انتهاء برنامج شراء بنك إنجلترا للسندات يُعرض أسواق بريطانيا لبداية محمومة هذا الأسبوع

"ترس" تستعد لمواجهة مباشرة مع الأسواق دون مساندة من البنك المركزي

ليز تروس تتحدث في مؤتمر صحفي - المصدر: بلومبرغ
ليز تروس تتحدث في مؤتمر صحفي - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

ستحصل الأسواق المالية في المملكة المتحدة على فرصة جديدة لإصدار حكم على البرنامج الاقتصادي لرئيسة الوزراء ليز ترس، اليوم الاثنين، دون وجود بنك إنجلترا في الصورة لتعويض أي اضطراب.

نادراً ما تكون الثروة السياسية للاقتصاد البريطاني المتقدم عالقة في تقلبات السوق؛ حيث أدى رفض المتداولين الحاسم للخطة المالية لرئيسة الوزراء إلى دفع الجنيه الإسترليني إلى أدنى مستوياته، وأجبر "ترس" على إقالة المستشار كواسي كوارتنغ، ما أدى إلى التراجع عن بعض التخفيضات الضريبية البارزة. بينما أصبحت التساؤلات مطروحة حول ما قد يتطلبه الأمر لإعادة ثقة المستثمرين، ومستقبل "ترس" نفسها أيضاً.

في هذا الصدد، قال أندرو بيلي، محافظ بنك إنجلترا، إنه تحدّث بالفعل إلى وزير المالية البريطاني الجديد، جيريمي هانت، واتفقا على أهمية الاستدامة المالية. كان ذلك بعد ظهور غير مقنع لـ "ترس"، يوم الجمعة، حيث اعترفت رئيسة الوزراء بالمأزق الاستثنائي الذي وقعت فيه، قائلة "نحن بحاجة إلى التحرك الآن لطمأنة الأسواق بشأن انضباطنا المالي".

قد تساعد التدخلات الأخيرة من قبل المسؤولين في تهدئة توتر السوق. ومع ذلك، حتى التحركات التي لم يكن من الممكن تصورها سابقاً من جانب حكومتها لم تثبت أنها كافية لإعادة المستثمرين إلى جانبها، ومع انتهاء برنامج شراء بنك إنجلترا للسندات بشكل طارئ الآن، تستعد أسواق المملكة المتحدة لبداية محمومة أخرى لهذا الأسبوع.

قال روهان خانا، محلل الأسعار في "يو بي إس إيه جي" (UBS AG): "من الواضح أن الثقة تضررت بسبب ما حدث خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، وقد يستغرق بناء تلك الثقة بعض الوقت".

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ

سيعطي بدء التداول بالجنيه نظرة ثاقبة حول ما إذا كانت الحكومة قد فعلت ما يكفي في الوقت الحالي لتخفيف مخاوف السوق، لكن بالنسبة للمستثمرين، فإن سوق السندات الحكومية البريطانية هي الأساس.

في حين أن الناحية المالية تبدو الآن مدعومة بشكل أكبر في ظل وجود "هانت" كمستشار، لا يزال هناك عدم يقين بشأن ما إذا كانت صناديق الاستثمار المدفوعة بالالتزامات، والاستراتيجيات المستخدمة من قبل صناديق التقاعد التي أدت إلى تفاقم عمليات بيع سوق السندات الحكومية البريطانية، لديها الوقت لإعادة بناء المخزونات الوقائية النقدية قبل انتهاء دعم بنك إنجلترا أم لا.

قال "خانا": "من الواضح أن الرسالة القادمة من الحكومة يجب أن تكون مصدراً لدعم السوق، ولكن من الصعب بالفعل تحديد مقدار التسويات من مجتمع الاستثمار المدفوع بالالتزامات والذي لا يزال مُعلقاً".

ستستأنف السندات البريطانية التداول في الساعة 8 صباح اليوم الاثنين في لندن. حيث قد يؤدي ارتفاع آخر في العائدات إلى مزيد من التحركات من جانب مكتب رئيسة الوزراء، أو حتى خطة دعم جديدة من بنك إنجلترا. وستكون مزادات السندات يومي الثلاثاء والأربعاء أيضاً من بين الأمور التي تجب مراقبتها.

