مع ازدياد برودة شتاء العملات المشفرة، لم يتبقَّ من مستثمري عملة "بتكوين" إلا أشد المدافعين عنها، لكنهم غير متمسكين بوجودهم في البورصات.
يدخل مستثمرو أكبر عملة مشفرة بالعالم في حالة بيات شتوي مع انخفاض النشاط في سلسلة الكتل "بلوكتشين" بنسبة 13% في أوائل يوليو الجاري، مقارنة بالمستويات المرتفعة التي وصل إليها في نوفمبر الماضي، ولم تشهد الأسواق مثل هذه المستويات إلا في مراحل الهبوط التي شابت 2018 و2019، عندما تدنَّت قيمة "بتكوين" عن 10 آلاف دولار للواحدة، وفقاً لتحليلات شركة "غلاسنود" (Glassnode).
تنتشر النزعة إلى تجنب المخاطر ببورصات العملات المشفرة مع سحب المستثمرين لعملاتهم المشفرة، ووقفهم لتداولها العلني عبر الإنترنت، ووضعها في مَحافظهم المشفرة بدلاً من ذلك. وشهدت البورصات انخفاضاً في أرصدتها بأكثر من 20% مقارنة بأعلى مستوياتها في 20 يونيو الماضي، وفقاً لـ"غلاسنود".
تخارج جماعي
حسب نشرة "غلاسنود" الصادرة في 4 يوليو فقد "شهدت (بتكوين) تخارجاً جماعياً شبه كامل لكل المستثمرين حديثي العهد بالسوق، ولم يتبقَّ سوى مستثمري العملات المشفرة على المدى الطويل أو ما يطلق عليهم (الهودلرز) كآخر المدافعين عنها". وتراجعت "بتكوين" إلى أقل من 20 ألف دولار الشهر الماضي لأول مرة منذ 2020.
في حين اتجهت غالبية مستويات النشاط، التي تُعَدّ مؤشراً على حجم الطلب، نحو الهبوط خلال الأسابيع الأخيرة، لكن مع ذلك لا تزال هناك قاعدة مستقرة من حائزي العملة المشفرة على ما يبدو، مع تحليق الأسعار بالقرب من مستوى 20 ألف دولار. ويعتبر مستثمرو الأجل الطويل (الهودلرز)، وهم المدافعون بشدة عن العملات المشفرة ممن يرفضون بيعها، دليلاً على وجود مثل هذه القاعدة، إذ تقول "غلاسنود" إنّ استقرار المعاملات نسبياً يُظهِر استمرار دعم "بتكوين".
وفقاً لكريغ جونسون، كبير المحللين الفنيين للسوق في "بايبر ساندلر كومبانيز" (Piper Sandler Companies)، فإن لـ"بتكوين" مستويين أساسيين يجب مراقبتهما، وهما: 18910 دولارات، وهو السعر الذي تدنَّت عنه مرتين في منتصف يونيو الماضي، و21557 دولاراً، الذي يقترب من أعلى مستويات وصلت إليها في أواخر الشهر نفسه.
اقرأ أيضاً: "بتكوين" تحاول الصمود فوق 20 ألف دولار وتضع العملات المشفرة على المحك
حركة الأسعار
قال جونسون في مقابلة الجمعة الماضي إنه "لا توجد قواعد ثابتة للعملات المشفرة، إذ تعتمد بالكامل على حركة الأسعار. لذا لا نستطيع سوى مراقبة حركتها وانتظار تخطيها لمستوى معين –صعوداً أو هبوطاً- حتى نخرج باستنتاجات حول تحركها التالي. فما نحن إلا حلقة دعم قصيرة المدى في سياق هبوطيّ أطول أجلاً".
أضاف أن إغلاق "بتكوين" فوق مستوى 26 أو 28 ألف دولار قد يوقف هبوطها أخيراً، بعد التراجع الذي مُنيت به منذ أبريل الماضي.
كانت "كوين بيس غلوبال" أكبر الخاسرين من انحدار العملة المشفرة، إذ شهدت البورصة انخفاض سعر 450 ألف "بتكوين" في حوزتها على مدى العامين الماضيين. أما "بينانس" (Binance)، التي دخلت في شراكة مؤخراً مع خابي لام منشئ المحتوى المشهور على "تيك توك"، ونجم كرة القدم العالمي كريستيانو رونالدو، فعززت محفظتها بـ300 ألف "بتكوين" خلال الفترة نفسها، ما جعلها أكبر بورصات تداول "بتكوين" شعبية، وفقاً لبيانات شركتي "غلاسنود" و"تي إكس إم سي" (TXMC).
اقرأ أيضاً: كيف ساهم المؤثرون في خداع ضحايا العملات المشفرة؟
مخاوف المستثمرين
أدَّت الانقطاعات الأخيرة في العمليات، مثل وقف "كوين فليكس" (Coinflex) و"فولد" لعمليات السحب، وخفض "كوين لون" (CoinLoan) لحدود السحب، إلى زعزعة ثقة المستثمرين في البورصات. وزاد عدد العملات المشفرة المُخزنة (غير السائلة) بمقدار 223 ألف بتكوين في يونيو، بعدما سحب المستثمرون أموالهم من البورصات لإيداعها بالمَحافظ، وفقًا لبيانات "غلاسنود".
من هذا العدد البالغ 223 ألفاً، شكّل حائزو محافظ العملات المشفرة الكبيرة نسبة التخارج الأكبر من البورصات، إذ سحبوا ما يزيد على 140 ألف رمز رقمي مميز في يونيو.
وكان كبار الحائزين (المعروفين باسم الحيتان) مسؤولين عن تخارجات من البورصات بمقدار 8.7 مليون، أو ما يزيد على 40% من المعروض العالمي لبتكوين.
اختتمت "غلاسنود" بأن "السوق الهابطة لـ(بتكوين) على أشُدها، ولم يتبقَّ في أعقابها سوى أشد (الهودلرز) كملاذ أخير للعملة المشفرة، وآخر المتمسكين بها".