انخفضت أسعار المنازل في المملكة المتحدة للشهر الرابع، ما أدى إلى تفاقم المخاوف من حدوث ركود أعمق في البلاد.
أشارت "نيشن وايد" (Nationwide) إلى تراجع مقياسها لأسعار العقارات بنسبة 0.1% في ديسمبر، مسجلاً بذلك أطول تراجع منذ عام 2008 في نهاية الأزمة المالية العالمية. بالنسبة لعام 2022 ككل، قالت "نيشن وايد" إن أسعار العقارات أنهت العام بنسبة 2.8% أعلى مما كانت عليه في نهاية العام الماضي، أي نحو ثلث وتيرة النمو التي حققتها في عام 2021. حيث تراجع متوسط سعر المنازل في ديسمبر إلى 262,068 جنيه إسترلينياً (315,660 دولاراً).
أدى ارتفاع أسعار الفائدة والضغط الشديد على تكاليف المعيشة إلى إجهاد القدرة على تحمل التكاليف بالنسبة لعدد كبير من المشترين الذين يشهدون تراجعاً مستمراً في أجورهم، بعد أسوأ موجة تضخم شُهدت في أربعة عقود. باتت معدلات الفائدة على قروض الرهن العقاري الآن قريبة من مستويات عام 2008 عندما كانت تكاليف الإسكان في منتصف ركود دام 16 شهراً.
"سيكون من الصعب استعادة السوق زخمها على المدى القريب وسط قوة التحديات الاقتصادية، مع تراجع الأرباح الحقيقية أكثر ومن المتوقع أن تشهد سوق العمل ضعفاً مع تقلص الاقتصاد"، وفقاً لما قاله روبرت جاردنر، كبير الاقتصاديين في "نيشن وايد"، في بيان يوم الجمعة.
رأي "بلومبرغ إيكونوميكس "
يقول نيراج شاه من "بلومبرغ إيكونوميكس": يشير التراجع الشهري الرابع في مؤشر أسعار المنازل على مستوى المملكة المتحدة إلى مواصلة سوق الإسكان تصحيح الأسعار في ديسمبر. نتوقع انخفاض قيمة المنازل بنسبة 10% تقريباً في العام المقبل مع ارتفاع فائدة الرهن العقاري واستمرار أكبر ضغط على الدخل الحقيقي منذ سنوات طويلة.
رفع بنك إنجلترا سعر الفائدة الرئيسي تسع مرات خلال العام الماضي إلى 3.5%، وهو أيضاً المستوى الأعلى منذ عام 2008. ويرجّح أن يؤثر ذلك بشدة على المقترضين بالرهون العقارية، حيث يُحتمل أن تتضاعف الفواتير الشهرية على الساعين منهم لإعادة تمويل هذه القروض.
وأظهر تقرير منفصل صادر عن بنك إقراض الرهن العقاري "هاليفاكس" (Halifax) أن الطلب على المنازل تراجع في لندن وتعزز خارج المناطق الحضرية الكبرى، بعد أن منح أصحاب العمل الموظفين مرونة أكثر للعمل من المنزل.
مقارنةً بمناطق أخرى من البلاد، تباطأ ارتفاع أسعار المنازل في لندن بنسبة 7.2% على أساس سنوي. وشهدت "يورك ووكينغ" أكبر الزيادات.
كانت "نيشن وايد" أكثر تشاؤماً بشأن أسعار العقارات في العاصمة، مُشيرةً إلى تراجع نمو الأسعار السنوي في لندن في ديسمبر من 6.7% في الربع الثالث ليصل إلى 4.1%. وقالت إن "إيست أنجليا" كانت المنطقة الأفضل أداءً خلال العام الماضي، بينما كانت أسكتلندا الأضعف.
في هذا الإطار، أشار غاردنر إلى أن ميزانيات الأسر كانت في حالة جيدة، وتعمل كحماية من ارتفاع المعدلات. ما يُكرر تعليقات مماثلة من نائب محافظ بنك إنجلترا جون كونليف، الذي قال في وقت سابق هذا الشهر إن بإمكان أصحاب العقارات تحمّل التراجع في قيمة العقارات بنسبة تصل إلى 20%.
تحوم تكلفة الرهن العقاري بمعدل ثابت لمدة عامين بالقرب من 5.8% حالياً وفقاً لـ"موني فاكتس غروب" (Moneyfacts Group). وقد تزيد التكلفة أكثر في العام المقبل على نحو 4 ملايين أسرة في المملكة المتحدة، كما يتوقع مكتب مسؤولية الميزانية أن تظل فائدة الرهن العقاري مرتفعة حتى عام 2030.
يتوقع الاقتصاديون في "جيه بي موغان تشيس" و"كريدي سويس"أن تنخفض أسعار العقارات بنسبة 10% العام المقبل وأن تواصل تراجعها في عام 2024.
يمتد الضغط ليطال سوق الإيجارات، حيث يسعى الملاك إلى تمرير التكاليف الأعلى إلى المستأجرين. وأفاد موقع العقارات "زوبلا" أن تكلفة عقد الإيجار الجديدة ارتفعت بنسبة 12.1% في الأشهر الـ12 حتى أكتوبر. كما قال بنك إنجلترا هذا الشهر إن بعض الملاك قد يحتاجون إلى زيادة الإيجارات بنسبة 20% لتعويض تكاليف الرهن العقاري المرتفعة.