تسعى مصر لحشد دعم ووساطة الدول الأوروبية في إطار مساعيها لقرض جديد من صندوق النقد الدولي، يساعدها بتخفيف وطأة المصاعب الاقتصادية التي تعاني منها وسط ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة بشكلٍ حاد.
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي دعا اليوم، خلال مؤتمر صحفي مع المستشار الألماني أولاف شولتس في برلين، "أصدقاءنا في أوروبا لإيصال رسالة إلى صندوق النقد الدولي والبنك الدولي بأن الواقع الموجود في بلادنا لا يحتمل المعايير المعمول بها خلال هذه المرحلة وحتى تنتهي هذه الأزمة".
تُجري مصر محادثات مع صندوق النقد الدولي منذ مارس الماضي بشأن دعمٍ محتمل يمكن أن يشمل قرضاً جديداً، إذ تضيف الصدمات الناجمة عن الحرب في أوكرانيا الضغط على اقتصاد البلاد. وهذه هي المرّة الأولى التي تطول فيها المفاوضات لهذا الحدّ دون الإعلان عن التوصل لاتفاق نهائي.
ترى عليا ممدوح، محللة الاقتصاد المصري في "بلتون المالية"، أن "المسألة سياسية بحتة، ولا يتعلّق الأمر ببرنامج أو معايير، لكن أتوقع أن يتم الاتفاق في النهاية إنما ليس في القريب العاجل".
يُعدّ تصريح السيسي الأول من نوعه لمسؤول مصري يطالب فيه الغرب بنقل تحدّيات الوضع في مصر إلى صندوق النقد، من أجل إتمام اتفاق القرض دون المعايير المعمول بها في الصندوق أو اشتراطاته الحالية، التي لم يفصح عنها خلال كلمته.
عام 2020، حصلت مصر من صندوق النقد، بموجب اتفاق استعداد ائتماني، على 5.2 مليار دولار، بالإضافة إلى 2.8 مليار دولار بموجب أداة التمويل السريع، ما ساهم بتخفيف تأثيرات جائحة كورونا.
كما قال السيسي خلال المؤتمر الصحفي إن "أزمة الغذاء والطاقة ضاغطة جداً جداً جداً على الاقتصاد في مصر".
قررت الحكومة المصرية، الأسبوع الماضي، رفع سعر السولار لأول مرة منذ يوليو 2019، بنحو 50 قرشاً ليصبح 7.25 جنيه للتر، في خطوةٍ قد ترفع التضخم بالبلاد لمستويات جديدة.، كما رفعت سعر البنزين بأنواعه الثلاثة للمرة السادسة على التوالي.
الحاجة اـ20 مليار دولار
هاني جنينة، الاقتصادي والمحاضر بالجامعة الأميركية في القاهرة، يؤكد أن مصر في حاجة "لقرض صندوق النقد الدولي بشكلٍ كبير، كونه تمويلاً يفتح الباب لتمويلات أُخرى من خلال فتح شهية المستثمرين الأجانب للعودة من جديد للاستثمار في أدوات الدين الحكومية"، مشيراً إلى أن البلاد لديها فجوة تمويلية تتراوح ما بين 40 إلى 45 مليار دولار خلال 12 شهراً المقبلة.
يؤكد إجراء المحادثات مع الصندوق الضرورة الملحّة لتأمين الدعم، في وقتٍ يضيف فيه مزيج من ارتفاع أسعار السلع الأساسية والطاقة، وموجة من التشديد النقدي عالمياً، ضغطاً على اقتصاد واحدة من أكثر دول الشرق الأوسط مديونية.
يتوقع جنينة أنه من الصعب "الاستمرار أكثر من ذلك بالسحب من الاحتياطي النقدي"، معتقداً أن الحكومة المصرية "قريبة من إتمام الاتفاق مع الصندوق، بقيمةٍ تتراوح بين 15 إلى 20 مليار دولار على 4 سنوات.. أمّا لو كانت لو الأموال أقلّ من ذلك، فلن تكون كافيةً لطمأنة المستثمرين، وسيعني ذلك أننا بحاجة لتقشّف قوي".
هبط سعر الجنيه المصري مقابل الدولار الأميركي بأكثر من 20% بعدما سمح له المركزي بالتحرك في مارس الماضي. ورفع المركزي أسعار الفائدة بنحو 300 نقطة أساس منذ مارس الماضي وحتى الآن.طالع المزيد: وزير المالية لـ"الشرق": 90% من استثمارات الأجانب تخارجت من أدوات الدين المصرية
بلغت استثمارات الأجانب بأدوات الدين المصرية 34.1 مليار دولار في سبتمبر الماضي، ثم انخفضت إلى 28.8 مليار دولار في ديسمبر الماضي، وفقاً لأحدث أرقام رسمية متاحة، قبل أن يصرّح محمد معيط لـ"الشرق" في يونيو الماضي أن"أكثر من 90% من استثمارات الأجانب في أدوات الدين الحكومية خرجت بالفعل، بعد الأزمة الروسية الأوكرانية".
تراجعت صافي الاحتياطيات الأجنبية في مصر إلى 33.4 مليار دولار في نهاية شهر يونيو 2022، فاقدةً بذلك نحو 6% من على أساس شهري.