أعلنت شركة الكهرباء الفرنسية "إليكتريسيتي دو فرانس" -"إي دي إف"- عن تحقيق خسائر تاريخية خلال النصف الأول من عام 2022، إذ عانت من تراجع في الإنتاج النووي في خضمّ أزمة طاقة حادة في أوروبا.
يأتي هذا الأداء السيئ لشركة "إي دي إف" في حين تستعدّ الحكومة الفرنسية للتأميم الكامل للمرفق، وإعادة شراء 16% من الأسهم التي لا تمتلكها بالفعل بحلول نهاية أكتوبر.
تهدف هذه الخطوة إلى تبسيط عملية صنع القرار والسماح للشركة بالاستثمار في محطات نووية جديدة، مما يساعد في تأمين إمدادات الطاقة الفرنسية على المدى الطويل.
قال رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة " إي دي إف" جان برنار ليفي في بيان اليوم الخميس: "تعكس نتائج النصف الأول من العام الصعوبات التي تواجه توليد الطاقة النووية في فرنسا"، وقيوداً فرضتها الحكومة على أسعار الكهرباء.
تحولت شركة "إي دي إف"، ومقرها في باريس، إلى تحقيق خسائر صافية بعد المراجعة بقيمة 1.31 مليار يورو (1.34 مليار دولار) في النصف الأول من 2022، وذلك بعد تحقيق أرباح صافية بعد المراجعة بقيمة 3.74 مليار يورو في نفس الفترة من العام السابق، وفق تصريحات الشركة في نفس البيان.
جرى تداول أسهم " إي دي إف" بتغير طفيف عند 11.88 يورو بحلول الساعة 9:56 صباحاً في باريس يوم الخميس، على مقربة من مستوى 12 يورو للسهم الذي تخطط الحكومة لعرضه، بشرط الحصول على الموافقة النهائية من البرلمان الفرنسي.
حصلت الحكومة الفرنسية بالفعل على موافقة "الجمعية الوطنية"، الغرفة الدنيا للبرلمان الفرنسي.
يأتي التأميم المخطط له بعد سنوات من الأداء الضعيف وسقف الأسعار الذي فرضته الحكومة، مما جعل "إي دي إف" عاجزة عن تحمُّل أعباء الديون.
تعاني المفاعلات الحالية التابعة لشركة "كهرباء فرنسا" من تدهور قدراتها، مما أجبر الشركة على إعادة شراء الكهرباء لتغطية الكميات الناقصة في الإنتاج وسط ارتفاع شديد في أسعار السوق، في حين تعثر بناء منشآت جديدة بسبب التأخير وزيادة التكاليف.
كتب فينسينت أيرال، المحلل لدى "جيه بي مورغان تشيس" (JPMorgan Chase & Co) في مذكرة: لقد كان "النصف الأول صعباً للغاية بالنسبة إلى شركة (إي دي إف) التي تواجه انقطاعات غير عادية في الطاقة النووية، ويتعين عليها إعادة شراء كميات كبيرة من الكهرباء بأسعار عالية بشكل استثنائي، وتظل التحديات التشغيلية والتنظيمية تواجه كلاً من (إي دي إف) والحكومة بعد التأميم".
لدى سؤاله عن إصلاح محتمل لسوق الكهرباء الأوروبية، إذ ارتفعت الأسعار جزئياً بسبب تضاؤل إمدادات الغاز الروسي، قال رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة "إي دي إف" جان برنار ليفي إنه "ليس متفائلاً" بأن المفوضية والدول الأعضاء في أوروبا ستتفق قريباً على إصلاحات "عميقة".
أسواق متقلبة
توفر أسعار الكهرباء المرتفعة بعض المزايا لشركة "إي دي إف".
قال ليفي في اتصال مع الصحفيين إنّ الأسعار المرتفعة ستوفر للشركة 8 مليارات يورو إضافية من الأرباح قبل الفوائد والضرائب والإهلاك وإطفاء الديون (EBITDA) هذا العام. تضاعفت أرباح التداول وحدها ثلاث مرات تقريباً في النصف الأول لتصل إلى 1.75 مليار يورو وسط "أسواق السلع شديدة التقلب".
مع ذلك ارتفعت التكلفة المقدرة لعجز الإنتاج النووي لهذا العام إلى 24 مليار يورو، في حين أن خسائر الشركة من وضع سقف للأسعار لا تزال عند 10 مليارات يورو.
قال المدير المالي كزافييه جيري في الاتصال مع الصحفيين: "لا تزال آفاق الأرباح قبل الفوائد والضرائب والإهلاك وإطفاء الديون لعام 2022 تعتمد على تطور الأسعار بحلول نهاية العام".
قال المدير المالي إنّ هذه الأرباح في النصف الثاني من العام "من المتوقع أن تقل كثيراً عما كانت عليه في النصف الأول"، إذ لا يزال يتعين على الشركة إعادة شراء الكهرباء من السوق.
ارتفع صافي ديون الشركة إلى 42.8 مليار يورو في نهاية يونيو 2022 من 41 مليار يورو قبل عام.
كان من الممكن أن تكون الزيادة أكبر لولا التغيير الإيجابي في متطلبات رأس المال العامل البالغ 6.8 مليار يورو، وزيادة رأس المال بمقدار 3.1 مليار يورو.
يمثل الإنتاج النووي للشركة البالغ 361 تيراواط/ساعة 69% من إنتاج الكهرباء في فرنسا خلال عام 2021، ولكن من المتوقع أن ينخفض إلى أدنى مستوى له منذ أكثر من ثلاثة عقود هذا العام، ولن يتعافى تماماً في عام 2023.
يحدث هذا بسبب عمليات الفحص والإصلاحات للشقوق الصغيرة في الأنابيب الرئيسية في عشرات المفاعلات، جنباً إلى جنب مع الصيانة الدورية وتوقف التزود بالوقود في الوحدات الأخرى.
أكد الرئيس التنفيذي أن الشركة تتوقع أن يكون إنتاجها النووي الفرنسي بين 280 و300 تيراواط/ساعة هذا العام، وفي نطاق 300 إلى 330 تيراواط/ساعة في عام 2023.
يأتي ذلك بعد أن وافقت هيئة السلامة النووية الفرنسية على استراتيجية إي دي إف" لعمليات الفحص والإصلاح لتآكل التصدعات التي تؤثر في مفاعلاتها.