من المحتمل أن تعلن الصين عن تسجيل انتعاش اقتصادي آخر في يوليو رغم أن قوة وطول فترة هذا الانتعاش أمر بعيد تماماً عن اليقين، وسط استمرار تفشي الوباء واستمرار الركود العقاري دون ظهور أي علامة على التراجع.
يمكن أن تُظهر البيانات الرسمية، التي ستنشرها الحكومة في الساعة 10 صباحاً بالتوقيت المحلي يوم الاثنين، تحسُّن مجموعة من المؤشرات الرئيسية، مثل الناتج الصناعي ومبيعات التجزئة، في يوليو، حيث انتعش نشاط الأعمال والمستهلكين تدريجياً من تداعيات أسوأ عمليات إغلاق وبائي في الربع الثاني.
مع ذلك، قد تكون الصورة الاقتصادية مختلطة، إذ من المحتمل أن يتباطأ الاستثمار العقاري، وأن يظل معدل البطالة مرتفعاً. رسمت البيانات المستقلة المنتشرة بشكل متواتر أيضاً صورة أكثر سلبية للتوقعات الاقتصادية، حيث انخفضت تدفقات الشاحنات، والتي تعادل الناتج الاقتصادي كمؤشر، بشكل ملحوظ في يوليو مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، كما انخفضت مبيعات المنازل الشهر الماضي مقارنة بالعام السابق.
مع إشارة صُناع السياسة إلى حالة "الانتظار والترقب" تجاه زيادة التحفيز والتضخم، ستقدم بيانات يوليو أدلة مهمة على اتجاه السياسة لبقية العام.
إليك ما يجب البحث عنه في بيانات يوم الاثنين:
مبيعات التجزئة
يشير متوسط تقديرات الاقتصاديين المشاركين في مسح "بلومبرغ" إلى أن مبيعات التجزئة قد تنمو بنسبة 5% في يوليو مقارنة بالشهر ذاته من العام الماضي، ارتفاعاً من 3.1% في يونيو في ظل تخفيف الضوابط المفروضة للسيطرة على كوفيد.
كذلك، ارتفعت مبيعات السيارات الشهر الماضي نظراً لبعض السياسات الإيجابية، مثل الإعانات والتخفيضات الضريبية، التي طُرحت هذا العام لجذب المشترين. وربما يكون الإنفاق على النقل والفنادق انتعش بسبب الطلب الموسمي الناتج عن الإجازات الصيفية.
مع ذلك، يمكن أن يكون هذا الانتعاش قصير الأجل، خاصة أن تفشي كوفيد في الوجهات السياحية الشعبية في أغسطس ساهم في تقييد الإنفاق والسفر. وأغلقت السلطات مؤخراً أجزاء من عاصمة التبت وتركت آلاف السياح عالقين في جزيرة هاينان الاستوائية بسبب العدوى الفيروسية.
على الرغم من أن اقتصاد "هاينان" يمثل 0.6% فقط من الناتج المحلي الإجمالي الصيني و0.5% من مبيعات التجزئة في عام 2021، إلا أن اندلاع الاضطرابات قد يثير مخاوف بشأن المخاطر التي ينطوي عليها السفر، ما يثبط السياحة على نطاق واسع ويضر بمعنويات المستهلكين، حسبما كتبت "بلومبرغ إيكونوميكس" في مذكرة.
الاستثمار
ربما يكون نمو الاستثمار في الأصول الثابتة توقف في يوليو، حيث اتجه صُناع السياسات نحو تسريع بناء مشاريع البنية التحتية الكبرى. ويتوقع خبراء الاقتصاد أن ينمو الاستثمار بنسبة 6.3% في الأشهر السبعة حتى يوليو، ليسجل بذلك نمواً لا يُذكر عن نسبة الـ6.1% المسجلة في النصف الأول من العام. يُحتمل أيضاً أن يتعزز الاستثمار الصناعي بفضل الطلب القوي على الصادرات، بجانب تحسين الربحية بسبب اعتدال ضغوط الأسعار.
مع ذلك، ربما يتباطأ الاستثمار العقاري أكثر في يوليو وسط اتساع أزمة الرهن العقاري وضعف ثقة المشترين.
