التقلب يضرب سوق السندات مع الاعتماد على البيانات في تحديد مسار "الفيدرالي"

مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي مارينر إس اكليس في العاصمة الأميركية واشنطن. المصدر: بلومبرغ - المصدر: بلومبرغ
مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي مارينر إس اكليس في العاصمة الأميركية واشنطن. المصدر: بلومبرغ - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

أثبت بنك الاحتياطي الفيدرالي أنَّه مستعد لتمزيق كتاب القواعد لو اضطرته البيانات الاقتصادية لذلك. ويعني هذا بالنسبة للمستثمرين أنَّه لن تكون هناك استراحة من الاضطرابات التي تهز أكبر سوق للسندات في العالم.

تذبذبت أسعار سندات الخزانة بشدة على مدى الأسبوع الماضي مع رفع البنك المركزي سعر الفائدة الأساسي 75 نقطة أساس، وهي خطوة تأتي بعد أسابيع قليلة من تأكيد جيروم باول، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، أنَّ البنك لا يفكر في رفع سعر الفائدة بهذا القدر. وكانت هذه أكبر زيادة لسعر الفائدة منذ 1994، وجاءت بعد نشر تقرير في العاشر من يونيو الجاري أظهر أنَّ أسعار المستهلك ارتفعت بشكل قياسي غير متوقَّع إلى أعلى مستوياتها في 4 عقود.

يركز التحول الكبير في سياسة الفيدرالي أمام الدلائل الجديدة الأضواء على الحقيقة المحبطة للمتعاملين والمتمثلة في أنَّهم بسبب عدم اليقين الهائل الذي اتسم به الاقتصاد في مرحلة ما بعد كوفيد؛ لا يستطيعون التعويل على إدارة الاحتياطي الفيدرالي الآن بنفس القدر الذي اعتمدوا به عليها خلال العقدين الماضيين، عندما كان التضخم ما يزال تحت السيطرة نسبياً، وكان البنك المركزي يشدد السياسة النقدية بقدر محسوب.

مشهد ضبابي

بعد تراجع كبير في القدرة على التنبؤ بالمسار؛ أصبح المتعاملون مضطرين للانتظار تحت رحمة التقارير التالية للتضخم وسوق العمل والاقتصاد، وكل هذه التقارير يمكنها تحفيز ظهور انقلابات جديدة في سوق سندات الخزانة. نتيجة لذلك؛ ارتفع مقياس التقلب المستقبلي مقترباً من أعلى مستوياته منذ الفوضى التي تسبّب فيها اندلاع الوباء في 2020 مع ضغوط السيولة، مما أدى إلى تأجيج تحرّكات السوق.

قال غارغي شودري، رئيس استراتيجية استثمار "آي شيرز" للأميركيتين في شركة "بلاك روك": "لا نقترب من نهاية التقلبات المنتظمة في الأسواق. فالفيدرالي غيّر بوصلته مرات عديدة بشأن إدارته وأسعار الفائدة. ولسوء الحظ، أدى ذلك إلى تقلبات غير ضرورية".

اقرأ أيضاً: خسائر السندات الأميركية قد لا تنتهي قبل بلوغ عوائدها 4%

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ

أفكار جديدة

مع خروج مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي من فترة الهدوء التي سبقت الاجتماع، سيروّج صانعو السياسة النقدية بشكل فردي لآرائهم، مما قد يوفر أفكاراً جديدة حول توقُّعات أسعار الفائدة. كما سيدلي باول بشهادته أمام الكونغرس على مدى يومين خلال الأسبوع المقبل.

قال باول، في ملاحظاته خلال مؤتمر عُقد الجمعة، إنَّ المعركة التي يخوضها البنك لاستعادة استقرار الأسعار "غير مقيّدة بشروط"، مع أنَّه ركّز مع زملائه على إعادة مستوى التضخم إلى هدفهم البالغ 2%.

فيما يلي أبرز الأحداث الموجودة على رادار المتعاملين قبل الاجتماع المقبل للجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة، والمزمع عقده في السابع والعشرين من يوليو المقبل:

* 24 يونيو: نُشر تحديث جامعة ميشيغان لتوقُّعات تضخم أسعار المستهلك لشهر يونيو، والذي يعد إشارة على ما إذا كان الاقتصاد يتعرّض لخطر دوّامة الأجور والأسعار، إذ توقَّع العمال أنَّ التضخم سيظل متقلباً. وقال باول يوم الأربعاء إنَّ وصول قراءة التضخم الأولية طويلة المدى إلى 3.3% "أمر لافت للنظر"، وهو أحد أسباب تفضيل بنك الاحتياطي الفيدرالي لرفع سعر الفائدة بالقدر الذي اتخذه.

* 30 يونيو: إعلان نتائج مؤشر أسعار الإنفاق الاستهلاكي الشخصي لشهر مايو من وزارة التجارة الأميركية. وارتفع هذا المؤشر بنسبة 6.3% في الاثني عشر شهراً الممتدة حتى أبريل الماضي، انخفاضاً من 6.6% في الشهر السابق، لكنَّه ما يزال أكثر من ثلاثة أضعاف المستوى المستهدف للاحتياطي الفيدرالي، والبالغ 2%.

