأفراد على أن التحول المرغوب فيه بشدة في مسار الاحتياطي الفيدرالي سيحدث في وقت ما في عام 2023، بينما يتوقعه 54% من مديري الأموال المحترفين في عام 2024.
يمهد ذلك لمعركة جديدة بين الاحتياطي الفيدرالي والسوق إذ أشار محافظو البنوك المركزية إلى أن أسعار الفائدة يجب أن تظل في منطقة تقشفية في الأشهر المقبلة، محذرين "وول ستريت" ألا تتوقع أي تخفيضات في أسعار الفائدة العام الجاري. مع ذلك، يواصل متداولو العقود الآجلة المراهنة على أن الخفض الأول في أسعار الفائدة الأساسية سيحدث قبل نهاية عام 2023.
بدورها قالت نانسي تنغلر، الرئيسة التنفيذية ومديرة الاستثمار في شركة "لافير تينغلير إنفستمنتس" (Laffer Tengler Investments) في مقابلة عبر الهاتف: "لقد كانت السوق متقدمة كثيراً على بنك الاحتياطي الفيدرالي منذ البداية... السوق أذكى من الاحتياطي الفيدرالي".
سندات الخزانة الأميركية تسجل أكبر خسارة سنوية في 2022 بسبب التضخم
اختار نحو 27% من المشاركين في الاستطلاع أن يكون إيلون ماسك شخصية عام 2023، بعد أن هيمن على عناوين الأخبار العام الماضي، واختار أكثر من ثلث المستجيبين كتابة اسم لشخصية العام بدلاً من الاختيارات المقترحة التي شملت ماسك، والرئيس التنفيذي لـ"بينانس" تشانغ بينغ جاو، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وكانت الخيارات المكتوبة الأكثر شيوعاً لرئيس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، ورئيس الصين، شي جين بينغ، ووارن بافيت، والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
وتوقع نحو 47% من المشاركين أيضاً انخفاضاً في مكافآت بنوك "وول ستريت" خلال عام 2023.