يتوقع المستثمرون أن يعصف موسم الأرباح الجاري بالأسهم بشكل أكبر، مترقبين نتائج شركة "أبل" على وجه الخصوص باعتبارها مرجعية للظروف الاقتصادية العالمية.
رجّح أكثر من 60% ممن شملهم أحدث استطلاع لـ"إم إل آي في بالس" (MLIV Pulse) البالغ عددهم 724 شخصاً، أن يدفع موسم الأرباح الحالي، مؤشر "إس أند بي 500" إلى الانخفاض. وهذا يعني عدم وجود نهاية تلوح في الأفق لسوء تدفق الأسهم، بعد هبوط يوم الجمعة الماضي بشكل حاسم ما بدّد معه الآمال في أن الارتفاع اللافت للنظر الذي استمر يومين في وقت مبكر من الأسبوع الماضي سيكون بداية لشيء أكبر. كما يتوقع نحو نصف المشاركين بالاستطلاع أن تتراجع تقييمات الأسهم بشكل أكبر من متوسط العقد الماضي.
اقرأ أيضاً: دقات طبول الركود تتعالى مع تباطؤ أرباح الشركات وضعف الاقتصاد الأميركي
مخاوف وول ستريت
تؤكد النتائج على مخاوف "وول ستريت" من أنه حتى بعد عمليات البيع العنيفة العام الجاري، فإن الأسهم لم تضع في الحسبان بعد جميع المخاطر الناجمة عن تشديد البنوك المركزية العنيف، إذ لا يزال التضخم مرتفعاً.
من غير المحتمل أن تتحسن التوقعات قريباً مع إصرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي على رفع معدلات الفائدة، ومن المحتمل أن يؤثر ذلك على النمو والأرباح في هذه العملية.
أظهرت بيانات يوم الجمعة أن سوق العمل بالولايات المتحدة لا تزال قوية، مما يزيد من فرص الرفع الضخم بأسعار الفائدة الفيدرالية الشهر المقبل.
قال بيتر غارنري، رئيس استراتيجية الأسهم في "ساكسو بنك" (Saxo Bank A/S): "أرباح الربع الثالث ستكون مخيبة للآمال مع وجود مخاطر سلبية واضحة لتقديرات المحللين للربع الرابع. تتمثل المخاطر الرئيسية لأرباح الربع الثالث في أزمة تكلفة المعيشة التي تؤثر على الطلب على المنتجات الاستهلاكية"، فضلاً عن ارتفاع الأجور الذي سيضر أرباح الشركات.
يبدأ موسم الأرباح في الولايات المتحدة فعلياً هذا الأسبوع من خلال نتائج تعلن عنها البنوك الكبرى، بما في ذلك "جيه بي مورغان تشيس" و"سيتي غروب"، والتي من المقرر أن تمنح المستثمرين فرصة للتعرف على المزيد من أبرز الشخصيات الأكثر نفوذاً بمجتمع الأعمال في الولايات المتحدة.
طالع أيضاً: "مورغان ستانلي": المسار المرجح لـ"الفيدرالي" لن ينهي مشكلات الأرباح
الأنظار على "أبل"
بالنسبة للأسهم الجديرة بالمتابعة في الأسابيع القليلة المقبلة، يرى 60% من المشاركين في الاستطلاع أن شركة "أبل" مهمة، ذلك أن نتائج الشركة المصنّعة لـ"أيفون"، والتي تتمتع بأكبر وزن على مؤشر "إس أند بي 500"، تتيح نظرة ثاقبة على مجموعة من الموضوعات الرئيسية، مثل طلب المستهلكين وسلاسل التوريد وتأثير الدولار المرتفع والمعدلات الأعلى.
من المقرر أن تعلن الشركة عن نتائجها في 27 أكتوبر الجاري. وحظي "جيه بي مورغان" بثاني أكبر إشارة بالاستطلاع بنسبة 25%، كما حصلت كل من "مايكروسوفت" و"وول مارت" أيضاً على عدد كبير من الأصوات.
بدأ تواتر التقارير مع انخفاض مؤشر "إس أند بي 500" بنسبة 24% هذا العام، بأسوأ وتيرة منذ الأزمة المالية الكبرى. في ظل هذه الخلفية القاتمة، يميل 40% تقريباً من المشاركين في الاستطلاع إلى الاستثمار أكثر في الأسهم ذات القيمة، مقارنة بـ23% للنمو، حيث تكون توقعات الأرباح معرضة للخطر عندما ترتفع أسعار الفائدة. مع ذلك، لم يختر 37% أياً من هاتين الفئتين، وربما يعكس ذلك وجهة النظر الكمّية لاستراتيجيي "سيتي غروب" التي مفادها بأن أسواق الأسهم أصبحت دفاعية وأنها بدأت تعكس للتو مخاطر حدوث ركود.
