تعمقت الضغوط البيعية على الأسهم الأميركية اليوم، بعد أن غذت بيانات إنفاق المستهلكين الضعيفة المخاوف بشأن الركود، ليسجل مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" أسوأ أداء نصف سنوي منذ عهد الرئيس ريتشارد نيكسون.
سيتم تسجيل هذا الأداء المروع في كتب التاريخ، حيث انخفض المقياس المعياري بنسبة 21% في الأشهر الستة الأولى من العام- وهو أكبر تراجع خلال تلك الفترة منذ عام 1970.
انخفض مؤشر "ناسداك 100" بمقدار الثلث تقريباً هذا العام، بعد هبوطه 1.3% اليوم الخميس، ليمحو حوالي 5.4 تريليون دولار من القيمة السوقية، وسط موجة بيع عارمة ضربت كافة الأسهم، لم تترك سوى القليل من الأسهم سالمة. انهى المؤشر، المكدس بأسهم التكنولوجيا، تعاملات الشهر الحالي منخفضاً بنسبة 9%، فاقداً أكثر من 20% من رصيده خلال الربع الثاني، في طريقه نحو تسجيل أكبر انخفاض سنوي على الإطلاق.
أدت عمليات البيع المتتالية هذا العام إلى تقليص حجم بعض أكبر شركات التكنولوجيا. يضم مؤشر" ناسداك 100" الآن 21 شركة بقيمة سوقية تبلغ 100 مليار دولار أو أكثر، انخفاضاً من 33 بنهاية العام الماضي.
تراجعت عائدات سندات الخزانة لأجل 10 سنوات إلى حوالي 3% من أعلى مستوى سجلته في عقد عند 3.5% في منتصف يونيو. فيما سجل الدولار أفضل ربع له منذ عام 2016. وعلى جانب آخر، سجلت "بتكوين" أسوأ أداء فصلي منذ الربع الثالث 2011، بعد أن هبطت 60% تقريباً منذ نهاية مارس.
مخاوف الركود
يعود الأداء الهزيل للأسهم الأميركية خلال على مدار النصف الأول من العام إلى تصاعد المخاوف بين المتعاملين من دخول الاقتصاد الأميركي في مرحلة من الركود على خلفية تشديد الاحتياطي الفيدرالي سياسته النقدية، ورفع أسعار الفائدة لكبح جماح التضخم المتزايد، فضلاً عن الأزمات التي ضربت سلاسل التوريد على مدار الأشهر الستة الماضية، علاوة على التداعيات السلبية للحرب الروسية في أوكرانيا.
قال مات مالي، كبير استراتيجيي السوق في ميلر تاباك: "إن الركود التضخمي الذي اجتاح بلادنا في الوقت الحالي سيصعب الأمور على سوق الأسهم على المدى المتوسط.. عندما لا يكون الطلب هو السبب الرئيسي وراء كون التضخم مشكلة، فإن الاقتصاد الأبطأ لن يساعد في خفض التضخم بقدر ما يعتقد بعض الخبراء".
قال مايكل نيل، كبير محللي الاستثمار ومدير المحفظة في "يو بي إس أسيت مانجمنت": "المشكلة هي أننا لم نشهد بالفعل تضخماً مثل هذا منذ عقود.. فمنذ عام 2009 أو نحو ذلك، كانت لدينا معدلات منخفضة جداً ساهمت في سنوات القوة التي شهدناها. ومع ذلك، فإن تلك المعدلات المنخفضة لن تدوم إلى الأبد".
على مدار الأشهر القليلة الماضية، قوبلت الاستراتيجية التي نجحت على مدى عقد من الزمان بقيعان جديدة في السوق. تجنب التجار شعار "الشراء عند الانخفاض" أثناء تبنيهم وضع "البيع عند الارتفاع". نتيجة لذلك، دخل مؤشر "ستاندرد أند بورز 500" في السوق الهابطة للمرة الثانية منذ عام 2020، بعد أن انخفض بنسبة تزيد عن 20% من ذروته في يناير.
تحولت العديد من الأسهم التي كانت بين أكبر الفائزين في سنوات الوباء إلى الأسوأ أداءً في عام 2022، من بينهم شركة "نتفلكس" العملاقة، و"تيلي دوك" و"زووم" و"دوكيو ساين".