يمكن أن يرتفع الدولار أكثر بكثير من مستوياته الحالية إذا كان رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول مصمماً حقاً على توجيه نهج سلفه الأسبق بول فولكر الذي كان يحظى بإعجاب كبير.
ففي حين ارتفع مؤشر "بلومبرغ للدولار الفوري" إلى مستوى قياسي أمس الثلاثاء، كان مقياس "بورصة إنتركونتيننتال" للدولار أقل بنحو الثلث من أعلى مستوى له على الإطلاق في عام 1985، خلال الفترات الأخيرة من رئاسة فولكر. فقد وصل مؤشر الاحتياطي الفيدرالي لسعر الصرف الفعلي الحقيقي للعملة الأميركية إلى أقل بنحو 11% من أعلى مستوى له في مارس من ذلك العام.
اقرأ أيضاً: "باول" أفضل عندما يلتزم النص ولا يرتجل
مواجهة الركود
وفي الوقت الذي توجد فيه اختلافات واضحة في البيئة الكلية حالياً وقبل 40 عاماً، فإن تنوع مقاييس الدولار، التي تقل كثيراً عن أعلى مستوياتها في عقد الثمانينيات من القرن الماضي، يشير إلى أن المتداولين لم يقتنعوا تماماً بعدُ بأن باول سيكون متشدّداً بصمود مثل سلفه الشهير في مواجهة ركود يلوح في الأفق.
من المحتمل أيضاً أن يكون مؤشر "بلومبرغ"، وهو أوسع من نظرائه ويضم عملات الأسواق الناشئة الرئيسية، أقل من ذروته لو كان موجوداً في ذلك الوقت، إذ كان قد بدأ في نهاية عام 2004.
ستُتاح لباول الفرصة لتأكيد حُسن نياته بشأن مكافحة التضخم عند الإعلان عن قرار السياسة التالي لمجلس الاحتياطي الفيدرالي والتوقعات الخاصة بمعدلات الفائدة في وقت لاحق من الشهر الجاري.
وفي خطابه الذي ألقاه في "جاكسون هول" الشهر الماضي، استشهد بتصريحات من رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأسبق، الذي كان معروفاً بتشديد سياسته القسرية خلال فترة السنوات الثماني التي تولى خلالها رئاسة البنك المركزي وانتهت في أغسطس 1987.
إعادة التضخم نحو المستهدف
قال شون كالو، كبير محللي العملات في "ويستباك بانكينغ" (Westpac Banking Corp): "اتخذ باول عدة خطوات نحو اتباع نهج الإصرار الذي اشتهر به فولكر، واعترف بشكل أكثر صراحة بأن الألم الاقتصادي من المحتمل أن يكون على المدى القريب ثمناً يجب دفعه لإعادة التضخم نحو المعدل المستهدف. يودّ محافظو البنوك المركزية أن تجري مقارنتهم بفولكر، وكلما اقترب باول من التحرك نحو نهج فولكر كانت جاذبية عائد الدولار الأميركي أكثر استدامة ".
ارتفع مؤشر الدولار في بورصة "إنتركونتيننتال" بنسبة 96% من أدنى مستوياته في حقبة فولكر إلى الذروة، فيما قفز مؤشر العملة المرجّح بالتضخم بنسبة 45%. الأمر المُسلَّم به أنه من خلال إجراء مقارنة أولية نجد أن المقاييس ارتفعت بـ24% و17% على التوالي من أدنى مستوياتها في فترة باول.
قال إدوارد مويا، كبير محللي السوق في "أواندا كورب" (Oanda Corp): "ليس من المستغرب أن يصل الدولار إلى مستوى قياسي جديد، في ظل تدفق الأموال نحو الملاذ الآمن للحماية من الضعف الاقتصادي العالمي، في الوقت الذي تمهّد فيه مرونة الاقتصاد الأميركي الطريق لبنك الاحتياطي الفيدرالي ليظل متشدّداً. لقد استيقظ الملك الدولار من غفوته".