ستزيد حالات التخلف عن سداد الديون في الأسواق الناشئة بشكل أكبر بسبب عدم مقدرة الدول على التعامل مع الزيادة المفاجئة في تكاليف الاقتراض، وفقاً لـ"مان غروب" (Man Group) التي تدير أحد أفضل الصناديق أداءً في هذه الصناعة.
قالت مديرة المحفظة ليزا تشوا في مقابلة مع "بلومبرغ" إنَّ ما يقارب من 10% من الديون السيادية المقوّمة بالدولار معرّضة بشدة لخطر التخلف عن السداد. تخلفت كل من روسيا وسريلانكا بالفعل عن سداد ديونها، هذا العام، كما بلغ تداول الديون السيادية في 19 دولة نامية (وهو رقم قياسي) مستويات التعثر.
قالت تشوا، وهي عضوة من خمسة أفراد في فريق ديون الأسواق الناشئة بقيادة غويليرمو أوسيس الذي تمكّن من التفوق على 99% من نظائره خلال هذا العام، إنَّ الصندوق استطاع تجنّب بعض مخاطر الحرب الروسية في أوكرانيا، وابتعد عن المجالات المزدحمة في السوق.
أضافت تشوا: "لن يستطيع الجميع تجديد ديونهم في بيئة تقل فيها وفرة السيولة. نتوقَّع أن نشهد المزيد من حالات التخلف عن السداد وعمليات محتملة لإعادة الهيكلة".
مخاطر أعلى
تُشير بيانات مؤشر "بلومبرغ" إلى أنَّ عدد الدول ذات عوائد الديون، التي يرى المستثمرون أنَّها من المحتمل أن تتخلف عن السداد، قد تضاعف في الأشهر الستة الماضية. يصل حجم الديون التي تقترب آجال استحقاقها للمستثمرين الأجانب والمعرضة للمخاطر إلى 237 مليار دولار، وتركّز السوق على دول مثل السلفادور وغانا وباكستان.
قالت تشوا: "تتعرّض للخطر الأسواق الناشئة ذات العائد المرتفع التي أصدرت حجماً ضخماً من الديون مؤخراً. يُفضّل أن يتم تسعير مخاطر التخلف عن السداد أكثر من المُطبق في السوق حالياً".
تفوقت "مان"، أكبر صندوق تحوط مُدرج في البورصة حول العالم والذي يُدير حوالي 151.4 مليار دولار، على 99% من نظائرها بعدما وصلت عائدات صندوق ديون الأسواق الناشئة نحو 4.7% هذا العام، بحسب بيانات جمعتها "بلومبرغ". وعلى عكس ذلك؛ أظهر مؤشر "بلومبرغ" أنَّ الديون السيادية المقوّمة بالدولار في الأسواق الناشئة خسرت 20%.
إشارات مبكرة
برغم رفض تشوا الحديث عن أداء الصندوق لأسباب قانونية؛ أفادت في مدونة حديثة أنَّ الشركة ربما تفادت الضرر الذي شعر به حاملو الديون الروسية بعد غزوها لأوكرانيا، مشيرة إلى أنَّ ضعف مقاييس الامتثال للمعايير البيئية والاجتماعية و الحوكمة في البلاد، والتقييمات الضخمة، والمراكز المالية المُكدسة من قبل المؤسسات الأخرى كانت بمثابة إشارات لمخاطر محتملة بالنسبة لـ"مان".
كتبت تشوا: "كانت هذه القضايا بالنسبة إلينا بمثابة إشارات تحذيرية بشأن المخاطر المحتملة في مقاييس الامتثال للمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة. أصبحت هذه المخاطر في مركز الصدارة بعدما بدأت روسيا في حشد القوات على حدود أوكرانيا خلال الأشهر السابقة للغزو. كان من المفترض أن يقلّص المشاركون مراكزهم المالية في أوكرانيا إذا ما كانوا بالفعل قلقين بشأن المخاطر المتعلقة بالغزو. لكنَّهم لم يفعلوا ذلك".
وفي أعقاب آثار الغزو التي تبدأ من ارتفاع التضخم إلى اضطرابات الإمدادات الغذائية، قد تعاني حالياً الدول ذات العملات المربوطة بأخرى أو المدارة بشدة من أجل التكيّف مع الصدمات الاقتصادية لسداد الديون الخارجية، وفقاً لتشوا.
دفعت هذه المخاوف المستثمرين إلى سحب 48 مليار دولار من صناديق ديون الأسواق الناشئة العالمية في النصف الأول من عام 2022، وفقاً لـ"بنك أوف أميركا" نقلاً عن بيانات "إي بي إف أر غلوبال" (EPFR Global). تتوخى تشوا الحذر بشأن الأشهر المقبلة، ولكنَّها ترى فرصاً لإضافة أصول عالية الجودة في حال تسبّبت مخاوف التخلف عن السداد في عمليات بيع واسعة.
في الوقت نفسه، وصلت العوائد المعروضة على ديون الأسواق الناشئة ذات المخاطر المرتفعة إلى أعلى مستوياتها منذ عامين، مما منح المستثمرين نحو 1% شهرياً عن تحمل المجازفة. كذلك صمدت الاقتصادات الرئيسية بدءاً من المكسيك والبرازيل إلى إندونيسيا أمام الاضطرابات حتى الوقت الحالي.
قالت تشوا: "يجب أن يتم التركيز على عائد المخاطرة وتخفيف المخاطر الهبوطية، وليس مجرد شراء قيم المخاطر والعائد بشكل أعمى. نحن ندخل في مرحلة تأسيس نظام جديد يحتاج فيه المستثمرون إلى التركيز بشكل أكبر على العائد واختيار البلد".