يقول صانعو الصفقات إن كبار المديرين التنفيذيين في قطاع التكنولوجيا يتأملون ويحلمون بصفقات هائلة بعد سنة استثنائية لصفقات الاستحواذ والاندماج التكنولوجية الهائلة في مجالات من الرقاقات وحتى البرمجيات المؤسساتية.
وصل الحجم العالمي للاندماجات والاستحواذات بين شركات التكنولوجيا والإنترنت إلى 470 مليار دولار في عام 2020، لا يسبقه إلا "فقاعة دوت كوم" في عام 2000، وفقاً للبيانات التي جمعتها بلومبرغ.
إن إعلان "سيلزفورس" (Salesforce.com) في ديسمبر بأنها ستشتري "سلاك تكنولوجيز" (Slack Technologies) مقابل 25 مليار دولار، وهي أضخم صفقة برمجيات في العام، قد يُحفّز مزيداً من الشركات على العودة إلى قائمة أمنياتها، على حد قول المستشارين.
وقال سام بريتون، الرئيس المشارك لوحدة التكنولوجيا والإعلام والاتصالات العالمية في مجموعة "غولدمان ساكس": "بمجرد ظهور هذه الصفقات إلى العلن، سيصبح للكثير من الأشخاص الذين يلاحقون صفقات أحلامهم باستخدام العملات مبررات لدى الآخرين، وأنا أظن أننا سنرى بعض الأمور المشابهة، وربما لن تكون بهذا الحجم، لكن من الأشخاص الذين يحاولون الحصول على صفقات أحلامهم".
سيراقب المشترون المحتملون ما إذا كان السوق ستدعم أسهم المستحوذين الذين يقومون بالصفقات. تراجعت أسهم "سيلزفورس" (Salesforce) بحوالي 14% منذ صفقة "سلاك" لتمحو بذلك 32 مليار دولار من تغطيتها السوقية فيما يمكن أن يكون رواية تحذيرية.
كان المشترون الآخرون أفضل حالاً مع صفقات أصغر حجماً. فقد حققت أسهم "تويلو" (Twilio) مكاسب بقيمة 4 مليارات دولار في أسهمها من حيث القيمة السوقية في أكتوبر؛ عندما أعلنت عن صفقة تشمل كل الأسهم بقيمة 3.2 مليار دولار لشراء شركة بيانات المستهلكين "سيغمنت" (Segment)
يتوقع المستشارون أن تتابع شركات التكنولوجيا المؤسساتية التي تتراوح قيمتها السوقية ما بين 20 إلى 100 مليار دولار عمليات الاستحواذ مع ميلها للاستيلاء على شركات مثل "أدوبي" (Adobe) و"سيلزفورس"، التي كانت فيما مضى شركة برمجيات ناشئة، وأصبحت قيمتها السوقية الآن أكثر من 200 مليار دولار.
قد تتضمن فئة المستحوذين الكبار التالية "تويلو" و"سيرفسناو" (ServiceNow) و"سنوفليك" (Snowflake) و"زووم فيديو كومينيكشنز" (Zoom Video Communications) و"أوكتا" (Okta)، على حد تعبير المصرفين المهتمين بهذا القطاع.
في هذه الأثناء، قد تكون شركات تكنولوجية أخرى مثل "ساب" (SAP) و"أوراكل" (Oracle) تدرس صفقات تحويلية مشابهة لصفقة "آي بي ام" في عام 2019 عندما اشترت "ريد هات" (Red Hat).
بريق الاكتتاب العام الأولي
يجب على كبار اللاعبين في مجال التكنولوجيا ملاحقة الشركات الخاصة لتبيع لهم بدلاً من تحولها إلى شركات عامة في بيئة قوية للاكتتاب العام الأولي. وقد رحبت السوق بالظهور الأولي للأسهم في العام الماضي لشركات مثل "سنوفليكس" و"إير بي إن بي" (Airbnb) من خلال مضاعفة أسعار أسهمها. وكوفئت "داش دور" (DoorDash) بقفزة قوية في سعر السهم في اليوم الأول بلغت 86%.
يمكن لسوق الاكتتابات العامة الأولية الحيوية أن يضيف إلى عمليات الاندماج والاستحواذ، خاصة أن الاكتتابات العامة الأولية التي تقوم بها شركات "شيكات على بياض" لا تزال في تصاعد. وما أن تصبح الشركة عامة، حتى تبدأ شركات الاستحواذ لأغراض خاصة (SPAC) بصيد أهداف الاندماج.
يقول ماركو كاغيانو، الرئيس المشارك لقسم الاستحواذ والاندماج في أمريكا الشمالية في "جيه بي مورغان تشايس" إن "سوق الاكتتابات العامة الأولية لا يقلل من عمليات الاستحواذ والاندماج، بل إنه في الواقع يحفز المزيد من شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة، والتي بدورها تزيد من حجم عمليات الاستحواذ والاندماج".
