تقترب سريلانكا من اختتام مفاوضات الإنقاذ التي تجريها مع صندوق النقد الدولي يوم الخميس، في الوقت الذي تستأنف فيه باكستان أيضاً، نظيرتها في جنوب آسيا، محادثاتها مع جهة الإقراض متعددة الأطراف.
تواجه الدّولتان أزمة نفاد الدولار من الأسواق، إذ تستدعي الحاجة إمّا إلى توفير صندوق النقد الدولي سيولة نقديّة، أو تيسير الأمور مع الدائنين المحتملين.
قد ترتفع احتياطيات باكستان، التي تحتاج إلى ما لا يقلّ عن 41 مليار دولار خلال الأشهر الـ12 المقبلة لسداد ديونها وتمويل الواردات، من النقد الأجنبي البالغة 8.2 مليار دولار أي بمقدار 2.3 مليار دولار بعد اقتراضها من الصين. كما تخلّفت سريلانكا المفلسة عن سداد ديونها، وفقاً لمجموعة من الدائنين الذين لديهم سندات من سريلانكا مستحقة بالعملة الأجنبية، التي تبلغ قيمتها 12.6 مليار دولار، بالإضافة إلى ديون من الحكومة المركزية الأخرى بالعملة الأجنبية، بنفس القيمة تقريباً.
ما المتوقَّع حدوثه ؟
بعد اختتام المناقشات في كولومبو، سيصدر صندوق النقد الدولي بياناً يوضّح فيه التقدّم الذي تم إحرازه خلال هذه المحادثات. ومن الأمور الرئيسية التي ينبغي الانتباه لها تقييم صندوق النقد لديون سريلانكا ومقترحاته أو توجيهاته لخفض الالتزامات إلى مستوياتٍ "مستدامة". من المستبعد أن يمنح صندوق النقد سريلانكا أي مبلغ نقدي على الفور.
ربما تكون باكستان أقرب إلى الحصول على قرضٍ من صندوق النقد الدولي. من جهته، أشار وزير المالية الباكستاني مفتاح إسماعيل إلى أنَّ صندوق النقد الدّولي شارك في مسودة السياسات التي سيقوم بعض المسؤولون في باكستان بتقييمها للتوصل إلى اتفاقٍ على مستوى الموظفين خلال الأيام المقبلة. مُضيفاً أنَّ صندوق النقد الدولي قد يوافق على دفع مبلغ قدره 1.9 مليار دولار. لكن لم يردّ صندوق النقد الدولي على طلب التعليق.
هل من شروطٍ فرضها صندوق النقد ؟
بمجرد أن يتفق صندوق النقد الدولي على الإجراءات مع السلطات السريلانكية- مثل تحديد مستويات مقبولة من العجز أو الفائض في الميزانية - سيتعيّن على السلطات الوطنية العمل والتنسيق مع حاملي السندات العالميين والدّائنين الثنائيين لتقليص الديون الحالية. ويمكن أن يتخذ ذلك شكل مبادلة الأوراق النقدية الحالية بسنداتٍ جديدة تدفع قسيمة أقلّ، أو تكون ذات آجال استحقاقٍ أطول، أو كليهما في آنٍ واحد. وتجدر الإشارة إلى أنَّ 30 جهة من حاملي السندات– شملت شركة "أموندي لإدارة الأصول" (Amundi Asset Management) و"بلاك روك"– شكّلت مجموعة مع "وايت آند كيس"(White & Case) و"روتشيلد آند كو" (Rothschild & Co) بمثابة مستشارين قانونيين وماليين على التوالي.
أما باكستان؛ فسيتوجّب عليها الوفاء بشرطين آخرين قبل تلقّيها أموال صندوق النقد الدولي. أولاً، في مراجعة مقرّر إجراء لها في 1 يوليو، إذ من المحتمل أن تضطر الحكومة التي مضى على تشكيلها مدة شهرين إلى رفع أسعار الوقود، وفقاً لوسائل الإعلام المحلية، بعد أن عملت على رفعها بنسبة 60% منذ فترة. ثانياً، يتوجب على باكستان مراقبة مستويات التضخم، وتتوقّع "بلومبرغ إيكونوميكس" أن يرفع البنك المركزي الباكستاني أسعار الفائدة بـ50 نقطة أساس في الربع المقبل، بعد أن رفعها 675 نقطة أساس منذ سبتمبر، لتصل بذلك إلى 14.25%.
إلى أي مدى يعد الوضع صعباً؟
تتوقَّع "بلومبرغ إيكونوميكس" أن تُظهر بيانات التضخم المقرّر صدورها يوم الخميس تسارع ارتفاع الأسعار في سريلانكا لتبلغ 49.1%، كما تتوقَّع وصولها إلى عتبة 52% بحلول سبتمبر. فمع انكماش اقتصاد البلاد؛ يصعب على الرئيس السريلانكي جوتابايا راجاباكسا زيادة الإيرادات. كما ستُقيّد سريلانكا إمدادات الوقود حتى 10 يوليو، وطلبت من مواطنيها التزام منازلهم. فضلاً عن ذلك؛ قاضى حامل السندات "هاميلتون ريزيرف" الدولة الجزيرة في الولايات المتحدة، حيث يطالب سريلانكا بتسديد كامل أصل الدين والفائدة.
احتجاجات عارمة
إثر انقطاع التيار الكهربائي في باكستان لمدةٍ تصل إلى 14 ساعة، في إطار التدابير التقشفية التي اتّخذتها الحكومة للحفاظ على الوقود؛ اندلعت الاحتجاجات في البلاد من قبل المواطنين. وكجزء من الشروط التي فرضها صندوق النقد الدولي؛ رفعت الحكومة الضرائب وأسعار الكهرباء والوقود التّي من المرجح أن تؤدّي إلى ارتفاع معدل التضخم إلى 18.4%، ويعتبر ثاني أسرع معدل في آسيا بعد سريلانكا، بحسب التقديرات.
في حين أوضح وزير المالية الباكستاني إسماعيل، أنَّ البلاد تفادت التخلف عن سداد ديونها؛ تُتداول ديونها بالقرب من مستويات متعثرة، لتنخفض بحوالي 0.28 سنت لتتداول عند 63.346 سنت للدولار. كما تتداول سندات سريلانكا ذات عائد 7.55% لعام 2030 منخفضة بمقدار 0.5 سنتات، عند 31.942 سنت للدولار.