مستثمرون يهرولون لاقتناص الفرص بعد منشور على "وي تشات" يتضمن خطة حكومية لرفع قيود "كورونا"

كيف ساهمت شائعة غامضة في ربح الأسهم الصينية 450 مليار دولار؟

نافذة تعكس مباني في بكين، الصين - المصدر: بلومبرغ
نافذة تعكس مباني في بكين، الصين - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

لا أحد متأكد تماماً من الذي كتبها؟، ومتى كتبت؟ أو ما إذا كانت صحيحة، لكن لقطة للشاشة (Screenshot) مؤلفة من أربع فقرات توضح بالتفصيل خطة إعادة فتح الصين كانت كافية بالنسبة للمتداولين لاقتناص الأسهم بسرعة على مدار يومين على التوالي.

بدأ المنشور الذي لم يتم التحقق منه، والذي يحتوي على أحرف سوداء على خلفية بيضاء بدون علامات تعريف، في الانتشار مساء الإثنين الماضي في مجموعات برنامج التواصل اجتماعي للمراسلة "وي تشات" المليئة بالمحللين ومديري الصناديق، وفقاً لحسابات عشرات المستثمرين الذين طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم. بحلول صباح اليوم التالي، كان المنشور ينتشر كالنار في الهشيم.

رفع قيود كورونا

زعمت لقطة الشاشة أنه في يوم الأحد، عقد المسؤول الصيني رقم (4) وانغ هونينغ - أحد سبعة رجال في "اللجنة الدائمة للمكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني" ذات النفوذ - اجتماعاً لخبراء "كوفيد-19" بناءً على طلب الرئيس شي جين بينغ، واصفة الرئيس شي بـ"الزعيم الكبير" واستخدمت أحرف "WHN" للإشارة إلى وانغ في محاولة لتجنب القائمين على الرقابة، الذين يراقبون بصرامة الرسائل ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بالنخبة السياسية في الصين.

بحسب المنشور، ناقش الممثلون في الاجتماع، الذي ضم أعضاء من دوائر الاقتصاد والدعاية، تسريع خطة إعادة فتح مشروطة، بهدف إعادة فتح على نطاق كبير بحلول مارس من العام المقبل.

اكتسب المنشور مزيداً من الزخم عندما تمت مشاركته في الساعة 11:26 صباحاً بواسطة حساب "Old Stock Trader96" على منصة (Xueqiu) المالية باللغة الصينية. بعد أقل من 20 دقيقة، غرّد الاقتصادي البارز هونغ هاو المقيم في هونغ كونغ شيئاً مشابهاً، وكانت الأسهم في مؤشر "MSCI للأسواق الناشئة" الصيني في طريقها إلى ارتفاع لتبلغ 320 مليار دولار. ثم حصدت المزيد من المكاسب في يوم الأربعاء، ووصل إجمالي المبلغ الذي حققته الأسهم خلال اليومين إلى 450 مليار دولار.

وضع اقتصادي قاتم

كان المستثمرون يبحثون عن أسباب تدفعهم لاقتناص الأسهم الصينية، التي تُعدّ من بين الأسوأ أداءً في العالم هذا العام، حيث ينمو الاقتصاد قرب أبطأ وتيرة له في أربعة عقود. شهدت الأسهم هبوطاً تاريخياً خلال الأسبوع الماضي بعد أن عزز الرئيس، شي سلطته خلال عملية إعادة توزيع كوادر تحصل كل عقدين، وتراجع اليوان إلى أدنى مستوى له في 14 عاماً.

أدت عمليات الإغلاق بسبب كورونا، وضعف الاستهلاك، وتدهور قطاع الإسكان إلى توقعات استثمار قاتمة في الصين. والآن بعد أن وضع شي حلفاءه في مناصب رئيسية، تتزايد الآمال حول اتخاذ خطوات لتحفيز الاقتصاد خلال الدورة السنوية المقبلة لـ"الهيئة التشريعية الصينية" التي ستعقد في شهر مارس.