مرت الأسهم الأميركية بعام سيئ، ولكن الحال نفسه ينطبق أيضاً على أصول مالية أخرى، من سندات الخزانة إلى سندات الشركات إلى العملات المشفرة. المحفظة المتوازنة بنسبة 60/40 التي تضم مزيجاً من الأسهم والسندات في محاولة للحماية من التحركات القوية في الأسواق في كلتا الحالتين خسرت أكثر من 20% حتى الآن هذا العام.
اقرأ أيضاً: "فيديليتي": سندات الخزانة والين يستعيدان مكانتهما كأفضل أدوات تحوط ضد الركود
مخاوف التضخم
يتوقع المشاركون في الاستطلاع أن إشارات التضخم والركود ستهيمن على البيانات بشأن الأرباح هذا الموسم. فقد أشار 11% فقط من المشاركين بالاستطلاع إلى أنهم يتوقعون أن تُتداول كلمة ثقة على ألسنة الرؤساء التنفيذيين، مما يؤكد الخلفية القاتمة.
رجّح جيمس آثي، مدير الاستثمار في "أبردين" (abrdn)، مزيداً من التوجيه السلبي والحذر على أساس الضعف الاقتصادي الواسع وعدم اليقين وسياسة نقدية أكثر تشدداً.
يرى نحو نصف المشاركين في الاستطلاع أن تقييمات الأسهم تتدهور أكثر في الأشهر القليلة المقبلة. من بين هؤلاء، يتوقع نحو 70% أن ينخفض معدل السعر إلى الأرباح في مؤشر "إس أند بي 500" إلى أدنى مستوى لعام 2020 عند 14، بينما يرى الربع أنه ينخفض إلى أدنى مستوى في عام 2008 عند 10. ويُتداول المؤشر حالياً بنحو 16 ضعفاً للأرباح الآجلة، أي أدنى من متوسط العقد الماضي.
طالع المزيد: هل الركود قادم؟ المستثمرون يتطلعون لموسم أرباح الشركات بحثاً عن إشارات
نظرة قاتمة
تهيمن على "وول ستريت" وجهة نظر قاتمة بالمثل، إذ يتوقع الخبراء الاستراتيجيون في "سيتي غروب" انكماشاً بـ5% في الأرباح عالمياً لعام 2023، بما يتوافق مع النمو الاقتصادي العالمي دون الاتجاه العام والتضخم المرتفع.
يُظهر مؤشر مراجعة أرباح البنك أن تخفيضات التصنيف تفوق حالات الرفع بالولايات المتحدة وأوروبا والعالم، حيث تشهد الولايات المتحدة أعمق تخفيضات في التصنيف.
يتوقع المحللون الاستراتيجيون في "بنك أوف أميركا" انخفاضاً بـ20% في أرباح السهم الأوروبية بحلول منتصف العام المقبل، بينما يرى نظراؤهم في "غولدمان ساكس" أن الأسهم الآسيوية، باستثناء اليابان يمكن أن تشهد المزيد من خفض الأرباح وسط البيانات الاقتصادية والصناعية الضعيفة.
وسط كل هذا التشاؤم، هناك مجال لمفاجآت إيجابية في المستقبل. مع احتمال أن تخالف الأرباح المنخفضة التوقعات في تقارير الربع الثالث، وفقاً لاستراتيجيي "بلومبرغ إنتليجنس".
في غضون ذلك، قال خبراء استراتيجيون في "باركليز" بقيادة إيمانويل كاو إن النتائج ليس من المرجح أن تكون "كارثية" بسبب النمو الاسمي الذي لا يزال مرتفعاً، لكنهم يشكّون في أن التوقعات ستكون بناءة.
قال ماديسون فالر، الخبير الاستراتيجي العالمي في "جيه بي مورغان برايفت بنك: "بدأت تقديرات الأرباح لعام 2023 في التراجع، ولكن هناك المزيد من الانخفاض. تُعدّ مراجعات التقديرات جزءاً ضرورياً من إنشاء قاع دائم بأسواق الأسهم. مع انخفاض التقديرات، سيحرص المستثمرون على المشاركة بشكل أكبر في توقع توقف محتمل في دورة رفع الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي".