نجحت شركات التكنولوجيا الكبيرة، التي تواجه القمع في وطنها بسبب سيطرتها على التجارة الإلكترونية، واندفاعها نحو التمويل، في عروض اكتتاباتها العامة الأولية في الخارج.
تمَّ توظيف خدمات شركة الوساطة الإلكترونية المدعومة من "شاومي"، و"تينسينت هولدينغز" للمساعدة في ترتيب كلِّ ما يتعلَّق بالعمليات الضخمة لبيع أسهم شركات الاقتصاد الجديد في الصين في الخارج خلال العام الماضي، من أمثال "إكسبينغ"، و"لي أوتو".
إنَّ نجاحهم يجعل منهم تهديداً لشركات الوساطة الصينية الصغيرة والمتوسطة التي تعمل بالفعل في قطاع مزدحم بمثيلاتها. وقد دعمت "شاومي" "أب فينتيك هولدينغ" المعروفة باسم "تايغر بروكرز"، و"فوتو هولدينغز" التابعة لـ"تينسينت" معتمدة على علاقتهم الوثيقة بمشهد الشركات الناشئة، والعدد الهائل من العملاء بين الجاليات الصينية.
وقال "وو تيانهوا"، كبير المديرين التنفيذيين في "أب فينتيك": "إنَّ صعود الاقتصاد الجديد في الصين يمثِّل اتجاهاً واضحاً طويل الأمد، وسيعمل على تعزيز إحداث بنك صيني عالمي. كما سيوفِّر مساحة أيضاً لشركات الوساطة الإلكترونية مثلنا، التي تلعب دوراً أكثر قرباً إلى الكواليس، ودوراً متمماً وراء البنوك الكبيرة".
أرقام قياسية
شاركت "تايغر" في 26 اكتتاباً عاماً أولياً لشركات صينية في الولايات المتحدة في العام الماضي، في حين شاركت "فوتو" في نصف صفقات الإيداع الأمريكية. وساعدت مشاركتهما في طرح 36 شركة صينية للاكتتاب العام في الولايات المتحدة، وهو رقم قياسي في حدِّ ذاته، وبالرغم من تصاعد حدَّة التوترات بين أضخم قوتين اقتصاديتين في العالم، وتهديدات بالشطب من الأسواق المالية، وفرض تقييدات على الاستثمارات.
تحصد شركات الوساطة الإلكترونية فوائد بناء علاقات مع بعض الشركات الصينية التي يكثر الطلب عليها في مراحل مبكِّرة. ويعود جزء من ذلك إلى تزويد الموظفين بحسابات لإدارة الشعبية المتنامية بين الشركات الصينية الناشئة لإصدار خيارات أسهم قبل إدراجها، على حدِّ قول أليس ليو، مساعدة مدير محفظة استثمارية في "زيشانغ فند مانجمنت" التي يقع مقرها في شنغهاي.
ساعدت شركات الوساطة في الاكتتاب العام الأولي الخاص بشركة صناعة السيارات الكهربائية "إكس بينغ" التي يقع مقرها في غوانزو خلال شهر أغسطس، ضمن صفقة قادتها مجموعة "كريدي سويس"، إذ قدَّموا خدماتهم حول التداول، وخطط استقطاب الموظَّفين، ونشروا حملات عامة مبتكرة، وهي أعمال لا تهتم بها البنوك العالمية، أو ليست مجهَّزة للقيام بها، على حدِّ قول براين غو، نائب رئيس مجلس إدارة "إكسبينغ". وقال غو، الذي كان رئيس مجلس إدارة وحدة الخدمات المصرفية الاستثمارية لدول آسيا والمحيط الهادئ في "جيه بي مورغان تشايس آند كو"، قبل أن ينضمَّ إلى الشركة في عام 2018: "تعدُّ الخدمات التي تقدِّمها البنوك، وشركات الوساطة الإلكترونية مكمِّلة لبعضها".
لدى كلٌّ من "فوتو"، و"تايغر" الآن أكثر من مليون عميل وساطة، مما يوفِّر لهما تدفُّقات تداولية، والميزة اللازمة للدخول في مزيد من الصفقات. ففي بداية سبتمبر، على سبيل المثال، عندما أدَّت المبيعات الكبيرة لأسهم الشركات التكنولوجية إلى اضطراب الأسواق الأمريكية، ساهم عملاء "فوتو" بحوالي 1 مليار دولار من تداولهم في "تسلا" فحسب في يوم واحد، أو 2% من إجمالي قيمة التعاملات بهذا السهم، وفقاً لدينيس وو، الشريك الرئيسي في "فوتو".
كما أنَّ التدفُّقات الضخمة التي يمكنهم توجيهها تشكِّل ملاءمة جيدة في بيئة ما بعد الاكتتاب العام الأولي. ارتفعت تداولات "فوتو" أكثر من أربعة أضعاف عن السنة السابقة لتتجاوز 1 تريليون دولار هونغ كونغي، (129 مليار دولار) في الربع الثالث، مع مساهمة التداول في البورصات الأمريكية بحوالي 56%، كما أظهرت بيانات الشركة.
وقال وو من "فوتو": ساعد حجم التداول على منصتنا في السوق الثانوي في استقرار الأسعار بعد الإدراج، حتى بالنسبة لنجم الاكتتابات العامة الأولية التي لم ينقصها مشتركون".
صفقات محدودة متبقية
لكنَّ الانتقاء السهل لهذه الشركات قد يخسر زخمه الآن. فالتوتر المتزايد الآن بين الولايات المتحدة والصين، الذي شهد وضع "شاومي" على القائمة السوداء، قد يعيق الصفقات المرتقبة، على حدِّ قول ليو. ومع إدراج غالبية الشركات الرائدة في اقتصاد الصين الجديد، لم يبقَ إلا بضع صفقات كبيرة ستستقطب اهتمام شركات الوساطة الإلكترونية.
قال غو من "إكسبينغ"، من السهل المبالغة بشأن التهديد التنافسي، إلا أنَّ شركات الوساطة الإلكترونية تفتقد لعلاقات راسخة طويلة الأمد مثل التي تتمتَّع بها البنوك الأكبر مع المستثمرين المؤسساتيين، وليس لديها نفوذ كافٍ في عدد من المسائل، بما في ذلك التسعير.
بالرغم من مواجهة عدد من السنوات الصعبة؛ فإنَّ قيمة صفقات شركات الوساطة الإلكترونية لا تزال لا تمثِّل إلا جزءاً بسيطاً من أضخم البنوك. تفوَّق "كريدي سويس" قائمة الاكتتاب العام الأولي للأسهم في العام الماضي مع 22.3 مليار دولار في تفويضات في حين كانت حصة "تشاينا إنترناشيونال كابيتال" 14.9 مليار دولار بالمقارنة مع ـ600 مليون دولار لِـ"فوتو".
أما الآن، فإنَّهم مرتاحون أكثر للنظر إليهم كشركة تكنولوجية بدلاً من شرطة وساطة، ولا تزال لديهم النية ليتمَّ توظيفهم كمساعد للبنوك العالمية في سوق الاكتتابات العامة الأولية، بحسب دينيس وو، الشريك الرئيسي في "فوتو".
ومن جهته قال ليو من "زيشانغ فوند": لا تزال على البنوك أن تسأل أنفسها، ما نوع الخدمات التي تميِّزها، ويمكن عرضها للحصول على الدور ؟ ".