أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي قراراً بتعيين حسن عبد الله قائماً بأعمال محافظ البنك المركزي المصري لمدّة عام بدءاً من اليوم، وفقاً لقرار تم نشره بالجريدة الرسمية.
يأتي تعيين عبد الله بعد يوم من قبول السيسي لاستقالة طارق عامر من منصب محافظ البنك المركزي، وشكره على جهوده خلال فترة تولّيه مسؤولياته، كما عيّنه مستشاراً لرئيس الجمهورية.
يشغل عبد الله منصب رئيس مجلس إدارة الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية. وقبلها تولّى منصب نائب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب للبنك العربي الأفريقي الدولي بين عامي 2002 و2018.
وأقرت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري في اجتماعها اليوم- بعد تعيين عبد الله- الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير عند 11.25% للإيداع و12.25% للإقراض.
من جهة أخرى، اجتمع الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، مساء اليوم، مع القائم بأعمال محافظ البنك المركزي المصري، والدكتور محمود محيي الدين، المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي وتم استعراض مستجدات المشاورات الجارية بين مصر وصندوق النقد الدولي للتوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء بين الجانبين بما يسمح بدعم خطط الدولة المصرية الاقتصادية في المدى المتوسط، ويسهم في الحد من التبعات السلبية لأوضاع الاقتصاد العالمي على الاقتصاد المصري.
"أولويات الدولة المصرية خلال المرحلة الحالية تتمثل في سرعة اتخاذ السياسات والإجراءات التي تضمن استقرار الأوضاع الاقتصادية والمالية، والحد من الاثار السلبية لتلك الأوضاع العالمية على الاقتصاد المصري، بالتوازي مع عمل الحكومة على تعزيز جهود تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية الضرورية" وفق ما قاله المتحدث الرسمي لمجلس الوزراء.
سعر الصرف
يرى هاني جنينة، الاقتصادي والمحاضر بالجامعة الأميركية في القاهرة، أن تعيين قائم بأعمال محافظ البنك المركزي المصري "قرار مؤقت لحين اختيار محافظ ثابت يدير السياسة النقدية في مصر. لكن الأهم من الاختيار هو توجيهات الرئيس السيسي، لذا قد نرى تحرّكات في سعر صرف الجنيه ومعدل الفائدة".
هبط سعر الجنيه المصري إلى 19.18 مقابل الدولار، ليتراجع بأكثر من 22% منذ مارس الماضي، وهو أقل مستوى له منذ 5 سنوات. فيما تقلّص الاحتياطي النقدي لدى البنك المركزي المصري لنحو 33.1 مليار دولار، وهو ما يُعَدّ أدنى مستوى منذ 2017 أيضاً.
الرئيس المصري التقى حسن عبد الله، اليوم الخميس، وسلّمه قرار التعيين، طالباً منه تطوير السياسات النقدية لتتواكب مع المتغيرات الاقتصادية، والمساهمة بتوفير مناخ مناسب للاستثمار. كما وجّه بضرورة توفير مصادر متنوعة للموارد من العملات الأجنبية.
رفع المركزي في اجتماع استثنائي، خلال مارس، أسعار الفائدة 1% (100 نقطة أساس)، سعياً لامتصاص موجة التضخم، ومن أجل جذب استثمارات الأجانب بالدولار لأدوات الدين الحكومية، بعد أن خرجت مليارات الدولارات عقب الأزمة الروسية الأوكرانية. ثم رفع في مايو أسعار الفائدة 2% (200 نقطة) إضافية بعد استمرار الضغوط التضخمية.
يَعتبر هاني أبو الفتوح، رئيس شركة الراية للاستشارات، أن استقالة طارق عامر "قد تفتح الباب أمام المحافظ الجديد لإدارة المركزي وفق مدرسة وسياسة جديدة. ويجب عليه مراجعة السياسات النقدية بطريقة تضمن عدم تكرار أخطاء الماضي". متوقعاً أن يتم تخفيض قيمة الجنيه المصري "لأنه مقوّم بأعلى من قيمته، والبنك المركزي المصري قد يستجيب للضغوطات التي يتعرّض لها من صندوق النقد الدولي لتخفيض قيمة العملة المحلّية".
