أنفقت اليابان مبلغاً قياسياً يومياً في الأغلب في صورة تدخلات لدعم الين الأسبوع الماضي، تاركة الاقتصاديين والمستثمرين يتساءلون عما إذا كان بإمكان الحكومة التدخل مرة أخرى على الرغم من الشكوك حول تأثير مثل هذا الإجراء.
كشفت وزارة المالية اليوم الجمعة أنها أنفقت 2.84 تريليون ين (19.7 مليار دولار) في سبتمبر لإبطاء تراجع الين، في أول تدخل لها لدعم العملة منذ عام 1998. وقد قدّر محللون من القطاع الخاص التدخل بما يصل إلى 3.6 تريليون ين.
كيف ومتى تتدخل اليابان في سوق العملة؟
يسود رأي المشاركين في السوق والاقتصاديين هو أن التدخل حدث فقط في 22 سبتمبر بعد قرار بنك اليابان الوقائي، على الرغم من أن البيانات تغطي الشهر بأكمله. سيتم الإعلان عن مزيد من التفاصيل المحددة حول التدخل اليومي في سبتمبر وأزواج العملات المعنية في أوائل نوفمبر.
مسار هابط
على الرغم تحقيق الين الياباني مكاسب أولية بلغت أكثر من 3.5% مقابل الدولار، إلا أن التحرك المفاجئ لم يعكس الاتجاه الهبوطي للعملة وسط استمرار قوة الدولار. لا تزال التقلبات مرتفعة في الأسواق المالية العالمية المضطربة مع التراجع الشديد للجنيه الإسترليني مما زاد من التوتر.
لا يزال لدى اليابان مجال لشراء المزيد من الين، لكن احتياطياتها من العملات الأجنبية ليست بلا حدود. يقول المحللون إنه مع استمر توجه الاحتياطي الفيدرالي لرفع تكاليف الاقتراض بينما يتمسك بنك اليابان بسياسة نقدية تيسيرية للغاية، تحتاج البلاد إلى أن تظل واقعية بشأن ما يمكنها فعله.
قال ماسافومي ياماموتو، كبير محللي العملات في شركة "ميزوهو للأوراق المالية" في طوكيو: "يمكن لليابان على الأرجح أن تتدخل بضع مرات أخرى.. لكن الين سيظل تحت الضغط مع مواصلة الاحتياطي الفيدرالي رفع أسعار الفائدة. أتوقع أن يصل الين إلى 150 أمام الدولار ".
اليابان تتدخل لوقف نزيف الين لأول مرة منذ 1998
كان الين يتم تداوله عند 144.32 للدولار في وقت متأخر من بعد ظهر يوم الجمعة، مقارنة مع 140.36 بعد تدخل الأسبوع الماضي من قبل بنك اليابان نيابة عن وزارة المالية.
أوضح وزير المالية الياباني شونيتشي سوزوكي أن الدولة مستعدة للتحرك مجدداً ضد أنشطة المضاربة المفرطة. أشار ماساتو كاندا، يده اليمنى، إلى أن اليابان تحذّر من التحركات الحادة في العملة بدلاً من السعي للدفاع عن مستوى عملة معين مثل 145.
الاحتياطي الأجنبي
بحسب وزارة المالية، تمتلك اليابان احتياطيات أجنبية بقيمة 1.29 تريليون دولار حتى أغسطس. ومن بين أصول الاحتياطي الأجنبي الأكثر سيولة لديها ودائع لدى البنوك المركزية الأجنبية وبنك التسويات الدولية تصل إلى 136.1 مليار دولار. علاوة على ذلك، قد تضطر اليابان إلى بيع بعض ممتلكاتها من سندات الخزانة الأميركية.
قد تكون الحكومة قادرة على تنفيذ أربعة إلى عشرة تدخلات مماثلة عن طريق بيع الأصول السائلة، اعتماداً على ما إذا كانت ستستخدم الودائع فقط أو ستعتمد أيضاً على الأوراق المالية التي تقل فترات استحقاقها عن عام واحد، وفقاً لاستراتيجيي "بنك أوف أميركا".
ومع ذلك، ليس من الواضح ما إذا كان التدخل 10 مرات سيكون فعالاً في معركة مطوّلة، حيث من المحتمل أن تحقق كل محاولة نتيجة متناقصة.
أوضح حاكم بنك اليابان هاروهيكو كورودا مرة أخرى الأسبوع الماضي أنه لن يرفع أسعار الفائدة لفترة طويلة بينما يسعى إلى تضخم مستقر. هذا الموقف سيواصل الضغط الهبوطي على الين، حتى بعد أن يتراجع نحو 20% هذا العام.
بنك اليابان يغرد خارج سرب البنوك المركزية بأقل سعر فائدة في العالم
دفعت تعليقات كورودا، التي جاءت في غضون ساعات من إشارة بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى استمرار تشديد السياسات النقدية، الين إلى أدنى مستوى له في 24 عاماً عند 145.90 قبل التدخل.
موقف الولايات المتحدة
تدخلت اليابان ست مرات لدعم الين بين ديسمبر 1997 ويونيو 1998، وكانت الأكبر بقيمة 2.6 تريليون ين في 10 أبريل. في النهاية، لم يبدأ المد ضد العملة في التحوّل حتى تدخل اليابان بشكل مشترك مع الولايات المتحدة في ذلك العام.
قالت الولايات المتحدة إنها تتفهم تحرك اليابان الأسبوع الماضي، لكنها لم تقدم عرضاً مدوياً للدعم. ومع تصدر المعركة ضد التضخم المشهد هناك، يبدو أن مساعدة طوكيو في التعامل مع عملة ضعفت جزئياً بسبب السياسة النقدية لبنك اليابان، أمر غير محتمل.
يقول بعض المحللين أيضاً إن بيع اليابان لسندات الخزانة لتمويل التدخل قد يؤدي إلى حدوث احتكاك مع الولايات المتحدة. مثل هذا الإجراء يمكن أن يرفع العوائد في أميركا ويوسّع فارق العائد مع اليابان، مما يزيد من الضغط الهبوطي على الين في تأثير ارتدادي، كما يقولون.
عائدات سندات اليابان لأجل 20 عاماً تقفز لتتخطى 1% لأول مرة منذ 2015
تحرك الدولار بما يزيد قليلاً عن 2 ين في اليوم السابق لقرار بنك اليابان إلى فترة ما بعد الظهر من يوم التدخل. إذا استشهدت اليابان بالتأثير الضار للتقلب مرة أخرى لتبرير تحركها ضمن حدود اتفاقيات مجموعة السبعة، فمن المحتمل أن تكون هناك حاجة إلى تدخل مماثل أو أكبر لتبرير إنفاق آخر.
قال ياماموتو: "من المحتمل أن تتدخل اليابان مرة أخرى إذا تحرك الين بمقدار 2 أو 3 ينات في اليوم.. وزارة المالية مستعدة للتدخل".