تستمر البنوك بالولايات المتحدة والشرق الأوسط في تمويل تجارة المحاصيل والأسمدة الروسية المهمة، ما يعني أنها تفعل ما لا يمكن أن يفعله نظراؤها الأوروبيون بسبب العقوبات الذاتية.
لم تستهدف العقوبات المفروضة على روسيا بسبب غزوها لأوكرانيا القطاع الزراعي نظراً للدور الرئيسي الذي يلعبه في المساعدة في إطعام العالم. وأكّدت الولايات المتحدة أن المواد الغذائية والأسمدة لم تُدرج ضمن أي قيود، في خطوة استهدفت تهدئة مخاوف المشترين. وتجنّبت دول الشرق الأوسط وآسيا، في الغالب، العقوبات المفروضة على موسكو تماماً، بينما تتجنب العديد من البنوك الأوروبية تمويل المنتجات الروسية.
تسبّبت عقوبات الاتحاد الأوروبي التي تستهدف المالكين المستفيدين لبعض شركات "السلع السائبة" في حالة من انعدام اليقين بشأن الصفقات المسموح بها، ويشعر المقرضون بالقلق بشأن التعامل مع نظرائهم الروس على نطاق أوسع. يحدث الشيء نفسه في سويسرا التي عكست قواعد الاتحاد الأوروبي، ولعبت بشكل تقليدي دوراً رئيسياً في تمويل التجارة في السلع الروسية.
يوضّح الانقسام الحالي كيف تواصل الشركات التي تتداول وتمول تدفق السلع حول العالم مواجهة مسألة السلع الروسية. وتُعدّ روسيا مورداً ضخماً للحبوب، خاصة القمح، وتسعى الحكومات لضمان ألا تؤدي القيود المصممة لمعاقبتها إلى ارتفاع تكاليف الغذاء العالمية لمستويات شبه قياسية.
هناك مؤشرات حديثة على أن الاتحاد الأوروبي يسعى لتشجيع تجارة المواد الزراعية الروسية وتقليل الامتثال المفرط نتيجة لقواعده، حيث وقع السفراء على إجراءات جديدة هذا الأسبوع تسمح بإعفاءات من العقوبات المفروضة على المعاملات الزراعية.
قالت سارة هانت، الشريكة في شركة المحاماة "هولمان فينويك ويلان" (HFW): "لا غرابة في تردد البنوك السويسرية والأوروبية في تمويل الصفقات حيث يتطلّب الأمر تحليل هيكل ملكية أطراف التجارة".
أسعار الغذاء
يأتي كل من "سيتي غروب" و "جيه بي مورغان تشيس آند كو" ضمن البنوك التي ما زالت تموّل مشتريات السلع الزراعية الروسية، إما مباشرة أو من خلال شركات تابعة، بحسب أشخاص مطلعين طلبوا عدم الكشف عن هويتهم نظراً لسرية التفاصيل.
قالت شركتان أميركيتان كبيرتان تعملان في مجال الزراعة، وطلبتا عدم الكشف عن اسمهما، إنهما تواصلان ممارسة الأعمال التجارية الروسية دون مشاكل مالية.
رفض "سيتي غروب" و "جيه بي مورغان" التعليق على الأمر. وقالت مجموعة "سيتي" الأسبوع الماضي إنها تدرس إمكانيات التخارج من أعمالها المصرفية الاستهلاكية والتجارية في روسيا. بينما قال مصرف "جيه بي مورغان" في مارس إنه يشارك في عمليات محدودة في روسيا.
كانت أسعار المواد الغذائية العالمية ترتفع بالفعل قبل غزو أوكرانيا، التي تُعدّ أيضاً مورداً رئيسياً للحبوب، لكن الغزو دفعها إلى مستويات قياسية مرتفعة، ما أدّى إلى تقليص ميزانيات الأسر والتهديد بتفاقم الجوع العالمي. ورغم أن روسيا واصلت تصدير كميات كبيرة من القمح الموسم الماضي، لكن المخاوف من العقوبات والمخاطر المتعلقة بالحرب أدّت إلى زيادة تكاليف الشحن والتمويل والتأمين.
أصدرت وزارة الخزانة الأميركية صحيفة وقائع الأسبوع الماضي تؤكد فيها أن الأسمدة والمنتجات الزراعية غير مدرجة ضمن أي عقوبات. وقال الاتحاد الأوروبي في يونيو إن عقوباته لا تمنع الشركات الأوروبية من شراء أو استيراد أو دفع ثمن المنتجات الزراعية الروسية، بشرط عدم تورط الأشخاص الخاضعين للعقوبات.
يأتي دميتري مازبين ضمن المالكين المستفيدين لشركات السلع الزراعية الروسية والخاضعين للعقوبات، حيث تنازل عن حصة في شركة الأسمدة "أورالكيم" (UralChem) إلى المديرين التنفيذيين، بجانب فاديم موشكوفيتش الذي خفض حصته في المجموعة الزراعية "روس أغرو" (Ros Agro) إلى أقل من 50%.
انسحب الملياردير أندريه ميلينشينكو بصفته مستفيداً من صندوق استئماني يمتلك أسهماً في شركة صناعة الأسمدة "يوروكيم" (EuroChem) من خلال شركة قابضة، تاركاً عائلته تستفيد من هذا الصندوق، بينما تخضع زوجته أيضاً لعقوبات الاتحاد الأوروبي. ولم يفرض الاتحاد عقوبات مباشرة على منتجات الزراعة والأسمدة الروسية.
كجزء من حزمة عقوبات جديدة مقترحة، وقّع سفراء الاتحاد الأوروبي على تغييرات توفر إعفاءات للكيانات الخاضعة للعقوبات، بما فيها البنوك، لإتمام المعاملات الزراعية، بحسب مسودة الاقتراح الذي حصلت عليه "بلومبرغ".
بتسليط الضوء على التحديات التي ما زالت تواجه أوروبا، بدا أن التجار يسارعون إلى إنشاء شركات في دبي، نظرا لأن سويسرا تصعّب عليهم التعامل مع موسكو.
قال إدوارد زيرنين، رئيس الاتحاد الروسي لمصدري الحبوب، هذا الشهر، إن شركات شحن الحبوب الروسية ما زالت تواجه مشاكل في الحصول على التمويل من البنوك الأوروبية، بينما يُعدّ العمل مع المقرضين الأميركيين أسهل. وحث الاتحاد الروسي لمصدري الحبوب المسؤولين على توضيح أن التجارة في السلع الزراعية الروسية مسموح بها.
في إشارة إلى الغذاء والطاقة، قالت جين فريزر، الرئيسة التنفيذية لمجموعة "سيتي غروب"، بداية الشهر الجاري: "رأينا جميعاً مدى صعوبة فصل الاقتصاد الروسي عن الغرب في قطاعين رئيسيين.. كنا في منتصف بعض تلك التدفقات الضرورية للغرب والشركات متعددة الجنسيات التي تدعمها".