برغم نمو أرباح قطاع الطاقة بنسبة 124% على أساس سنوي، لكنَّها تراجعت عن الربع السابق، مما يترك للمستثمرين ملاذات أقل للاختباء في بيئة السوق الصعبة الحالية.
بينما كان من المتوقَّع أن تعاني سلسلة مكاسب شركات النفط الكبرى من كبوة بسيطة في الربع الثالث؛ فإنَّ ما سيأتي لاحقاً هو ما يقلق المستثمرين، حيث تزداد الآفاق سوءاً مع تصاعد المخاوف من الركود، والتي قلصت أسعار الخام بأكثر من الثلث من أعلى المستويات التاريخية المشهودة العام الجاري.
قال خواكيم كليمنت، مدير الاستراتيجية والمحاسبة والاستدامة في "ليبيروم كابيتال" (Liberum Capital): "أخذت السوق في حسبانها قدراً كبيراً من تراجع الأرباح لكن ليس كله.. نتوقَّع أن تهبط أسهم النفط والغاز بمقدار 15% إلى 25% قبل أن تصل للقاع، وفي 2023؛ نتوقَّع أن يصبح أداء القطاع أسوأ من السوق".
تحول صارخ
قد يتأثر مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" بذلك، بعد أن تعزز إنجازه بفعل الأداء المتفوق للطاقة العام الجاري، ويتسع انخفاض المؤشر منذ بداية العام إلى الآن من 19% إلى أكثر من 21% إذا ما تم استثناء أسهم الطاقة التي ارتفعت بنحو 59% العام الجاري، متجاوزة صعود النفط نفسه، وكانت أرباح المؤشر في الموسم الجاري ستنكمش 4.1% على أساس سنوي لولا قطاع الطاقة الذي رفع نمو الأرباح الإجمالية إلى 2.5%، وفق تحليل "بلومبرغ إنتليجنس".
أرباح عمالقة النفط تواصل الصعود رغم أزمات الاقتصاد العالمي
قال المحللان في "بلومبرغ إنتليجنس"، جينا مارتن آدامز وويندي سونغ، إنَّ الربع الثالث قد يكون آخر الأرباع العظيمة للقطاع، ويقدر تحليل "سونغ" أن يتبدد نمو أرباح شركات الطاقة في الربعين المقبلين، وأن يبدأ في الانكماش بالربع الثاني في 2023.
سيشكل ذلك تحولاً صارخاً لمجال كان يعد محركاً لنمو أرباح مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" منذ بداية 2021، وسيترك ذلك الأمر المستثمرين يبحثون عن مجموعات الشركات التي كانت متأخرة عن السوق مثل شركات السلع الاستهلاكية التقديرية، بحسب ما كتب كل من "آدامز وسونغ".
الرابح الوحيد
من المقرر أن تعلن أكبر شركات النفط والغاز المتداولة في البورصة في العالم عن نتائج أعمالها الأسبوع الجاري، بما في ذلك "شل" و"توتال إنرجيز"، و"إكسون موبيل"، و"شيفرون كورب". بالنسبة للمستثمرين؛ فإنَّ الفترة الحالية ستختبر مرونة القطاع، الرابح الوحيد في مؤشر "إم إس سي آي العالمي" العام الجاري.
قالت إيستي دويك، رئيسة الاستثمار في "فلو بنك" (Flowbank SA) إنَّ: "أسهم الطاقة تستفيد من التعافي عبر الأسواق.. والتوقُّعات بأنَّ الأرباح ستظل قوية للغاية في الربع الثالث ربما لن تكون بالمستويات المشهودة خلال الربع الثاني من الآن فصاعداً، لكن لا أعتقد أنَّها ستتدهور بحدة أيضاً إلا في حال وقوع ركود عميق أو تباطؤ كبير في الصين".
اقرأ أيضاً: إنفوغراف.. أرامكو ثاني أقوى علامة تجارية بين شركات الطاقة بعد شل
لكنَّ نظرة "وول ستريت" للأسهم لم تتأثر سلباً تقريباً، ويتفاءل المحللون بشأن أسهم الطاقة أكثر من بقية السوق، ويوصون بشراء 65% من أعضاء مؤشر الطاقة الفرعي في "ستاندرد آند بورز 500" مقارنة بـ57% لبقية المؤشر.
تساعد الأرباح الجيدة العام الجاري في تفسير هذه التوصيات، فقد تمكّنت شركات الطاقة العام الجاري من خفض الديون وتقديم توزيعات أرباح قياسية وإعادة شراء ملايين الأسهم، وهي خطوات يحبها المساهمون والتي دعمت الأسهم حتى مع تراجع الخام.
يلحق مؤشر الطاقة في "ستاندرد آند بورز 500" بتوقُّعات المحللين، برغم أنَّ التقديرات بدأت في التراجع، وهو ما قد يخيّب آمال المستثمرين إذا فشلت الشركات في تحقيق تقديرات "وول ستريت"، أو إذا انخفضت الأرباح انخفاضاً كبيراً في الأرباع القادمة، ويظهر مؤشر "سيتي غروب" بالفعل أنَّ خفض تقديرات القطاع تجاوز ترقيتها في أسبوعين من الأسابيع الثلاثة الماضية، وهو حدث غير عادي خلال العام الجاري.
تأثير طفيف
يتوقَّع محللو "إتش إس بي سي" أن تكون الضربة طفيفةً على شركات مثل "بريتيش بتروليوم" و"شل" و"توتال إنرجيز" جزئياً لأنَّ الاتحاد الأوروبي لا يستطيع فرض ضرائب على أرباح فُرضت الضرائب عليها بالفعل في دول خارج الكتلة، ويرى "غولدمان ساكس" تأثيراً يتراوح من 0% إلى 8% على التدفقات النقدية الحرة لشركات النفط الأوروبية الكبرى من الضرائب على الأرباح غير المتوقَّعة، وما يزال محللو البنك يوصون بهذا القطاع، ويرجع ذلك جزئياً إلى قوة المراكز المالية والتدفقات النقدية للشركات.
"توتال" قد تدفع مليار دولار ضرائب أرباح مفاجئة للاتحاد الأوروبي
في حين يرى "إتش إس بي سي" مجالاً لتعافٍ في أسعار النفط، إذ ما يزال يقول إنَّ نهاية عصر نمو الأرباح تبدو في الأفق، ويتوقَّع البنك أنَّ كل شركة نفط كبيرة ستظهر تراجعاً في نمو الأرباح في الربع الجاري.
كتب محللو البنك الأسبوع الجاري: "من الواضح أنَّ القطاع تجاوز حالياً ذروة الأرباح المطلقة وزخم الأرباح على حد سواء".