أقرّت الحكومة المغربية تعديلات على ضرائب الشركات، بهدف زيادة الإيرادات وتخفيف عجز الميزانية للأعوام المقبلة. لكنها تعهّدت، في المقابل بمنح الشركات الخاصة دعماً مالياً لتشجيعها على الاستمرار والاستثمار.
يتضمن مشروع موازنة 2023 رفعاً جديداً على ضريبة الشركات، بشكلٍ تدريجي خلال السنوات الأربع القادمة. كما ينص على تمديد العمل بضريبة إضافية على الأرباح الكبرى تُسمّى "المساهمة الاجتماعية للتضامن".
بحلول عام 2026، سترتفع ضريبة الشركات من 10% إلى 20% بالنسبة للتي تقل أرباحها السنوية عن 100 مليون درهم (تعادل 9.2 مليون دولار)، وإلى 35% للشركات التي تزيد أرباحها على 100 مليون درهم، مقابل 31% حالياً. في حين ستدفع البنوك وشركات التأمين ضريبة تبلغ 40% مقارنةً بـ37% حالياً.
موازنة المغرب 2023 تقفز بأكثر من 15% إلى 54 مليار دولار
حكيم مراكشي، رئيس لجنة الضرائب والجمارك بالاتحاد العام لمقاولات المغرب، الممثل للقطاع الخاص في المملكة، توقّع بتصريح لـ"الشرق" أن رفع الضريبة على البنوك "لن يترتب عنه أي زيادة في معدلات الفائدة على الاقتراض، نظراً لكون الضرائب لا تؤثر على التكاليف وإنما تحتسب على الأرباح".
سابقاً، كانت الشركات التي تحقق أرباحاً سنوية بأقل من 300 ألف درهم تدفع ضريبة 10%، لكن هذا المعدل تم حذفه واعتماد 20% كأقل نسبة، وهو ما قد يؤثر على الشركات الصغيرة والمتوسطة.
إلى ذلك، سيستمر فرض ضريبة "المساهمة الاجتماعية للتضامن" على الأرباح حتى نهاية 2025، بنسبة تناهز 1.5% للأرباح التي تتراوح ما بين 1 و5 ملايين درهم، و2.5% لما بين 5 و10 ملايين، و3.5% لما بين 10 إلى 40 مليون، و5% للأرباح التي تتجاوز 40 مليون درهم.
تتوقع الحكومة تحصيل إيرادات تبلغ 61 مليار درهم عن طريق رفع الضريبة على الشركات، مقابل 52 مليار درهم للعام الجاري، ما يمثّل زيادة قدرها 18.18%.
الوضع معقد
خلال كلمة ألقاها مؤخراً في البرلمان، أشار رئيس الحكومة عزيز أخنوش إلى إن "التعديلات التي طالت ضرائب الشركات يفرضها الوضع الاستثنائي الذي يتطلب تحمل الأعباء من قِبل الجميع، في إطار "المواطنة الضريبية" للتخفيف من الفجوة بين إيرادات ومصاريف الميزانية العامة".
يستهدف المغرب خلال موازنة 2023 تحقيق نمو 4%، مقابل 1.5% فقط هذا العام بسبب تأثير الجفاف على مساهمة القطاع الزراعي في الاقتصاد الوطني. كما يراهن على حصر العجز في حدود 4.5%، مقابل 5.3% المتوقع مع نهاية 2022.
قفزة الإيرادات تخفض عجز ميزانية المغرب بأكثر من 60%
أخنوش شدّد على أن "فرض بعض الزيادات في الضرائب على الشركات التي حققت أرباحاً هو ترجمة لمواطنة ضريبية في ظرف صعب ومعقد"، منوّهاً بأن "المغاربة سيتذكرون أنه في عز الأزمة لعبت الشركات دوراً وطنياً في التماسك الاجتماعي وحماية مشاريع الدولة".
مسؤول في بنك مغربي كبير، علّق على رفع الضريبة على الشركات وخصوصاً البنوك والتأمين، بقوله لـ"الشرق"، شريطة عدم ذكر اسمه، إن "الحكومة كان عليها إضافة قطاعات أُخرى تحقق أرباحاً كبيرة، مثل توزيع المحروقات والمعادن"، ونبّه إلى أن رفع الضريبة من 10% إلى 20% على الأرباح التي لا تتجاوز 300 ألف درهم "سيكون بمثابة ضربة قاسية للشركات الصغيرة".
من جانبه، اعتبر حكيم مراكشي أن "انخفاض أرباح البنوك قد يؤدي إلى تباطؤ في نمو أصولها وبالتالي خفض حجم القروض، ما لم يكن هناك إجراء تحفيزي من طرف البنك المركزي".
تُصنّف البنوك وشركات التأمين من القطاعات التي لا تتأثر كثيراً بالأزمات، حيث حافظت خلال السنوات الماضية على هامش ربح لا بأس به، عكس القطاعات الأخرى التي تأثرت بشكل كبير على مستوى الأرباح.
الرهان على الاستثمار
بموازاة الإصلاح الضريبي، تعمل الحكومة المغربية على تحفيز القطاع الخاص لضخّ مزيد من الاستثمارات، للمساهمة في النمو الاقتصادي، وبالتالي تخفيف العبء عن كاهل الإنفاق العمومي على الاستثمار، الذي يمثّل نسبة مهمة في ميزانية الدولة على حساب توفير الهوامش المالية الضرورية.
خصص المغرب ميزانية غير مسبوقة للاستثمار الحكومي في 2023 بنحو 300 مليار درهم، مقابل 245 مليار درهم للعام الجاري، بينما يتم الرهان على رفع حصة الاستثمار الخاص إلى الثلثين، مقابل الثلث حالياً، وذلك عن طريق اعتماد قانون جديد يتيح حوافز مالية وضريبية للمستثمرين.
المغرب يطلق مبادرة لضخ استثمارات بـ50 مليار دولار خلال 5 سنوات
بالإضافة إلى الإنفاق العمومي، أطلق المغرب برنامجاً لحشد استثمارات بـ50 مليار دولار في أفق عام 2026، بالتعاون مع القطاع الخاص والمصارف، كما سيتم تفعيل صندوق الاستثمار الاستراتيجي بـ45 مليار درهم بدعم من صناديق سيادية خليجية.
بموجب قانون الاستثمار الجديد، يسعى المغرب لتشجيع الاستثمار في المدن البعيدة عن المدن الكبرى، لضمان توزيع عادل للتنمية على مستوى البلاد، وسيتم منح دعم خاص لقطاعات جديدة، وحوافز إضافية للاستثمار في المناطق البعيدة عن المناطق المعتادة للاستثمار، أي بعيداً عن محور "الدار البيضاء- الرباط- طنجة".