من أهم أولويات المحافظ الجديد، بحسب رئيس البحوث في "برايم المالية" عمرو الالفي، هي سياسة سعر الصرف لتوفير العملة الصعبة، ووضع تصوّر واضح للسياسة النقدية بصورة عامة للفترة القادمة". مقدّراً ألاّ يكون تعيين عبد الله مؤقتاً، بل أن يصبح محافظاً أصيلاً عند انعقاد الدورة المقبلة لمجلس النواب المصري.
سعر الفائدة الحقيقي
تبلغ أسعار الفائدة في مصر، على الودائع لليلة واحدة، وعلى الإقراض لليلة واحدة، وعلى سعر العملية الرئيسية، 11.25%، و12.25%، و11.75% على التوالي. بينما سعر الفائدة الحقيقية في مصر -أي معدل الفائدة الاسمي مطروحاً منه معدل التضخم- هو عند سالب 1.35% وفقاً لآخر بيانات.
في مقابلة مع "الشرق"، توقّع الخبير الاقتصادي هاني توفيق أن يرفع البنك المركزي المصري أسعار الفائدة في اجتماع اليوم "بنسبة 1% على الأقل، لأن سعر الفائدة الحقيقي بالسالب، وهذا ليس في صالح العملة المحلية. لكن يجب أن يصاحب ذلك تعويم مُدار للجنيه، حتى يصل لقيمته الحقيقة لجذب تدفقات بالدولار من جديد من المستثمرين الأجانب".
البورصة
صدر قرار تكليف حسن عبدالله بمهام محافظ المركزي المصري في الدقائق الأخيرة من تداولات بورصة مصر. وأغلق المؤشر الرئيسي للسوق مرتفعاً 0.36% عند 10094 نقطة.
محمد كمال، عضو مجلس إدارة "إيليت" للاستشارات المالية، يقول إن "البورصة ستتأثر إيجاباً بتكليف عبدالله، وقد نرى عودة لتداولات الأجانب من جديد، لأن تغيير المحافظ يعني أفكاراً وسياسات جديدة".
وكالة بلومبرغ نقلت عن ماثيو فوغل، رئيس قسم الأبحاث السيادية في "إف أي إم بارتنرز" (FIM Partners) ومدير محفظة في لندن، أنه "نظراً لتأخُّر إبرام اتفاقية البرنامج الجديد مع صندوق النقد الدولي، بشكلٍ غير مسبوق، والتي نعزوها جزئياً إلى السياسة النقدية وسياسة أسعار صرف الجنيه، فإن مغادرة طارق عامر تعني أن احتمال اتخاذ إجراءات مسبقة لبرنامج الصندوق قد يتمّ أخيراً".
دخل حسن عبد الله العمل المصرفي عام 1982 بالبنك العربي الأفريقي الدولي في مصر، ثم انتقل عام 1988 إلى فرع البنك في نيويورك. وعُيّن عام 1994 مساعداً للمدير العام، فمديراً عاماً بعدها بخمس سنوات، عام 1999، ثم نائباً لرئيس مجلس إدارة البنك وعضواً منتدباً عام 2002.
وهو حاصل على بكالوريوس إدارة الأعمال عام 1982، وماجستير بإدارة الأعمال في 1992، من الجامعة الأميركية في القاهرة.
توفيق أكّد على أن "استقالة عامر أعطت أملاً أن هناك تغيّرات سياسية تحصل، ستؤدي إلى انتعاش الاقتصاد المصري مرة أُخرى، فتعيين محافظ جديد للبنك المركزي يعني أن هناك قرارات وسياسات جديدة، بما يُؤمل أن يسهم بعودة الثقة إلى السوق المصرية واستقطاب مزيد من الاستثمارات".