تبسط أوروبا سيطرتها من جديد على البنية التحتية الأساسية للطاقة المرتبطة بشركات روسية، والتي واجهت صعوبات تشغيلية كبيرة منذ غزو أوكرانيا.
أعلنت ألمانيا وبولندا بشكل منفصل، أمس الإثنين، الاستحواذ على شركات الغاز الطبيعي التي كانت مملوكة سابقاً (جزئياً أو كلياً) لشركة "غازبروم" الروسية العملاقة للطاقة. تقول السلطات في كلا البلدين إن هذه التحركات ضرورية لتأمين احتياجات الطاقة ووقف الاعتماد على روسيا.
من جانبها، أممت ألمانيا شركة "سكيورينغ إنرجي فور يوروب" (Securing Energy for Europe)، المعروفة اختصاراً باسم (SEFE)، وكانت تسمى سابقاً "غازبروم جرمانيا" (Gazprom Germania)، وتسيطر بشكل غير مباشر على أكبر منشأة لتخزين الغاز الطبيعي في أوروبا الغربية من موقعها في ريدين.
يضم هذا الموقع حوالي 20% من سعة التخزين في ألمانيا، مع حجم تشغيلي يناهز 4 مليارات متر مكعب. أعادت برلين وضع الشركة تحت وصايتها في أبريل الماضي، لكن هذه الخطوة لم تكشف عن تفاصيل الملكية، مما جعل شركاء الأعمال والبنوك يمتنعون عن التعامل معها.
شركات روسية تحت الوصاية الأوروبية
قالت السلطات الألمانية في إعلان الاستحواذ، أمس، إن المديونية الثقيلة لـ"سكيورينغ إنرجي فور يوروب" وإفلاسها الوشيك من شأنه "تهديد أمن الإمدادات في ألمانيا".
أما السلطات في بولندا ففرضت "إدارة إجبارية مؤقتة" على حصة "غازبروم" في شركة "يوروبول غاز" (EuRoPol Gaz)، وهي الشركة التي تمتلك الجزء المحلي من خط أنابيب الغاز (يامال-أوروبا).
يعد طريق تدفق الغاز هذا واحداً من 3 وصلات رئيسية من روسيا إلى أوروبا، وكان يستخدم لنقل الوقود عبر بيلاروسيا وبولندا إلى ألمانيا قبل أن تحظر روسيا هذه التدفقات في مايو الماضي.
أصول الطاقة تشعل فتيل النزاع
لا تعد هذه المرة الأولى التي تتدخل فيها الحكومات الأوروبية لإدارة أصول الطاقة التي أصبحت محل نزاع بسبب الحرب. سيطرت ألمانيا أيضاً على الوحدة التابعة لشركة النفط الروسية العملاقة "روسنفت" في البلاد، إلى جانب تأميم حصتها في 3 مصافي نفط.
شركة "يونيبر" (Uniper)، أكبر مستورد للغاز في البلاد، أصبحت في طريقها هي الأخرى للتأميم، وتمتلك الشركة أصول طاقة بقيمة ملياري يورو داخل روسيا، والتي تخاطر الحكومة بخسارتها عند الانتهاء من الاستحواذ في نهاية العام الجاري.
رغم أن هذه التحركات قد تكون ضرورية لضمان تأمين التدفئة للمنازل والشركات في جميع أنحاء القارة، إلا أنها ستكون لها عواقب على الأرجح.
مخاطر قانونية ومجتمعية للتأميم
تحمل تلك التطورات مخاطر منها احتمال اتخاذ روسيا لإجراءات قانونية. وهناك معضلة أخرى هي أن دافعي الضرائب ربما يتحملون جزءاً كبيراً من الأضرار. فأصول الطاقة التي تستحوذ عليها حكوماتهم ملغمة بالمشكلات التي تتجاوز علاقاتهم بروسيا.
على سبيل المثال، تخوض "سكيورينغ إنرجي فور يوروب" مواجهة قانونية مع مجموعة "فيتول" العملاقة للسلع الرئيسية، والتي تهدد بوقف تسليم الغاز في خطوة قد تكلف الشركة الألمانية مليار يورو تقريباً.
لذلك، ورغم أن الانخفاض المعتدل في أسعار الغاز خلال الأسابيع القليلة الماضية قلص المخاوف الخاصة بتوفير الطاقة هذا الشتاء، إلا أن مشكلات الشركات وحدها تُظهر أن أزمة الطاقة لم تنته بعد، وأن تكلفة عمليات الإنقاذ قد تثقل كاهل المنطقة لسنوات.