ورغم أن جائحة فيروس كورونا قد أضرت بكثير من الصناعات، إلا أنها سلطت الضوء على الفضاء التكنولوجي مع تحول جزء كبير من الحياة إلى العالم الافتراضي. حصل كبار المدراء التنفيذيين على مقاعد في الصف الأول لمشاهدة أنظمة تقنية المعلومات الخاصة بهم خلال الوباء، والتي يمكنها أن تغذي الإنفاق على تقنية المعلومات لعقود طالما أن الشركات قادرة على التأقلم مع الطرق الجديدة للعمل، على حد قول جايسون أورباش، الرئيس المشار لقسم "تي إن تي" العالمي في "يو بي إس غروب".
ويضيف أورباش: "أينما توجد هذه الأنواع من النقلات في الإنفاق التكنولوجي، فإنها تحفز عمليات الاندماج والاستحواذ. بالنسبة لكثير من الشركات التكنولوجية الضخمة، إن أردت الاستمرار في التطور والنمو، فالاندماج والاستحواذ سيستمران في كونهما أكثر الطرق كفاءة للقيام بذلك في غالبية الوقت".
بايدن، وشركات التكنولوجيا الضخمة
سيبقى التنفيذيون يقظين للإشارات المتعلقة بكيفية معاملة إدارة الرئيس بايدن، التي لا تزال قيد التشكيل، لشركات التكنولوجيا الضخمة. ويقول المستشارون إنه من المبكر للغاية الحديث عن موقف الإدارة التنظيمي من الصفقات التكنولوجية.
ويعتقد غالبية المصرفيين بأنهم سيستمرون في العمل ضمن فرضية أن الشركات التكنولوجية يمكنها المتابعة في القيام بصفقات ضخمة باستثناء الأربعة الكبار، "أمازون" و"آبل" و"الفابيت" و"فيسبوك".
من المحتمل أن يؤثر أحد العوامل على ترتيب الصفقات، ألا وهو أي تغيير في النظام الضريبي في ظل إدارة بايدن. وترى تينا لونغفيلد، مديرة قسم الاندماج والرئيس المشارك للبرمجيات في "ترويست" (Truist) أن بعض التنفيذيين يمكنهم أن يحاولوا إنجاز بعض الصفقات قبل حدوث ذلك.
وتقول لونغفيلد: "هناك بعض المديرين التنفيذيين والمؤسسين الذين ينخرطون مع الذين يفكرون بشأن ضرائب أرباح رأس المال، وبالتالي، فقد عبروا عن رغبتهم بالحصول على السيولة هذا العام مع توقعات بأنهم سيوفرون من معدلات الضرائب مقارنة بالسنة القادمة".
حتى وإن كان التوتر التجاري مع الصين سيخف في ظل إدارة بايدن، فإن الدور الفعال المتنامي للجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة من خلال مراجعاتها للصفقات لن يتغير، وفقاً لمحامي الاندماج والاستحواذ كينتون كينغ، من "سكادين أربس سلايت مياغير أند فلوم" (Skadden Arps Slate Meagher & Flom).
يعني هذا أن الصفقات العابرة للحدود مع الصين ستستمر في المعاناة. وقال كينغ: "لا أرى أن نظام مفوضية الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة ستخفف مما شهدناه في ظل إدارة ترمب. إنها هنا لتبقى حتى المستقبل المنظور".
رقاقات عملاقة
تم عقد بعض أضخم الصفقات في مجال شبه الموصلات والمعدات على الإطلاق في العام الماضي، وهي تتضمن: شراء "نفيديا كورب" لـ"آرم ليمتد" (Arm Ltd) بقيمة 40 مليار دولار؛ واستحواذ "أدفانسد ميكرو ديفايسس" (Advanced Micro Devices) على "إكسيلينكس" (Xilinx) بقيمة 35 مليار دولار، وصفقة "أنالوغ ديفايسز" (Analog Devices) لشراء "ماكسيم انتغريتيد بردوكتس" (Maxim Integrated Products) بقيمة 21 مليار دولار.
لا تزال هذه الصفقات الثلاث قيد المراجعة. وتمثل جهات مكافحة الاحتكار في الصين خطراً حقيقياً على الحصول على صفقات أخرى، على حد قول مستشاري شركات الرقاقات.
عادة ما تعني أي عملية اندماج واستحواذ على شركات معدات في سلسلة التوريد أن هناك منتجاً وعائدات في الصين، ما سيحرض إجراء مراجعة تنظيمية في الإدارة الصينية لتنظيم الأسواق (SAMR).
يمكن للشركات أن تتجنب الصفقات حتى إن كان المنطق الصناعي يفرض نفسه لتجنب سنتين من التأخير التنظيمي، على حد قول كينغ.
في هذا العام، وحتى الآن، استخدمت شركة واحدة المراجعة الصينية المطولة لصالحها. مع مبيع "سيسكو سيستمز" الغارق في المراجعة الإدارة الصينية لتنظيم الأسواق، ضجرت "أكاسيا كوميونيكشنز" (Acacia Communications) من الانتظار وانسحبت من الصفقة في هذا الشهر.
وكانت النتيجة: أضافت "سيسكو" 64% علاوة على سعر سهمها الأصلي عند تقديم العرض في يوليو من عام 2019، وأنقذت الصفقة.