سواء كنت تعتقد أن بتكوين عديمة القيمة بطبيعتها أو قد تصل بالأخير إلى 650 ألف دولار، لا يوجد شكٌّ في أنَّها أصبحت فئة أصل تجذب اهتمام المستثمرين بقدر كبير (وإن كان لأسباب مختلفة عن أحدث هوس للعالم المالي "غيم ستوب").
وأوصى مدير أصول رائد الشهر الماضي في مقال بمجلة "انفستورز كرونيكل"
( Investors’ Chronicle) أن يخصص القارىء جزءاً صغيراً من مدخرات التقاعد في العملة الرقمية، كما كتبت "بلومبرغ ويلث" مجموعة مقالات إرشادية حول "كيفية" الاستثمار في بتكوين.
إذا أصبحت بتكوين رائجة بالفعل، فما تداعيات ذلك على أموالك الشخصية واستثماراتك؟
ظاهرياً، لا تمتلك بتكوين قيمة جوهرية، ولا هي مخزن موثوق للقيمة، وبالتأكيد لا تولِّد دخلاً، ومع ذلك، فهي تتمتَّع بخصلتين تجعلها اختياراً مناسباً لأكثر المحافظ الاستثمارية تحفظاً.
الأول، تقلباتها، ينظر الجميع لتقلُّبات بتكوين برعب، وبالفعل، حذَّرت الهيئة البريطانية لمراقبة السلوك المالي المستثمرين مراراً من العملات المشفرة لهذا السبب بالتحديد، وفي الفترة بين ديسمبر 2017 وديسمبر 2018، تراجعت قيمة بتكوين بنسبة 85% تقريباً، ولكن منذ ذلك الهبوط، ارتفعت عشرة أضعاف تقريباً، مما يشير إلى أنَّ التقلُّبات تحدث في الاتجاهين، وكلما ازدادت تقلبات استثمار ما، ارتفعت خسائره، كذلك عائداته المحتملة.
وإذا استثمرت 1% من مدَّخرات تقاعدي في شركة مدرجة في مؤشر "فوتسي 100" منذ عام، فسأكون قد ضيَّعت وقتاً كثيراً، وسيكون استثماري صغيراً جداً ليضيف الكثير من العائد المحتمل، حتى إن ارتفع السهم بنسبة 20% أو 30%. وفي الواقع، فقد تراجع مؤشر "فوتسي" العام الماضي، ومع ذلك، فإن حدث أسوأ سيناريو وأفلست الشركة، فسأكون غامرت بـ1% فقط.
ما علاقة التقلبات الحادة بالمكاسب؟
وتوفِّر تقلُّبات "بتكوين" إمكانية أكبر للمكاسب ذات المعنى، بالرغم من التزامك باستثمار صغير وبسيط، وعلى مدار العام الماضي، تضاعف سعرها أربعة أضعاف، وإذا استثمرت الـ1% نفسها من مدخرات تقاعدي (للشفافية أنا لا أملك حالياً أيَّ بتكوين)، ستساهم بقدر أكبر بكثير في محفظتي، وبالتالي؛ وبفضل تقلُّبات بتكوين،
لاتزال هناك إمكانية لتحقيق مكسب حقيقي دون خسارة الكثير؛ طالما أنَّك لا تراهن بكل ما تملك.
أما خصلتها الثانية، فيتمثَّل في أنَّها ليست استثماراً يقوم على الرفع المالي، فعلى عكس برامج التداول في أسعار الصرف، التي تسمح للمستثمر قليل الخبرة بالاقتراض بقدر كبير لتداول العملات، فإنَّ خسائر البتكوين تقتصر على رهانك الأساسي، وأغلب مخططات الثراء السريع الأخرى، مثل عقود الفرق "CFDs"، تعتمد على الاقتراض إلى حدٍّ ما.
وفي الاستثمار بالرفع المالي، تخسر الأموال المقترضة بمجرد أن تتراجع قيمة استثماراتك، أما في بتكوين فتخسر في أسوأ الأحوال رهانك الأساسي إلا بالطبع إذا اقترضت لتتداول العملات المشفرة أيضاً.
وكان الغياب النسبي للديون هو الفرق بين فقاعة الدوت كوم في عام 2001، التي أدَّت إلى ركود معتدل، والأزمة المالية العالمية في 2008 التي أطاحت بالقطاع المصرفي، وبالرغم من وجود بعض الديون في 2001؛ فإنَّ أغلب الخسائر طالت "الأموال الحقيقية" للمستثمرين، وخلال أزمة 2008، لم تتمكَّن الكثير من البنوك أو المستثمرين المحترفين من إعادة تمويل الاقتراض الذي يقف وراء الاستثمار في الأصول التي من المفترض أن تكون آمنة بتصنيف "AAA"، مما أجبرهم على بيع تلك الأصول لتجنُّب المزيد من الخسائر.
هل استثماراتك مرتبطة بديون؟
وعندما تكون الاستثمارات غير قائمة على الديون، فأنت تحيا لتقاتل يوماً آخر حتى إذا منيت بأشد الخسائر، وعلى سبيل المثال، يندم الناس لعدم شرائهم أسهم عمالقة التكنولوجيا، مثل "أمازون دوت كوم"، عندما كانوا بأسعار منخفضة، وفي بداية القرن كان سعر سهم شركة "أمازون" 113 دولاراً، واليوم تبلغ قيمة الأسهم نفسها أكثر من 3300 دولار للسهم الواحد.
ولكن ما ينساه كثيرون أنَّه في الفترة بين 2000 وأكتوبر 2001، كنت ستخسر 95% من أموالك مع انهيار السهم إلى 5.51 دولاراً، ولم تكن ستجني ثمار الارتفاع بنسبة 2740% إلا إذا تمسَّكت بالسهم خلال ركود الدوت كوم، وبالتأكيد لم تكن لتتمكن من الاحتفاظ بالسهم إذا كنت تمتلك الأسهم باستخدام الرفع المالي.
وبالتأكيد، لا تعدُّ خسارتك بشكل متكرر لـ95% من رهانك الأساسي استراتيجية استثمار مستدامة، ولا تناسب بتكوين الجميع مثلما أوضح هبوطها بمقدار 10 آلاف دولار منذ 8 يناير، وبالتأكيد لا يوصي بها أغلب المستشارين الماليين.
وعلاوة على ذلك، تجدر الإشارة - كما يفعل بعضهم - إلى أنَّ الأصول الرقمية لن تتمكَّن من الدخول في أيِّ مخططات حماية، مثل: مخطط تعويضات الخدمات المالية - التي تدفع للمستهلكين إذا انهارت شركة خدمات مالية- كما لن تحصل على حماية إذا استثمرت في شركة مدرجة في مؤشر "فوتسي" أو "غيم ستوب"، وكلاهما قد تراجعا.
وبناء على ذلك، إذا كان تملك بضعة جنيهات تحتمل خسارتهم؛ هناك على الأرجح أشياء أسوأ بكثير يمكن أن تشتريها حالياً من العملة المشفرة الأكثر رواجاً في العالم.