يبدو أنَّ الاحتياطي الفيدرالي مستعد لتقديم زيادة رابعة كبيرة في أسعار الفائدة مع تكرار رئيسه جيروم باول لرسالته الحازمة بشأن التضخم وفتح الباب أمام تحول هبوطي دون التوجه بالضرورة نحوه الآن.
من المتوقَّع أن ترفع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة أسعار الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس، اليوم الأربعاء، إلى نطاق من 3.75 إلى 4%، وهو أعلى مستوى منذ عام 2008، حيث يواصل البنك المركزي حملته الأكثر تشدداً منذ الثمانينيات.
سيتم الإعلان عن القرار الساعة 2 بعد الظهر في واشنطن، وسيعقد "باول" مؤتمراً صحفياً بعد 30 دقيقة، ولن يتم الإعلان عن توقُّعات جديدة للاحتياطي الفيدرالي في هذا الاجتماع.
قد يؤكد رئيس البنك المركزي أنَّ صانعي السياسة النقدية سيظلون صامدين في معركتهم ضد التضخم، بينما يتركون الخيارات مفتوحة لاجتماعهم في منتصف ديسمبر، عندما تنقسم الأسواق بين حركة كبيرة أخرى أو تحول إلى 50 نقطة أساس.
في يوليو الماضي، فسّر المستثمرون تعليقات "باول" بشكل خاطئ على أنَّها تحوّل في السياسة على المدى القريب، مع انتعاش الأسواق استجابةً لذلك، مما خفف الظروف المالية، وجعل من الصعب على الاحتياطي الفيدرالي كبح الأسعار. وقد يرغب رئيس الاحتياطي الفيدرالي في تجنب الخطأ، حتى لو اقترح التحول إلى زيادات أصغر في الاجتماعات القادمة.
قالت جوليا كورونادو، مؤسسة شركة "ماكروبوليسي بيرسبكتيفز" (MacroPolicy Perspectives): "قد يرغبون في السير بشكل أبطأ فقط لمصلحة الاستقرار المالي؛ وهو تحدٍ للرسائل لأنَّهم لا يريدون تخفيف الظروف المالية بشكل كبير، بل هم بحاجة إلى ظروف مالية صارمة للحفاظ على تهدئة الاقتصاد. لذا فهو لا يريد أن يبدو متشائماً، لكنَّه قد يرغب في التحرك بشكل أبطأ".
يحاول "باول" كبح التضخم الأكثر ارتفاعاً منذ 40 عاماً وسط انتقادات بأنَّه كان بطيئاً في الاستجابة لارتفاع الأسعار العام الماضي. وأثارت هذه الارتفاعات اضطراب الأسواق المالية، إذ يخشى المستثمرون أن يؤدي الاحتياطي الفيدرالي إلى حدوث ركود.
تأتي الخطوة المتوقَّعة اليوم قبل أقل من أسبوع على انتخابات التجديد النصفي في الولايات المتحدة، فقد جعل الجمهوريون التضخم المرتفع قضية رئيسية، وحاولوا إلقاء اللوم على الرئيس جو بايدن وحزبه في الكونغرس. وفي الأسبوع الماضي، حثّ اثنان من أعضاء مجلس الشيوخ من الديمقراطيين "باول" على عدم التسبب في ألم لا ضرورة له من خلال رفع أسعار الفائدة بشكل كبير.
أسعار الفائدة
يتوقَّع الاقتصاديون بأغلبية ساحقة أنَّ اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة سترفع أسعار الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس، على الرغم من التطلعات إلى هبوطها إلى 50 نقطة أساس بدلاً من ذلك. ويتوقَّع المستثمرون التسعير الكامل بمقدار 75 نقطة أساس في اجتماع الاحتياطي الفيدرالي، وفقاً لأسواق أسعار الفائدة الآجلة.
أما بنك كندا؛ فقد أبطأ بشكل غير متوقَّع وتيرة ارتفاع أسعار الفائدة إلى نصف نقطة الأسبوع الماضي، على الرغم من أنَّ الاقتصاديين أشاروا إلى أنَّ حصة كندا المرتفعة من الرهون العقارية ذات السعر القابل للتعديل تزيد من تأثير الاقتصاد الكلي لزيادة أسعار الفائدة لدى البنك المركزي.