أظهرت بيانات شركة "تشاينا ريل استيت إنفورميشن كورب" (China Real Estate Information Corp) أن مبيعات العقود المجمعة لأكبر 100 مطور صيني تراجعت بنسبة 40% عن العام السابق. ويتوقع خبراء الاقتصاد انكماش الاستثمار العقاري بنسبة 5.6% بين يناير ويوليو، مقارنة بانخفاض قدره 5.4% في الأشهر الستة الأولى من العام.
الناتج الصناعي
ربما يظل زخم الانتعاش في القطاع الصناعي كما هو، حيث أظهرت نتائج مسح "بلومبرغ" أن الناتج الصناعي نما بنسبة 4.4% في يوليو، ارتفاعاً من 3.9% في يونيو.
مع ذلك، أشارت مؤشرات مديري المشتريات الرسمية والخاصة والتي كانت أضعف من المتوقع إلى ضعف نشاط التصنيع. وبينما تراجعت حدة اضطرابات سلاسل التوريد الناتجة عن كوفيد بشكل عام، ما زالت الاضطرابات الإقليمية تسبب عثرات.
معدل البطالة
تكتسب أرقام الوظائف اهتماماً متزايداً، حيث يقلل كبار القادة من أهمية هدف نمو الناتج المحلي الإجمالي للبلاد البالغ نحو 5.5%، مقابل إعطاء أهمية أكبر لاستقرار التوظيف والأسعار.
وربما يظل معدل البطالة في الصين مرتفعاً في يوليو، حيث يتوقع الاقتصاديون الذي شملهم الاستطلاع بقاء معدل البطالة دون تغيير عند 5.5%، وهذا هو السقف الذي حددته بكين للعام بأكمله.
يجب أن يبحث المستثمرون أيضاً عن علامات تدل على أي تحسن في معدلات الوظائف الشاغرة للفئات الأكثر ضعفاً. وعادة ما تشهد أشهر الصيف ارتفاعاً موسمياً في البطالة مع دخول الخريجين إلى سوق العمل.
اقرأ أيضا: مدن الصين تواجه خياراً صعباً.. إما الطاقة الخضراء أو الغذاء
لا شك أن الضغط كبير بشكل خاص هذا العام، بسبب أن عدد الخريجين بلغ رقماً قياسياً قدره 10.76 مليون شخص. في الوقت نفسه، يعد التفشي المتكرر لكوفيد نذير سوء للعمال المهاجرين، حيث يمكن للسلطات أن تغلق مواقع البناء والمطاعم بمجرد تفشي الوباء من جديد.
تدابير السيولة
ستتاح أمام بنك الشعب الصيني فرصة لاستنزاف الأموال من النظام المصرفي عبر عمليات الإقراض السياسي يوم الاثنين، ما سيساعد في كبح المخاطر الناجمة عن السيولة المفرطة.
توقع 8 من أصل 12 محللاً استطلعت "بلومبرغ" آراءهم أن بنك الشعب الصيني سيمرر جزءاً فقط من تسهيلات الإقراض متوسطة الأجل البالغة 600 مليار يوان (88.8 مليار دولار) المستحقة بعد عام واحد، مع متوسط تقديرات يبلغ 400 مليار يوان. وستكون هذه أول نقدية شهرية مقدمة منذ ديسمبر 2021.
سيظل سعر الفائدة للإقراض متوسط الأجل المستحق بعد عام على الأرجح دون تغيير عند 2.85%، بحسب إجماع تقديرات المحللين، حيث يحد ارتفاع مخاطر التضخم من إمكانية تقديم مزيد من التيسيرات النقدية.
كانت السيولة النقدية تتراكم في السوق خلال الأشهر القليلة الماضية، وواجهت صعوبات للتحول إلى قروض تفيد الاقتصاد الحقيقي. كما تراجعت تكاليف الاقتراض بين البنوك لسبعة أيام إلى أدنى مستوياتها في عامين، وهي أقل بكثير من أسعار الفائدة قصيرة الأجل.
وحذر مسؤول سابق في بنك الشعب الصيني من أن ارتفاع تداول السندات بواسطة الرافعة المالية قد يؤدي إلى مخاطر مالية في حال بدء إجراءات التشديد الكمي لتقليل السيولة.