يقول هونغ هاو، الشريك وكبير الاقتصاديين في صندوق التحوط "غرو إنفستمنت غروب" (Grow Investment Group): "إعادة الفتح ليس قراراً يمكن اتخاذه بين عشية وضحاها، ويجب أن يتم ذلك من خلال دراسة وتواصل دقيقين، وهذا هو السبب الذي يدفع معظمنا للاعتقاد أنه بعد الاجتماعين الذين ستعقدهما الهيئة التشريعية الصينية في مارس سيحل الوقت المناسب لإعادة الفتح".

أسعار النفط ترتفع بدعم تكهنات بإعادة فتح اقتصاد الصين

تعتبر الحادثة بمثابة مثال على مدى صعوبة الحصول على معلومات دقيقة في ثاني أكبر اقتصاد في العالم، حيث تُعد المداولات الحكومية الداخلية وتغييرات القيادة من الأسرار المحروسة بشدة. وهذا يعني أن التحولات الكبيرة في السياسة يمكن أن تتسرب في كثير من الأحيان بطرق غير معتادة، حتى لو لم يكن من الممكن التحقق منها على الفور.

الرد الحكومي على الإشاعة

ظلت الصين صامتة رسمياً بشأن هذه الشائعات، حيث تجاهلتها وسائل الإعلام الحكومية في اليومين الماضيين. بينما قال متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية خلال مؤتمر صحفي اعتيادي عُقِد يوم الثلاثاء إنهم لم يكونوا على علم بالشائعة، وتم حذف الأسئلة حول هذا الموضوع من النص الرسمي للإيجاز.

في يوم الأربعاء، انتشرت شائعات أخرى مع استمرار ارتفاع الأسهم. نشر مستخدم "تويتر" "Shanghai Macro Strategist" الذي يدّعي أنه خبير استراتيجي في شؤون الصين، ولديه أكثر من 14 ألف متابع، لقطات شاشة يُزعم أنها من شركتي سمسرة صينيتين أبلغتا عن التغييرات القادمة في سياسات "كوفيد" الصينية. يشار إلى أن المستخدم رفض التعليق بشكل أوسع في رسالة منه إلى "بلومبرغ نيوز".

أظهرت إحدى لقطات الشاشة أن شركة "هايتونغ سيكيوريتيز" (Haitong Securities) تقول إن اجتماعاً سيعقد يوم الجمعة لتخفيف متطلبات الحجر الصحي، وإزالة ما يسمى بآلية "قاطع الدائرة" الخاصة بحظر الرحلات الجوية، من بين إجراءات أخرى. بدورها قالت شركة السمسرة في ردٍّ بالبريد الإلكتروني على "بلومبرغ نيوز" إن لقطة الشاشة لم تكن حقيقية.

تخفيف الضوابط

استشهدت لقطة شاشة أخرى بثلاثة محللين من شركة "تيانفنغ سيكوريتيز" (Tianfeng Securities)، قائلين إنه سيتم تخفيف ضوابط مكافحة الفيروس. لكن عندما اتصلت بهم "بلومبرغ نيوز"، قال جميع المحللين الثلاثة إنهم ليسوا على علم بأي معلومات حول سياسة كوفيد.

على الرغم من أن الحكومة الصينية لا توفر سوى القليل من الشفافية، وتُقيّد حرية الصحافة بشدة، قال المسؤولون الصينيون إنه لا ينبغي للمستثمرين التبحر كثيراً في تقارير وسائل الإعلام الدولية حول ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

من جهته قال فانغ شينغهاي، نائب رئيس "لجنة تنظيم الأوراق المالية الصينية"، في تصريحات مسجلة مسبقاً لـ"قمة هونغ كونغ المصرفية" يوم الأربعاء: "كثير من التقارير الإعلامية - اسمحوا لي أن أصفها بهذه الطريقة – ليس لديها فهم جيد للصين ولديها تركيز قصير المدى... أنصح المستثمرين الدوليين بمعرفة ما يحدث حقاً في الصين، وما هي النية الحقيقية لحكومتنا بأنفسهم".

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك