قررت الحكومة المصرية، اليوم، رفع سعر السولار لأول مرة منذ يوليو 2019، بنحو 50 قرشاً ليصبح 7.25 جنيه للتر، في خطوةٍ قد ترفع التضخم بالبلاد إلى مستويات جديدة.، كما رفعت سعر البنزين بأنواعه الثلاثة للمرة السادسة على التوالي.
تراوحت الزيادة في أسعار البنزين بين 6.6% لبنزين 80 ليبلغ سعر اللتر 8 جنيهات، و5.7% لبنزين 92 ليبلغ اللتر 9.25 جنيه، و10.25% لبنزين 95 ليبلغ سعر اللتر 10.75 جنيه. هذه هي المرة الأولى للجنة تسعير المواد البترولية التي تأسست في يوليو 2019، التي تزيد فيها سعر السولار في البلاد.
تستهلك مصر سنوياً نحو 12 مليون طن سولار، ونحو 6.7 مليون طن بنزين.
تعتمد لجنة التسعير في قرارها على متوسطات أسعار خام برنت في السوق العالمية، وسعر صرف الدولار مقابل الجنيه، مع الأخذ بالاعتبار معدل التضخم بقطاع النقل. علماً بأن الحد الأقصى للزيادة في الأسعار الذي تتخذه لا يتجاوز عادةً 10% على الأسعار القائمة.
اعتمدت مصر سعر برميل النفط عند 80 دولاراً في الميزانية الجديدة للسنة المالية الحالية 2022-2023.
عليا ممدوح، محللة الاقتصاد المصري في "بلتون المالية"، تقول إنّ "الزيادة في أسعار البنزين كانت متوقعة، لكن بالنسبة إلى السولار لم تكُن متوقعة. ومن الواضح أن تقييم الجنيه أمام الدولار، وسعر النفط عند أعلى من 100 دولار للبرميل، مؤثر بشدّة في قرار الزيادة".
تراجعت أسعار النفط بسبب المخاوف بشأن التباطؤ الاقتصادي العالمي، وتزايد حالات الإصابة بفيروس كورونا في الصين، ما أدّى إلى تراجع شهية المخاطرة بين المتداولين، إذ فقدَ مزيج برنت 7.22 دولار ليصل إلى مستوى 99.88 دولار أمس الثلاثاء.
التضخم
ترى ممدوح أن "رفع سعر السولار سيؤثر بكل شيء في مصر، بدءاً من تكلفة المواصلات البسيطة إلى أسعار شحن الخضراوات والفاكهة وكل السلع والمنتجات، وبالتالي سنشهد في الفترة القريبة المقبلة ارتفاعاً في أرقام التضخم لا يقل عن 2% على أساس شهريّ".
هبط التضخم في المدن المصرية ليسجل 13.2% في يونيو على أساسٍ سنوي في أول تراجعٍ له منذ نوفمبر، بدعمٍ أساسي من انخفاض أسعار الخضراوات والفاكهة. أمّا على أساس شهريّ فانكمشت الأسعار 0.1% في يونيو، حسب بيان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
عانت الطبقات الوسطى والفقيرة في مصر خلال السنوات الماضية من ارتفاع حادّ في أسعار كل السلع والخدمات. وعلى مدى الأعوام القليلة الماضية انتشرت شاحنات تابعة للجيش في أنحاء البلاد لبيع المنتجات الغذائية بأسعار رخيصة، وزادت منافذ البيع التابعة للقوات المسلحة.
إلى ذلك، ولتخفيف عبء برنامج الإصلاح على محدودي الدخل، اتخذت السلطات المصرية عدداً من الإجراءات، شملت زيادة الأجور والمرتبات، ورفع حد الإعفاء الضريبي، وتطبيق علاوات استثنائية.
خلال الأشهُر الأخيرة، تخطّت أرقام التضخم في مصر الرقم المستهدف من قِبل البنك المركزي المصري البالغ 7% (بزيادة نقطتين مئويتين أو أقل) حتى نهاية 2022. وكان التضخم في مصر قفز بعد أن حررت الدولة سعر صرف الجنيه في نهاية 2016، ثم حركته جزئياً في مارس 2022 مرة أخرى، وتراجعت حينها قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار بأكثر من 20% حتى الآن.
صندوق النقد
هاني جنينة، الاقتصادي والمحاضر بالجامعة الأميركية في القاهرة، يؤكد أن "تحرك سعر السولار، واستخدام الحد الأقصى لرفع سعر البنزين، يأتيان تزامناً مع مفاوضات مصر مع صندوق النقد الدولي للحصول على تمويل، إذ إنّ السيطرة على عجز الموازنة هي مطلب رئيسي في كل برامج الصندوق".
تراجع العجز الكلي للموازنة المصرية إلى 6.1% من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2021-2022، انخفاضاً من 6.8%في السنة السابقة.
طلبت مصر رسمياً من صندوق النقد الدولي دعماً لتنفيذ برنامج اقتصادي شامل، في إطار التحديات التي نشبت جراء البيئة العالمية سريعة التغير، والتداعيات المرتبطة بالحرب في أوكرانيا.
طالع أيضاً: بضغط من هبوط الجنيه والاحتياطي.. هل تعجّل مصر المفاوضات مع صندوق النقد لقرض جديد؟
جنينة توقع أن تؤدي زيادات البنزين والسولار إلى "ارتفاع مؤقت في معدل التضخم الشهري والسنوي خلال الشهور المقبلة، خصوصاً أن السولار هو الوقود الأساسي المستخدم في وسائل النقل التجارية، مما يزيد كلفة تداول المنتجات".
كانت مصر رفعت تقديراتها لدعم المواد البترولية بنحو 22% في ميزانية السنة المالية 2021-2022 المنتهية في يونيو الماضي، ليبلغ 22.4 مليار جنيه، مقابل 18.4 مليار جنيه كانت متوقعة من قبل، فيما يبلغ الدعم المتوقع في السنة المالية الحالية 2022-2023 نحو 28 مليار جنيه.