أنهت الأسهم الأميركية تعاملات يوم الثلاثاء منخفضة بعد أن كشفت الأرقام عن قوة سوق العمل بالولايات المتحدة مما عزز تكهنات بأن الاحتياطي الفيدرالي قد يستمر في سياسته التقشفية العنيفة حتى وإن هددت بركود الاقتصاد.
في هذا الوقت تُعتبر الأنباء السعيدة أنباء سيئة فيما يتعلق بتخمين السياسة، وقد خسر مؤشر "ستاندرد أند بورز 500" مكاسبه إذ سلطت الأرقام الأضواء على انتعاش غير متوقع في فرص العمل الشاغرة بالولايات المتحدة، مما قد يواصل الضغط على الاحتياطي الفيدرالي.
ارتفاع مفاجئ في عدد الوظائف الشاغرة بأميركا يزيد الضغوط على "الفيدرالي"
هذه هي المرة السادسة والعشرون في عام 2022 التي يمحو فيها مؤشر سوق الأسهم مكاسبه أو يخسر 1% على الأقل من قيمته في جلسة واحدة– في أكبر عدد لمرات الخسائر في عام منذ الأزمة المالية العالمية.
قال رونالد تمبل، رئيس قطاع الأسهم الأميركية لدى شركة "لازارد أسيت مانجمنت" لإدارة الأصول: "إذا استرشدنا بتقرير اليوم حول فرص العمل فإن أي أمل في تحول الاحتياطي الفيدرالي إلى سياسة تيسيرية يصبح في غير محله. ورغم أي دلائل أخرى على تباطؤ سرعة النشاط الاقتصادي، تشير بيانات فرص العمل ومعها أرقام نمو جداول الأجور في الوظائف غير الزراعية إلى أن الاحتياطي الفيدرالي يبعد كثيراً عن النقطة التي يعلن عندها انتصاره على التضخم ويرفع قدمه عن مكابح عجلة الاقتصاد".
أسهم التكنولوجيا
تقرير الوظائف الأميركية الذي سيصدر يوم الجمعة ينتظر أن يكشف عن أن أصحاب العمل بالولايات المتحدة أضافوا نحو 196 ألف عامل إلى قوائم الأجور في شهر أكتوبر. ويتوقع الاقتصاديون أن ترتفع نسبة البطالة إلى 3.6% وأن يحقق متوسط الأجر في الساعة زيادة قوية أخرى.
ضغطت أسهم شركات التكنولوجيا العملاقة على حركة الأسهم يوم الثلاثاء، وانخفض سهم "أبل" بنسبة 2%، وسجل سهم "أمازون" أدنى مستوى له منذ عام 2020، في حين قفزت أسهم شركة "ميتابلاتفورمز" المالكة لمنصة "فيسبوك"، وبعد تسجيل أفضل أداء شهري له في 46 عاما، تحرك مؤشر داو جونز الصناعي قرب مستوى مقاومة شهد وقف المؤشر محاولتين للصعود في الأشهر القليلة الماضية. وارتفعت عوائد سندات الخزانة أجل عامين، وهي التي تتسم بحساسية أكثر لإجراءات الاحتياطي االفيدرالي الوشيكة.
داو جونز الأفضل أداء بين مؤشرات الأسهم الأميركية في أكتوبر
أثر على حركة السوق أيضاً تقرير منفصل يكشف عن أن قطاع الصناعة بالولايات المتحدة اقترب من الكساد في شهر أكتوبر مع انكماش الطلب للمرة الرابعة في 5 أشهر، في حين أن مؤشراً على الأسعار المدفوعة انخفض إلى أدنى مستوى منذ عامين. وتعزز هذه الأرقام دلائل الركود مع تصعيد البنوك المركزية إجراءاتها في مواجهة التضخم ولوضعه تحت السيطرة.
مخاطرة الاحتياطي الفيدرالي
بالنسبة إلى مات مالي من شركة "ميلر تاباك+"، كثير مما سيحدث في الأسواق على مدى الأسابيع القليلة المقبلة سيعتمد على إشارات باول التي سيعطيها يوم الأربعاء، إضافة إلى كلمة الاحتياطي الفيدرالي اللاحقة. ويقول توم بورسيلي من شركة "آر بي سي كابيتال ماركتس" إن رئيس الاحتياطي الفيدرالي إذا كان حقاً يريد الانتقال إلى مرحلة رفع الفائدة بنسبة أقل، فعليه أن يحافظ على درجة من التشدد لأن هناك مخاطرة "معقولة بأن يتسبب في الفوضى والتخبط".
ولاحظت سيما شاه، كبيرة استراتيجيي السوق العالمية لدى شركة "برينسيبال أسيت مانجمنت" (Principal Asset Management) : "لأننا لم نبلغ بعد ذروة عمليات رفع الفائدة من جانب الاحتياطي الفيدرالي، فمن غير المرجح بدرجة كبيرة أن نكون قد بلغنا فعلاً قاع السوق في هذه السنة، خاصة في ضوء تاريخ زيادة أسعار الفائدة الفيدرالية التي تبلغ ذروتها قبل هبوط السوق". وهي تتوقع أن نبلغ قاع السوق في هذه الدورة على الأرجح في الربع الأول أو الثاني من عام 2023.
أما الآن فإن شاه تتوقع استمرار التقلب في الأسواق وفي معدلات التضخم جنباً إلى جنب مع رفع الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة في الأشهر القليلة الأخيرة من عام 2022 وفي الأشهر الأولى من العام القادم.
"الفيدرالي" قد يرفع الفائدة إلى 5% ويتسبب بركود عالمي
تقول لورين غودوين من شركة "نيويورك لايف إنفستمنتس" إنها تعتقد أن الاحتياطي الفيدرالي قد يوقف رفع أسعار الفائدة قريباً حتى إذا استمرت قوة معدلات التضخم، مشيرة إلى أن الأوضاع المالية أصبحت تقشفية إلى درجة كبيرة، وينبغي أن يُعتبر ركود الاقتصاد هو السيناريو الافتراضي الآن.
أضافت غودوين: "دعني أوضح أن توقف الاحتياطي الفيدرالي عن رفع الفائدة ليس هو نفسه تحول في سياسته. وقطعاً، يمكن أن يتسبب تدهور أوضاع الاقتصاد وظروف الائتمان في أن يتحول الاحتياطي الفيدرالي قليلاً عن سياسته عند نقطة معينة، غير أن تحولاً كاملاً إلى منطقة السياسة التيسيرية غير مرجح إلى درجة كبيرة في السنة القادمة".
في وقت مبكر من اليوم، ساهمت تكهنات بأن الصين تستعد إلى التخلي تدريجياً عن سياستها المتشددة المتعلقة بصفر كوفيد في ارتفاع أسعار الأسهم. وصعد مؤشر يقيس أسهم البلاد المدرجة في بورصة هونغ كونغ بنسبة 7% تقريباً في وسط التعاملات. غير أن الأسهم فقدت بعض مكاسبها بعد إعلان متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية تشاو ليجيان أنه "لا يعلم" عن وجود لجنة معنية بإنهاء هذه السياسة.