يتقلّص محصول الطماطم بصورة ملحوظة. وتتصدر كاليفورنيا العالم في إنتاج الطماطم القابلة للتصنيع (الطماطم المعالجة)، وهي مجموعة متنوعة تُعلب وتُستخدم في المطابخ التجارية لصنع بعض من أكثر أنواع الطعام شعبية. المشكلة هي أنَّ أسوأ موجة جفاف منذ 1200 عام بسبب أزمة المياه تقوض المحصول، مما يهدد بزيادة أسعار المنتجات التي تمتد من الصلصة إلى عصير السباغيتي.
قال مايك مونتنا، رئيس اتحاد مزارعي الطماطم في كاليفورنيا، في مقابلة: "نحتاج بشكل عاجل إلى المطر. وصلنا إلى مرحلة قد لا يتبقى لدينا فيها أي مخزون لمواصلة تلبية طلب السوق".
يؤدي فقر المياه إلى تقلّص الإنتاج في منطقة مسؤولة عن ربع الإنتاج العالمي، مما يؤثر على أسعار المنتجات التي تعتمد على الطماطم. تجاوزت الزيادات السعرية في صلصة الطماطم والكاتشب الارتفاع في تضخم أسعار الغذاء بالولايات المتحدة، والذي بلغ أعلى مستوياته منذ 43 عاماً، مع إلقاء اللوم في هذا على الجفاف وارتفاع أسعار المدخلات الزراعية.
تراجع تضخم أسعار الغذاء يعتمد على جودة محصول الذرة بولاية "أيوا"
نظراً لأنَّ تغيّرات المناخ في كاليفورنيا يُتوقَّع أن تكون أكثر حرارة وجفافاً؛ فإنَّ النظرة المستقبلية بالنسبة للمزارعين محاطة بالشكوك.
صعوبات متزايدة
قال مونتنا: "من الصعب للغاية زراعة محصول الطماطم حالياً. فمن جانب، هناك العواقب الناتجة عن الجفاف بسبب عدم وجود ما يكفي من المياه لزراعة كل فدادينك، ومن الجانب الآجر، هناك تضخم أسعار الزراعة مع الارتفاع الهائل في تكاليف الوقود والأسمدة".
تؤدي قيود ولاية كاليفورنيا التي تحد من استخدام المياه الجوفية، جنباً إلى جنب مع ارتفاع تكاليف العمالة والوقود والأسمدة، إلى مواجهة المنتجين الزراعيين لمشكلات كثيرة، بما في ذلك شركة "وولف فارمينغ" (Woolf Farming).
تتكلف شركة زراعة ومعالجة المحاصيل الواقع مقرها في مقاطعة فريسنو بحوالي 4800 دولار للفدان لزراعة وحصاد محصول الطماطم حالياً مقارنة بـ2800 دولار قبل عقد، وفقاً لريك بلانكينشيب، نائب رئيس العمليات الزراعية في الشركة. وقعت معظم الزيادات خلال العامين الماضيين، لكنَّ تكلفة محصول هذا الموسم أكثر وغلّته أقل.
الولايات المتحدة تستعد لجني محصول قمح استثنائي هذا الموسم
قال بلانكينشيب في مقابلة: "المحاصيل تراجعت بشدة هذا العام. فإلى جانب الجفاف، واجهنا درجات حرارة عالية، وهذا بحد ذاته يتسبب في مشكلة، حيث تكون الطماطم شديدة السخونة مما يمنع وصولها إلى الحجم المناسب، لذلك يكون هناك عدد كبير من الطماطم في المحصول، لكنَّها أصغر حجماً".
تحديات مستعصية
عادةً ما يكون الحصول على قيمة أكبر مقابل المحاصيل من الحقل حافزاً للمزارعين. مع ذلك؛ فإنَّ السعر التفاوضي لهذا الموسم البالغ 105 دولارات لطن الطماطم -وهو أعلى مستوى على الإطلاق- قد لا يكون كافياً للتغلب على تحديات القطاع.
قال بلانكينشيب: "قد تعتقد أنَّ المزارعين جنوا أرباحاً وفيرةً من وراء المحصول، لكن في واقع الأمر ارتفعت تكاليف المدخلات بدرجة كبيرة مما قضى على كل الأرباح المحتملة".
أدت مشكلات المياه إلى تحول في أنواع المحاصيل، إذ يحاول المزارعون اختيار المزروعات التي يُتوقَّع تحقيقها لأكبر عوائد. قام بروس رومينغر، وهو مزارع أب عن جد لخمسة أجيال، بخفض رقعة زراعة الأرز بنسبة 90% لإفساح المجال للطماطم. ويأمل في جني الأرباح من 800 فدان من الطماطم التي بدأ حصادها في يوليو، برغم أنَّ ذلك الاختيار محفوف بالمخاطر.