تراجع سندات الحكومة

يُشار إلى أن ظهر يوم الجمعة أعطى فكرة مقلقة لما قد يحدث، ففي حين تمتعت سندات الحكومة البريطانية بارتفاع قوي مع انتشار شائعات حول حدوث تحول في الاتجاه المعاكس، إلا أنها تراجعت بعد أن عقدت "ترس" مؤتمراً صحفياً مخيباً كان يفتقر إلى التفاصيل حول كيفية تخطيطها لملء الثقب الأسود المالي في المملكة المتحدة.

دفعت عمليات البيع الدراماتيكية يوم الجمعة عائدات سندات الخزانة لأجل 30 عاماً إلى 4.78% عند الإغلاق، مقتربة من مستوى 5% الذي يراه البعض بمثابة علامة فاصلة لتدخل بنك إنجلترا. وتأرجحت الأوراق المالية بما يقرب من 60 نقطة أساس في غضون ساعات، على غرار التحركات المذهلة التي دفعت بنك إنجلترا إلى السوق الشهر الماضي. كما شهد الجنيه يوماً سيئاً، حيث انخفض بنسبة 1.4%. وقبل ثلاثة أسابيع وصل إلى مستوى قياسي منخفض بلغ 1.0350 دولار.

من جانبه قال ريتشارد ماكغواير، الاستراتيجي في "رابوبنك" (Rabobank) في لندن: "لم تكن السوق متحمسة بفعل المؤتمر الصحفي القصير بشكل ملحوظ؛ ومن غير المرجح أن يؤدي عكس المسار إلى استعادة المصداقية عندما يحدث ذلك، في حين أن التضحية بـ(شريك الجريمة) مسألة غير واردة للطرفين نظراً لأن مقترحات السياسة كانت جهداً مشتركاً على نحو واضح".

غياب الدعم

كتبت دانييلا راسل، محللة الأسعار في "إتش إس بي سي هولدينغز" (HSBC Holdings) في مذكرة للعملاء: "لا تزال النظرة المستقبلية للسياسة والسوق غير مؤكدة ويستمر الوضع في التحرك بسرعة، والسؤال الفوري للمستثمرين المذهلين ما يزال: كيف ستتعامل السوق مع نهاية الدعم؟"

انتهى شراء بنك إنجلترا للسندات بشكل طارئ - الذي تم الإعلان عنه في قلب اضطراب السوق الذي أعقب الخطة المالية للحكومة الفاشلة - يوم الجمعة مع قيام البنك بشراء ما يقرب من 20 مليار جنيه إسترليني من السندات. وفي حين أن هذا يمثل جزءاً بسيطاً من مخزونه البالغ 100 مليار جنيه إسترليني، إلا أنه جلب قدراً بسيطاً من الهدوء للأسواق المضطربة التي يتعين عليها الآن أن تسير بمفردها.

لا تزال هناك آمال في أن يقوم بنك إنجلترا بالمزيد، حيث دعا البعض المحافظ إلى تفعيل تعهد رئيس البنك المركزي الأوروبي السابق ماريو دراغي بإنقاذ اليورو.

بالإضافة إلى ذلك، قال مارك كيرستين، مدير المحفظة في "يونيون إنفستمنت" (Union Investment)، فرانكفورت: "إذا كانت السوق تنهار حقاً مرة أخرى، فلا أرى أي خيار سوى أن يتقدم بنك إنجلترا مرة أخرى للتدخل، ويمكن أن تكون هذه لحظة يفعل فيها أندرو بيلي كل ما يتطلبه الأمر لإنقاذ الموقف".

في خطاب ألقاه في واشنطن، يوم السبت، أكد فيه انتهاء عمليات الشراء، قال المحافظ "بيلي" إن بنك إنجلترا لا يحاول توجيه عائدات السندات. وأضاف: "لن نتردد في رفع أسعار الفائدة للوفاء بالتضخم المستهدف. وبالنظر إلى الأمور اليوم، فإنّ أفضل تخمين لديّ هو أن الضغوط التضخمية ستتطلب استجابة أقوى مما كنا نعتقد في أغسطس".

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك