تستهل أوروبا موسم الأرباح الأول لهذا العام بانتعاش التوقُّعات عقب الصعود القوي للأسهم، وهو ما يمهد الطريق لحدوث خيبة الأمل إذا أظهرت الشركات مزيداً من الألم الناجم عن وباء كورونا.
ومع نشر العلامة التجارية الفاخرة "بيربيري" (Burberry Group Plc)، وصانع معدَّات الرقائق الإلكترونية "ايه إس ام ال هولدينغ" (ASML Holding NV)، ومجموعة "ريو تينتو" (Rio Tinto Group) من بين حوالي 30 شركة في مؤشر "ستوكس 600" للأسهم الأوروبية نتائج الأرباح أو تحديثات بيانات المبيعات في الأسبوع المقبل، يسعى المستثمرون إلى الطمأنة بشأن التعافي بعد عمليات الإغلاق التي تلقي بثقلها حالياً على الثقة. ويتوقَّع المحللون انتعاشاً قوياً في الأرباح هذا العام، بعد الركود الحاد في العام الماضي الناجم عن تأثير كوفيد-19.
وفي حين ارتفعت الأسهم بنحو 20% منذ نهاية شهر أكتوبر وسط التفاؤل بشأن إطلاق اللقاحات، وإجراءات التحفيز الإضافية؛ كانت توقُّعات الأرباح بطيئة في اللحاق بالركب، مما جعل الأسهم الأوروبية قريبة من أعلى قيمة على الإطلاق. وقد يترك ذلك المستثمرين في حالة مزاجية أقل تسامحاً، كما رأينا من قبل تراجع شركة "جست إيت تيكاوي.كوم" (Just Eat Takeaway.com NV) بعد إعلان نتائجها.
وقالت "غريس بيترز"، رئيسة استراتيجية الاستثمار لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا في بنك "جي بي مورغان برايفت بنك": "نحن متفائلون بشأن العام المقبل". وأضافت: "هناك الكثير من الأشياء التي نتطلَّع إليها في موسم الأرباح لهذا العام". ولفتت إلى توقُّعات الأرباح المستقبلية، والتعليق على الإنفاق الرأسمالي، وتوزيعات الأرباح.
من المتوقَّع أن تنمو الأرباح بنسبة 40% هذا العام، بعد انخفاض بنسبة 36% في عام 2020، وفقاً لـ"بلومبرغ إنتليجينس". كما أنّ العقبة في مواجهة ذلك هي الموجة الجديدة من الإغلاق في جميع أنحاء أوروبا التي تهدِّد مثل هذا التعافي، على الأقل على المدى القصير.
قد تقول بعض الشركات إنَّه لا يزال هناك الكثير من عدم اليقين لإعطاء توقُّعات مفصَّلة، بحسب "فيليب ليسيباتش"، رئيس استراتيجية الأسهم العالمية في مجموعة "كريديه سويس". وأضاف ليسيباتش: "بمجرد أن نحصل على تقارير عن أرقام الربع الأول، ستكون الشركات أكثر ارتياحاً في التوقُّع".
وإليكم بعض القطاعات التي يجب مراقبتها:
التكنولوجيا المرتبطة بالبقاء في المنزل
كانت أنشطة توصيل الطعام، والتجارة الإلكترونية، والترفيه المنزلي من بين أكبر المستفيدين من عمليات الإغلاق، ولكن بالنظر إلى التقييمات المرتفعة الآن، فإنَّ أيَّ انخفاض متتالٍ في معدَّلات النمو من هنا قد يؤثِّر بشكل سيئ، وفقاً لـ"جيمس رذرفورد"، رئيس الأسهم الأوروبية في الأعمال الدولية في مؤسسة "فيدريتد هيرميس". وتراجعت أسهم شركة "جست إيت تيكاوي" بأكثر من 13% منذ إعلان تحديث البيانات للربع الأخير من 2020 للشركة يوم الأربعاء، إذ قال محللو "جيه بي مورغان" إنَّ توقُّعات هامش الأرباح الخاص بها كان مخيباً للآمال بشكل واضح.
شركات تصنيع الرقائق الإلكترونية
تشير التقارير الواردة من شركة أشباه الموصلات "دايالوغ " (Dialog Semiconductor Plc)، وشركة "إس تي مياكروإلكترونيكس" (STMicroelectronics NV) بالفعل إلى زيادة الطلب على الرقائق. كما تعدُّ أشباه الموصلات مجالاً من المحتمل أن يستفيد من التعافي الدوري، وعملية الرقمنة طويلة المدى للاقتصاد، وفقاً لـ"بيترز" من بنك "جيه بي مورغان". وأضافت أنَّ التحوُّل نحو السيارات الكهربائية، والأتمتة الذكية، والذكاء الاصطناعي، والبيانات الضخمة كلها، تعتمد على هذا القطاع.
شركات البناء
تستفيد شركات البناء الأوروبية ذات الاستثمار في القطاع السكني، لا سيَّما في الولايات المتحدة، من قوة سوق الإسكان حالياً، بحسب "بيترز ". وقفزت أسهم شركة "سي أي إي. دي سانت-جوبيا إس أيه" (Cie. de Saint-Gobain SA) الفرنسية في وقت سابق من هذا الشهر إلى أرقام مبيعات أفضل من المتوقَّع.
شركات التعدين
تبدو الآفاق متفائلة بالنسبة لشركات التعدين. وشهدت تقديرات الأرباح لعام 2021 لشركات الموارد الطبيعية الأساسية تحسُّناً نسبته 24% خلال الأشهر الثلاثة الماضية، مدفوعة بارتفاع أسعار خام الحديد والنحاس الناجم عن التعافي في الاقتصاد الصيني، وبرامج التحفيز المالي في أوروبا والولايات المتحدة، وفقاً لما ذكره "ديوليت لورينت" من "بلومبرغ إنتليجنس" في رسالة.
شركات الطاقة والمرافق
قال "جست فان ليندرز" ، كبير محلِّلي الاستثمار في شركة "كمبين كابيتال مانجمنت" (Kempen Capital Management)، إنَّ التوقُّعات حول شركات الطاقة لا تزال "سلبية للغاية" على الرغم من انتعاش أسعار النفط. ويرجع ذلك جزئياً إلى اكتساب التحوُّل نحو الطاقة النظيفة مزيداً من الزخم. ويتوقُّع المحلل في مجموعة "يو بي إس" "سام آري" أن تقوم البنوك بتقليص التمويل للمشاريع الأحفورية، وتوسيع نطاق دعم مشاريع مصادر الطاقة المتجددة. وقال "آري"، إنَّ ثلاثة أسهم لشركات تلعب في هذا الاتجاه، وهي شركة "إنيل" (Enel SpA)، وشركة "آر دبليو إي ايهه جي" (RWE AG)، و شركة "إنجي اس ايه" (Engie SA).
ومع ذلك، بعد ارتفاع ضخم لمصادر الطاقة المتجددة في الأشهر الأخيرة، فقد حذَّر "بنك أوف أمريكا" من أنَّ أسعار الأسهم قد تظهر بوادر تكوين فقاعة.
الشركات المالية
على الرغم من الرياح المعاكسة بسبب أسعار الفائدة المنخفضة للغاية، قال "غايلز روثبارث"، مدير صندوق"بلاكروك اوروباين دياناميك" (BlackRock European Dynamic Fund)، إنَّ نسب رأس المال القوية، وتراجع خسائر القروض يتيح إمكانية استئناف توزيعات الأرباح بمجرد تخفيف الجهات التنظيمية للقيود. وفي الوقت نفسه، بالنسبة لمديري الأصول، فقد قال "مايكل ويرنر" المحلل في بنك "يو بي اس"، إنَّ التخفيضات الأخيرة في أسعار الفائدة يجب أن تؤدي إلى انخفاض تقلُّبات سوق الأسهم، مما يعزز التدفُّقات الداخلة. وقال المحللون الاستراتيجيون في "بنك أوف أمريكا" في رسالة نقلاً عن بيانات "إي بي اف آر غلوبال" (EPFR Global)، إنَّ الأسهم الأوروبية اجتذبت 2.2 مليار دولار من التدفُّقات الداخلة في الأسبوع المنتهي بتاريخ 13 يناير، وهو أكبر رقم مالي منذ شهر يونيو الماضي.
شركات السفر والترفيه
من غير المحتمل أن يكون للقاحات تأثير ملموس على أرباح القطاع حتى الربع الثاني على الأقل من العام الجاري. وقال "رذرفورد" من شركة "فيدريتد هيرميس"، إنَّ التركيز سيظل في الوقت الحالي على الميزانيات العمومية، والتدفُّقات النقدية. فمن المرجَّح أن يشهد قطاع الضيافة انتعاشة فورية أكثر من قطاع السفر عندما يجري رفع عمليات الإغلاق الأخيرة، وفقاً لـِ"ليسيباتش" من "كريديه سويس"، الذي قال، إنَّ معدَّلات الادخار المرتفعة تشير إلى الطلب المكبوت على نشاط الأكل والشرب خارج المنزل.
شركات السلع الفاخرة
تمثِّل تقديرات الأرباح على المدى المتوسط انتعاشاً صحياً للسلع الفاخرة، لذلك تبدو إمكانية التحسن محدودة نسبياً، وفقاً لمحلل "آر بي سي كابيتال ماركيتس" (RBC Capital Markets) "بيرال دادانيا" الذي كتب في رسالة أنَّ تقييمات القطاع مرتفعة، وأنَّ "آر بي سي" حذرة نسبياً لتوقُّعات عام 2021. ويعتمد القطاع أيضاً إلى حدٍّ ما على الإقبال في المطارات.
توظيف الشركات
يشير مصرف "دويتشه بنك" إلى وجود اتجاهات إيرادات أفضل من المتوقَّع بالنسبة للموظفين مع تحسُّن الطلب على العمالة المؤقتة. وكما هو متوقَّع في هذه المرحلة من الدورة الاقتصادية، فإنَّ العمالة المؤقتة تنتعش قبل أن تكون دائمة، نظراً لعدم اليقين بشأن عمليات الإغلاق التي تجعل الشركات حذرة (في التوظيف الدائم)، كما كتب "دومينيك إدريدج " المحلل في "يو بي إس" في رسالة. وقد أبلغت شركة "هايس بي إل سي" (Hays Plc) يوم الخميس عن نمو صافي الأجور في الربع الثاني، والسيولة النقدية التي كانت متقدِّمة جداً على التوقُّعات، بحسب ما ذكر "كين ماردن" المحلل في مجموعة "جيفريس" (Jefferies Group LLC) في رسالة له.