يمثّل طموح الأمير محمد بن سلمان بأن تصبح البورصة السعودية ثالث أكبر سوق مالية في العالم تحدّياً للقيّمين عليها، كتقديم الحوافز للشركات وطرح منتجات جديدة. ويرى البعض أن تحقيق هذا الهدف يتطلّب 10 سنواتٍ على الأقل.
يخفّف من كاهل هذه المهمة، إعلان ولي العهد عن طرح حصص في "نيوم" وكافة الشركات التابعة لصندوق الاستثمارات العامة للاكتتاب العام، بما يوفر العمق للسوق.
"الشرق" استطلعت آراء عدد من الخبراء والمحلّلين حول إمكانيات بورصة المملكة للوصول إلى لمرتبة الثالثة عالمياً من حيث القيمة السوقية للشركات المدرجة خلال السنوات القليلة المقبلة، وأبرز العوامل الداعمة لتحقيق ذلك.. والتحدّيات.
تبلغ القيمة السوقية للبورصة السعودية (تداول) نحو 3 تريليونات دولار، وتحتل المركز 11 بين الأسواق المالية العالمية، حيث تتصدّر بورصة نيويورك القائمة بقيمة تفوق 28 تريليون دولار، فيما تحتل بورصة شنغهاي الصينية المركز الثالث، بعد بورصة "ناسداك"، بقيمة سوقية تصل إلى 7.5 تريليون دولار، وفقاً لتصنيف صادر في سبتمبر.
السعودية تستهدف القفز بترتيب سوق الأسهم للمركز الثالث عالمياً
بورصة السعودية مرشحة لبلوغ 5 تريليونات دولار بـ5 سنوات من دون طروحات جديدة
رئيس المشورة في "جي آي بي كابيتال" عبدالله الحامد، يقول إن "السوق المالية السعودية حالياً ليست مهيأة بشكلٍ كبير للمستثمرين الأجانب، وتتطلب تحسينات أكبر لجذبهم، وبالتالي للوصول إلى مراكز أكثر تقدّماً". ويركّز على ضرورة "تطوير المنتجات للمتداولين الأفراد والمؤسسات لجعلها متسقة مع الأسواق العالمية، إلى جانب رفع القيود عن دخول وخروج الأموال الخارجية".
بدوره، يَعتبر رئيس المركز الخليجي للاستشارات المالية محمد العمران أن سوق الأسهم السعودية "تم تطويرها إلى سوق "ناشئة"، وهذا المسار إيجابي، إلّا أنها تحتاج إلى أكثر من 10 أعوام حتى تبلغ مصاف السوق "المتقدّمة"، وذلك يتطلّب المزيد من المنتجات كالمشتقات المالية، وعمق التداول".
لكن الحامد يُنوّه بأن إدراج شركات صندوق الاستثمارات العامة في بورصة الرياض "سيجذب المستثمرين الأجانب للسوق، التي تسير بنحو متطور في الآونة الأخيرة. وإن كان ينقصها إضافة منتجات جديدة، وتحسين بعض التشريعات".
بينما يلفت العمران إلى أن هناك عوامل عدّة "ستسهم في تحقيق تقدّم سريع لبورصة المملكة على سلّم ترتيب البورصات العالمية، من أهمها إدراجات شركات صندوق الاستثمارات العامة، بموازاة نجاح إدارة السوق بجذب الشركات الكبيرة في الشرق الأوسط للإدراج المزدوج".
أكبر 10 طروحات أولية في سوق الأسهم السعودية
الشركة | قيمة الطرح (مليار ريال) | سنة الاكتتاب |
أرامكو | 96 | 2019 |
البنك الأهلي التجاري | 22.5 | 2014 |
النهدي الطبية | 5.1 | 2022 |
أكوا باور | 4.5 | 2021 |
مجموعة تداول السعودية القابضة | 3.8 | 2021 |
العربية لخدمات الإنترنت والاتصالات | 3.6 | 2021 |
علم | 3 | 2022 |
الخدمات الأرضية | 2.8 | 2015 |
سليمان الحبيب | 2.6 | 2020 |
المراكز العربية | 2.4 | 2019 |
كرة الثلج
من جانبه، يرى المحلل المالي حمد العليان أن سوق الأسهم السعودية "قادرة على الوصول للمرتبة الثالثة عالمياً من حيث القيمة السوقية، بعد أن أصبحت تستوعب الاكتتابات العامة الكبرى، مثل طرح أسهم شركة "أرامكو" الذي حقّق نجاحاً كبيراً".
كما أشار إلى أن بورصة الرياض قد تشهد المزيد من الطروحات العملاقة، بخلاف شركة "نيوم"، حيث يجري إنشاء العديد من المشاريع والشركات في المملكة بمختلف القطاعات، مثل التطوير الحضاري والسياحي والترفيهي والرعاية الصحية والإسكان، "والتي سيكون لديها نصيب من السوق المالية السعودية".
مدير مركز زاد للاستشارات حسين الرقيب يوافق أيضاً بأن طرح شركة مثل "نيوم" سيدعم البورصة المحلية بشكلٍ كبير ويعزّز قيمتها السوقية. متوقعاً أن يلي ذلك إدراج العديد من الشركات مستقبلاً، مثل مشاريع البحر الأحمر، و"القدية"، و"أمالا"، والتي "ستلقى اهتماماً من قِبل المستثمرين الذين يتطلعون للاستثمار بالشركات التي تراعي المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة".
كذلك، فإن المستثمرين "يجدون فرصاً في السوق السعودية، لاسيما من ناحية التوزيعات النقدية التي تتجاوز لدى الكثير من الشركات توزيعات نظيراتها في البورصات الأخرى".
بحسب المحلل المالي في "الشرق" محمد زيدان، فإن متوسط معدل النمو المركب لمؤشر سوق الأسهم السعودية الرئيسية (تاسي) يناهز 11%، وإذا ما استمر بالحفاظ على هذا المعدل، يُمكن أن تتجاوز القيمة السوقية لمؤشر البورصة السعودية 5 تريليونات دولار خلال 5 سنوات، بدون أي طروحات أوّلية لشركات عملاقة مثل "نيوم"، أو سواها من الكيانات المملوكة للصندوق السيادي السعودي.
يُذكر أنه من ناحية القيمة السوقية؛ يتخطى مؤشر "تاسي" السعودي حالياً مؤشر "فوتسي 100" البريطاني الذي تناهز قيمته 2.4 تريليون دولار، ويقترب من القيمة السوقية لمؤشر "يورو ستوكس 5" للأسهم الأوروبية والبالغة 3.55 تريليون دولار.