فاقت معدلات الطلب على السكر كافة التوقعات، التي أشارت إلى أن الإغلاق الاقتصادي نتيجة تفشي فيروس كورونا، وضعف الاقبال على المطاعم خوفاً من العدوى سيؤثر على الاستهلاك وبالتالي تراجع معدلات الطلب العالمي، ولكن رغم إغلاق المطاعم ودور السينما والمتنزهات، استمر الناس في الإفراط في تناول السكر.
وبحسب توم ماكنيل الباحث بشركة "غرين بوول كوميدتي" (Green Pool Commodity Specialists)، ساعد حجر المواطنين في المنازل على زيادة طهي الأطعمة وتناول السكريات، إضافة إلى عمليات التخزين التي قامت بها بعض الدول خوفاً من تعثر سلاسل الإمداد مع موجة جديدة من الجائحة، إضافة إلى إجراءات التحفيز التي قامت بها الحكومات ودعمت السلوك الاستهلاكي، كل هذه الأسباب ساهمت في إخفاق توقعات تراجع الطلب التي تحدث عنها كبار تجار السكر حول العالم.
التكيف مع الوباء أنعش الاستهلاك
وأضاف ماكنيل، أن ما يحدث حالياً هو تحول عكسي لما حدث في بداية عمليات الإغلاق في أبريل الماضي، عندما أثرت عمليات الإغلاق من باريس إلى لوس أنغلوس على مبيعات كل شيء من المشروبات الغازية إلى الشوكولاتة، ولكن تكيف الناس الآن مع الحياة الوبائية، والمساعدات الحكومية في أماكن مثل الولايات المتحدة والبرازيل أدت إلى إبقاء على عادات التسوق لدى المستهلكين، ويضاف اليها تخزين الدول المستوردة في آسيا لضمان توافر السلع حال تعثر الإمدادات أو تعطل الشحن.
وقال بن سيد، المحلل في شركة كزارنيكو جروب لتجارة السكر ومقرها لندن: "من المؤكد أن هناك الكثير من المطاعم والمقاهي التي لا تزال مفتوحة وتعمل من خلال الوجبات السريعة والتوصيل للمنازل"، مضيفا "لقد تكيف الناس الآن، وهو ما لم يحدث في المرة الأولى للإغلاق".
وقال رودريغو أوستانيلو، كبير التجار في البرازيل، إنه من الصعب قياس استهلاك السكر، فما حدث شيء لا يصدق ولم يكن لدى التجار في أفضل توقعاتهم ما حدث، فعند الرجوع للبيانات نجد أن "غرين بول" توقعت في مرحلة ما أن ينخفض الطلب بمقدار مليون طن متري، ثم جاء الانخفاض قدره 100 اَلف طن متري فقط، ونجد كذلك تعديل في تقديرات تراجع الطلب الصادرة عن شركة "إي دبي أند أف مان القابضة لتصبح 1% على الأكثر، مقارنة بالتوقعات السابقة عند 2%.
لماذا ارتفع الطلب على السكر؟
وأدت عمليات إعادة فتح الاقتصادات وطرح للقاحات، إلى انتعاش أكبر للطلب على السكر بالتزامن مع تعرض الإنتاج في البرازيل والاتحاد الأوروبي وتايلاند للضغط، مما أدى إلى ارتفاع العقود الآجلة للسكر المتداولة في نيويورك بأكثر من 70% من أدنى مستوى له في أبريل.
وتوقعت شركة كازركون أن يرتفع الاستهلاك العالمي للسكر بنسبة 2% بعد انخفاضه للمرة الأولى منذ 40 عاماً خلال الشهور الأولى من الجائحة، فيما توقع سيتي غروب زيادة بنسبة 0.9%، بينما توقع جيه بي مورجان زيادة بنسبة 1%.
وقال روهاني أغاروال، محلل في جيه بي مورجان الهند، إن آسيا وأفريقيا تقودان طريق التعافي في الطلب على السكر، حيث من المتوقع أن تتغير أنماط الطلب الاستهلاكي في الولايات المتحدة وأوروبا قليلاً، فيما تعمل إندونيسيا والصين على بناء مخزوناتها تحسباً لأي تأثير للوباء على سلاسل الإمداد والتوريد، وهو ما يقود الحكومات للحفاظ على مستويات تخزين مرتفعة.
ومن المتوقع أن تحقق شركات تكرير السكر في إندونيسيا، الدولة الأكثر استيراداً للسكر الخام في العالم، زيادة تصل إلى 10% في مستويات الإنتاج هذا العام، وفقاً لبيانات اتحاد تكرير السكر في البلاد.
وأظهرت بيانات الجمارك في الصين أنها اشترت 5.3 مليون طن من السكر، وهو رقم قياسي في عام 2020 بعد أن خففت بكين من الرسوم الجمركية على استيراده.
ولا شك أن تداعيات جائحة كورونا لم تنته بعد، فقد دخلت العديد من البلدان في أوروبا مؤخرا في عملية إغلاق ثالثة، وكذلك تراجع الاستهلاك في الاتحاد الأوروبي للسكر بالفعل منذ سنوات مع تقليص المستهلكين المهتمين بالصحة لاستخدامات السكر، في حين أن الكتلة لا تتمتع بنفس ثقافة توصيل الطلبات للمنازل كما هو الحال في الولايات المتحدة بما يعني استهلاك أوروبي أقل.
عوامل دعم إضافية
وعززت إجراءات التحفيز الحكومي في البرازيل من زيادة الطلب المحلي على السكر، لتحقق الشركات المحلية زيادة في المبيعات خلال الفترة من يناير وحتى نوفمبر من العام الماضي بنسبة 4.6% مقارنة بالعام السابق، بعد عقد من معدل النمو المنخفض أو السلبي، وفقا لمجموعة يونيكا الصناعية.
ووفقاً لريكاردو كارفالو المسؤول التجاري بشركة بي بي بانغ بيونيرجيا، أحد أكبر منتجي السكر في البرازيل، فمن المتوقع أن يشهد الطلب على السكر في البلاد استمراراً في الزيادة خلال العام الجاري، نتيجة لاحتمالات التعافي الاقتصادي الذي سيعوض خطط التحفيز الحكومية التي دعمت الطلب في العام الماضي.
وبحسب رحيل شيخ، العضو المنتدب لشركة "مير كوميدتيز أنديا"، سيشهد الطلب في الهند صاحبة المركز الأول في استهلاك السكر عالمياً انتعاشاَ وزيادة تصل إلى مليون طن خلال هذا الموسم.
وفي النهاية أشار جيريمي أوستن، رئيس شركة سوكريز أيه دنريس في البرازيل: "السكر منتج رخيص وحيوي، وخلال عمليات الإغلاق، صنع الناس المزيد من الكعك في المنزل، وشربوا المزيد من المشروبات المحلاة.