لا ضرورة للقلق بشأن الركود الأميركي الوشيك بعد الآن، لأنَّ الولايات المتحدة تعاني منه بالفعل حالياً، وفق تأكيد معهد "ويلز فارغو إنفستمنت" (Wells Fargo Investment Institute).
قال ذراع التحليلات الاستثمارية التابع لبنك "ويلز فارغو" إنَّ الولايات المتحدة تدخل في حالة ركود بالنصف الثاني من العام الجاري –أو بمعنى أصح تعيش في خضمه حالياً- وسط التضخم الذي ازدادت سرعته ونطاقه بأكثر من المتوقَّع، مما زعزع معنويات المستهلكين والشركات، الذين يشهدون تحولاً في الإنفاق.
تتناقض نظرة الشركة الحالية عما كانت عليه قبل نحو شهر، حينما توقَّعت حدوث ركود "طفيف" بحلول نهاية العام الجاري وليس قبله، لكنَّها سبقت التوقيت ورفعت الخطورة إلى "معتدل".
في حين أنَّ الكثير من شركات التحليل الكبرى في وول ستريت مثل "غوغنهايم" (Guggenheim)، و"نومورا سيكيوريتيز" (Nomura Securities) تتوقَّع حدوث ركود بحلول نهاية العام المقبل، تعد تنبؤات المعهد واحدة من أوائل التقديرات التي تزعم أنَّ الركود موجود الآن بالفعل. حتى أنَّها تتناقض مع تنبؤات الاقتصاديين في قسم آخر منفصل من مجموعة "ويلز فارغو" نفسها، ممن توقَّعوا حدوث ركود طفيف فقط بحلول منتصف 2023 وليس قبل ذلك.
اقرأ أيضاً: "دويتشه بنك": الاقتصاد الأميركي سيعبر 2022 من دون ركود
تقسيم الركود
قال سمير سامانا، كبير المحللين الاستراتيجيين للسوق العالمية في مجموعة الاستثمار، عبر تصريحات هاتفية، أمس الخميس: "ينقسم الركود لجانبين، الأول يركز على الجزء الفني من الركود وكان ذلك بالنصف الأول من العام، ومن ثم يأتي الجزء الثاني الخاص بحدوث تدهور ملموس في الاستهلاك والتوظيف، ويظهر هذا العبء بالنصف الثاني من العام".
تشير التقديرات إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي الأميركي بنسبة 1.6% في الربع الأول، فيما تُظهر البيانات الآتية من بنك الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا إلى تراجع بحجم مماثل في الأشهر الثلاثة المنتهية في 30 يونيو، لكنَّ التقرير الرسمي للحكومة الأميركية الخاص بالتقدير بالأولي لن يُعلن حتى وقت لاحق من الشهر الجاري.
إذا أظهر ذلك التقرير قراءة سلبية؛ ستكون الولايات المتحدة في حالة ركود فني. لكنْ هناك مقياس أكثر استخداماً، والذي يستعمله المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية، وهو منظمة خاصة مسؤولة عن تحديد التوقيت الرسمي للركود، ويبرز هذا المقياس الانخفاض الملحوظ عبر الاقتصاد في مجموعة من المؤشرات، بما في ذلك سوق العمل والاستثمار والإنفاق.
صدمة توظيف وإنفاق
كان ذلك توقُّع المجموعة التي يعمل بها سامانا بأن يشعر الأميركيون به خلال ما تبقى من العام الجاري. ويتنبأ محللو المجموعة الآن بمعدل بطالة يبلغ 5.2% بنهاية 2023، و4.3% هذا العام، وكلاهما يشكل صعوداً عن توقُّعاتهما السابقة البالغة 4.4% و3.8% على التوالي.
يُتوقَّع أن يستقر معدل البطالة كذلك في يونيو عند 3.6% بالقرب من أدنى مستوى له منذ أكثر من 50 عاماً، قبل إصدار البيانات الحكومية المنتظرة اليوم الجمعة.
كما يُتوقَّع تسارع أسعار المستهلكين أيضاً، التي ارتفعت بالفعل بأسرع وتيرة لها منذ 40 عاماً، في يونيو إلى 8.8% مقارنة بالعام السابق، قبل صدور البيانات الحكومية الأسبوع المقبل. سيؤدي ذلك إلى إجبار بنك الاحتياطي الفيدرالي على اتخاذ قرارات أقوى بشأن رفع أسعار الفائدة لتهدئة زيادة أسعار المستهلكين، مما يقود إلى صدمة أكبر لسوق العمل والإنفاق، وفقاً لسامانا.
في ختام ذلك، لفت سامانا النظر إلى التعليقات الأخيرة الصادرة عن شركتي البيع بالتجزئة ولمارت وتارغت، اللتين أشارتا إلى حدوث تحول فيما يشتريه الناس مع تسارع الأسعار، إذ يتميزون بالإنفاق على الأساسيات مثل الطعام، ويقللون عمليات شراء السلع الكمالية مثل الملابس.