توقعات البنوك الكبرى لرفع الفائدة
البنك | الزيادة المتوقعة في نوفمبر | الزيادة المتوقعة في ديسمبر |
"بنك أوف أميركا" | 75 نقطة أساس | غير متوفر |
"باركليز" | 75 نقطة أساس | 75 نقطة أساس |
"سيتي غروب" | 75 نقطة أساس | 50 نقطة أساس |
"دويتشه بنك" | 75 نقطة أساس | 75 نقطة أساس |
"جيه بي مورغان تشيس" | 75 نقطة أساس | 50 نقطة أساس |
"غولدمان ساكس" | 75 نقطة أساس | 50 نقطة أساس |
"مورغان ستانلي" | 75 نقطة أساس | 50 نقطة أساس |
"ويلز فارغو" | 75 نقطة أساس | 50 نقطة أساس |
بيان اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة
من المرجّح أن يحتفظ البيان بتعهده بـ"الزيادات المستمرة" في أسعار الفائدة، ولكن يمكن "تعديل ذلك بشكل طفيف بطريقة ما للإشارة إلى القرب من نهاية الارتفاعات"، بحسب ما قال مايكل فيرولي، كبير الاقتصاديين الأميركيين في "جيه بي مورغان تشيس أند كو"، مضيفاً أنَّ أحد الخيارات هو القول بوجود "بعض الزيادات الإضافية".
[object Promise]المؤتمر الصحفي
قال "باول" منذ يوليو إنَّه سيكون من الضروري إبطاء وتيرة الارتفاعات في مرحلة ما، ومن المرجح أن يكرر ذلك مع ترك الخيارات مفتوحة في ديسمبر اعتماداً على البيانات الواردة. وسيكون هناك تقريران عن التوظيف، بالإضافة إلى تقريرين عن أسعار المستهلك قبل اجتماع 13-14 ديسمبر.
في هذا الصدد، قال درو ماتوس، كبير استراتيجيي السوق في "متلايف إنفستمنت مانجمنت" (MetLife Investment Management): "تريد الأسواق بعض المؤشرات على أنَّ الاحتياطي الفيدرالي سوف يتجه نحو التحول الهبوطي؛ وهذه المسألة الكاملة من التحول الهبوطي والانتقال إلى وتيرة أبطأ من الارتفاعات هي نتيجة الجهل بما ينبغي القيام به، لذلك إذا كانت السماء تمطر في الخارج وأنا أقود السيارة؛ فسوف أتباطأ".
المعارضات
يتوقَّع نحو ثلث الاقتصاديين وجود معارضة في الاجتماع. والمرشحون الأكثر ترجيحاً هم رئيسة الاحتياطي الفيدرالي في كانساس سيتي، إستر جورج، التي انشقت في يونيو لصالح زيادة أصغر، ورئيس الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس، جيمس بولارد، الذي انشق في مارس باعتباره من المراهنين على الصعود.
الميزانية العمومية
من المرجح أن يكرر الاحتياطي الفيدرالي خططه لتقليص ميزانيته العمومية الضخمة بوتيرة 1.1 تريليون دولار في السنة. ويتوقَّع الاقتصاديون أن تصل الميزانية العمومية إلى 8.5 تريليون دولار بحلول نهاية العام، لتنخفض إلى 6.7 تريليون دولار في ديسمبر 2024.
ومن غير المتوقَّع الإعلان عن مبيعات الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري.
الاستقرار المالي
من المرجح أن يتم تقديم تقرير عن الاستقرار المالي خلال الاجتماع، وفقاً لاقتصاديي شركة "نومورا" (Nomura)، وقد يُسأل "باول" عما إذا كانت وتيرة الارتفاعات واحتمالية حدوث ركود في الولايات المتحدة قد تتسببان في حدوث تداعيات دولية أو اضطرابات في أسواق الائتمان الأميركية. وتجاوزت عوائد سندات الخزانة لأجل ثلاثة أشهر عائد 10 سنوات الأسبوع الماضي، وهو ما يسمى "الانعكاس" الذي يُنظر إليه غالباً على أنَّه إشارة إلى الركود.
قال تروي لودتكا، كبير الاقتصاديين الأميركيين في شركة "ناتيكسيس نورث أميركا" (Natixis North America): "لسنا معتادين في الولايات المتحدة بأن نتعامل مع معدل 4.5% على الأموال الفيدرالية"، وهناك مخاوف من أن تتعطل أسواق الائتمان. ويضيف: "أما على الصعيد الدولي؛ فالمشهد أكثر ترويعاً، حيث يبدو الوضع في أوروبا فظيعاً، والصين ليست في حالة ركود، لكنَّني أعتقد أنَّه النمو الأبطأ لها منذ فترة طويلة".
أسئلة أخلاقية
كذلك يمكن سؤال "باول" عن الأحداث الأخيرة لإثارة تساؤلات حول معايير الأخلاق في البنك المركزي.
فقد كشف رئيس الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا رافائيل بوستيتش مؤخراً أنَّه انتهك سياسة البنك المركزي بشأن المعاملات المالية، مما دفع "باول" إلى مطالبة المفتش العام للاحتياطي الفيدرالي بمراجعة إفصاحاته المالية.
في حادثة منفصلة، حضر "بولارد" الشهر الماضي اجتماعاً استضافته "سيتي غروب" في واشنطن، ولم تُدعَ وسائل الإعلام لحضوره، وناقش فيه السياسة النقدية، إذ قال رئيس الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس منذ ذلك الحين إنَّه سيفكر بشكل مختلف في قبول مثل هذه الدعوات في المستقبل.