غلة متناقصة
قال رومينغر: "إنَّه محصول ذو مخاطر كبيرة، وعوائدنا حتى الآن أقل من المتوسط"، مشيراً إلى أنَّ الحرارة المفرطة ونقص المياه والصقيع في منتصف أبريل أثروا بالسلب على الغلة.
والأمر يزداد سوءاً، إذ يُتوقَّع تقليص درجات الحرارة المرتفعة للمعروض من الطماطم القابلة للتصنيع في المناطق الرئيسية بالعقود القليلة المقبلة، مع تقديرات بتراجع الإمدادات من الولايات المتحدة وإيطاليا والصين بنسبة 6% بحلول 2050، وفقاً لدراسة أكاديمية نُشرت في مجلة "نيتشر فوود". قال تقرير المجلة الذي نُشر في يونيو الماضي، إنَّ تزايد مشكلات الحرارة والماء قد يُصعّب الحفاظ على مستويات الإنتاج الحالية في كاليفورنيا وإيطاليا بشكل خاص.
اقرأ أيضاً: موجة طلب على فول الصويا الأمريكي مع انخفاض المحصول في البرازيل
كان محصول كاليفورنيا أقل من ذروة الإنتاج الأخيرة البالغة 14.4 مليون طن في 2015 على مدى السنوات الست الماضية، ويبدو أنَّ هذا الاتجاه سيستمر في 2022، وفقاً لبيانات وزارة الزراعة الأميركية. يتوقَّع القطاع انخفاض محصول هذا العام إلى أقل من تقديرات وزارة الزراعة الأميركية البالغة 11.7 مليون طن.
مياه محدودة
قالت الوزارة في تقريرها لشهر مايو حول تصنيع محصول الطماطم في كاليفورنيا: "برغم انخفاض العرض والزيادة الكبيرة في الأسعار؛ انخفض الإنتاج المُتعاقد عليه بشكل كبير مقارنة ببداية 2022"، مشيرة إلى أنَّ توفّر المياه هو المشكلة الرئيسية التي تواجه المنتجين.
قال أر. غريغ بروت، مدير المبيعات والطاقة في شركة "إنغومار باكينغ" (Ingomar Packing)، أحد أكبر مؤسسات تصنيع الطماطم في العالم: "ببساطة لم يُزرع ما يكفي من الفدادين هذا العام لتوفير الطماطم القابلة للتصنيع وضمان حصول الجميع على إمداداتهم الكاملة. فالمياه إما باهظة للغاية أو غير متوفرة أصلاً بأي ثمن".
أسعار القمح تواصل الصعود والتركيز ينصب على شحنات أوكرانيا
تنعكس هذه الضغوط على منتجات " إنغومار" المُصنّعة، فقد ارتفعت أسعار معجون الطماطم لعملاء الشركة -التي تبيع لبعض أكبر العلامات التجارية للأغذية في الولايات المتحدة- بنسبة تصل إلى 80% مقارنة بالعام الماضي. مع تراجع المخزونات إلى مستويات خطيرة منخفضة، ومع هذا؛ فالإمدادات غير متوفّرة للجميع.
عرض شحيح
قال بروت في مقابلة هاتفية: "إذا كنت تبحث عن كمية كبيرة من معجون الطماطم، ولم تكن تعاقدت عليها بالفعل؛ فلن تحصل عليها بغضّ النظر عن السعر. فهي ليست موجودة وحسب".
نظراً لصعوبة استبدال المنتجات التي تعتمد على الطماطم؛ فإنَّ الطلب لا يتأثر بشكل خاص بتغيّرات الأسعار. مع هذا؛ فهي تمثل تكلفة إضافية بالنسبة للمستهلكين. ارتفع سعر صلصة الطماطم في الأسابيع الأربعة المنتهية في 10 يوليو بنسبة 17% مقارنة بالعام الماضي، بينما ارتفع سعر الكاتشب بنسبة 23%، وفقاً لشركة أبحاث السوق "آي أر آي" (IRI).
اختتم بروت: "بالتأكيد سنصل إلى مرحلة يظهر فيها تأثير تغيّرات الأسعار على الطلب إذا ارتفع سعر البيتزا المجمدة وصلصة المعكرونة وغيرها من العناصر الأساسية إلى الحد الذي يدفع المستهلك العادي إلى اختيار منتج آخر".