* 6 يوليو: نشر تقرير مسح الوظائف الشاغرة ودوران العمالة (JOLTS). وذكر باول هذا المقياس يوم الأربعاء، ويعد مقياساً مهماً لحالة نقص المعروض التي تعاني منها سوق العمل. كما سيجري التركيز على محضر اجتماع سياسة بنك الاحتياطي الفيدرالي لشهر يونيو بدقة أيضاً.

• 8 يوليو: قراءة وزارة العمل الأميركية لشهر يونيو حول متوسط ​​الأجور في الساعة، ومدى توفير فرص عمل جديدة. وارتفعت هذه الأجور بوتيرة سنوية تبلغ 5.2% في مايو، أي أعلى بكثير مما كانت عليه قبل كوفيد، أو عندما أوقف بنك الاحتياطي الفيدرالي آخر دورة رفع أسعار الفائدة في أواخر 2018.

• 13 يوليو: نشر مؤشر أسعار المستهلك لشهر يونيو. وشكلت القفزة الكبيرة في بيانات المؤشر لشهر مايو بنسبة 8.6% مفاجأة، وأشار باول لها أيضاً كأحد الأسباب التي مهدت الطريق لإقرار زيادة أكبر على أسعار الفائدة في 15 يونيو. وبعد الإعلان عنه؛ شهدت سندات الخزانة واحدة من أكبر موجات البيع التي مرت بها منذ عقود، مع إعادة تقييم المتعاملين للتوقُّعات، كما بدأوا في وضع الزيادة التي أُقرت خلال يوم الأربعاء التالي في حسبانهم.

اقرأ أيضاً: كيف أخطأ مسؤولو "وول ستريت والفيدرالي" في تقدير أسواق الأسهم والسندات؟

تأثير التقلب

أدت زيادات أسعار الفائدة لبنك الاحتياطي الفيدرالي منذ مارس الماضي بالفعل إلى ارتفاع عوائد بعض سندات الخزانة إلى أعلى مستوياتها منذ 2007، مما تسبب في اتساع علاوة الائتمان، ودخول سوق الأسهم الأميركية في منطقة الهبوط، وأدى كل ذلك إلى تشديد الأوضاع المالية وفق ما أراد الاحتياطي الفيدرالي. برغم هذا؛ ما يزال من غير المعلوم متى سيكون التشديد النقدي كافياً لكبح التضخم، وهل سيؤدي ذلك إلى ركود اقتصادي؟.

ارتفعت عوائد سندات الخزانة أجل عامين، التي كانت تقترب من مستوى 0.25% قبل عام من الآن، إلى ما يصل لـ3.45% في 14 يونيو الجاري، ولم تستقر وتبدأ في الانخفاض إلا عند مستوى 3.2% بعدما قال باول، الأربعاء، إنَّ رفع سعر الفائدة بنحو 75 نقطة أساس لن يكون أمراً شائعاً في الزيادات المقبلة. واقتربت عوائد سندات الخزانة أجل 10 سنوات من مستوى 3.5% قبل وصولها إلى 3.2% في نهاية الأسبوع الماضي.

أضاف شودري: " نتوقَّع ظهور ثلاثة وأربعة تحرّكات للانحراف المعياري في عائد سندات الخزانة أجل عامين. فالافتقار إلى الاستقرار في السندات قصيرة الأجل الأكثر حساسية لتغيّر سعر الفائدة يعكس وجود الفيدرالي في موقف يسعى فيه إلى نسب نمو أقل، من أجل الحصول على إشارات مستمرة على تحرك التضخم نحو الانخفاض".

اقرأ أيضاً: الاحتياطي الفيدرالي قد يخاطر بمستقبل الاقتصاد إذا فشل في كبح التضخم اليوم

تتباين وجهات نظر الاقتصاديين حول القرارات التي سيتخذها الاحتياطي الفيدرالي في اجتماعه المقبل خلال يوليو، فيما يرجح المتعاملون في عقود المبادلة بنسبة كبيرة تطبيق زيادة بنحو 75 نقطة أساس أخرى. ويتراوح سعر الفائدة المستهدف من الاحتياطي الفيدرالي حالياً بين 1.5 و1.75%.

بول دونوفان، كبير الاقتصاديين في "يو بي إس غلوبال ويلث مانجمنت"، يرى أنَّه "بالنسبة للمستثمرين؛ يشير هذا على الأرجح إلى التقلب. لكن يكمن الخطر الأكبر هنا في أنَّ زيادة التقلبات إلى الأسواق المالية لها آثار غير ضرورية على الاقتصاد الحقيقي. وكما هو الحال دائماً، يكاد يكون من المستحيل إصلاح مصداقيتك مع التوجيهات المستقبلية –بمجرد فقدانك لها- على المدى القصير".

أحداث جديرة بالمتابعة:

* ستغلق الأسواق الأميركية، اليوم الإثنين، بمناسبة الاحتفال بعيد الحرية (جونتينث).

* تقارير اقتصادية:

21 يونيو: تمّ نشر تقريرين؛ الأول عن النشاط الاقتصادي على المستوى الوطني لبنك الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو، والثاني؛ يختص بمبيعات المنازل القائمة.

22 يونيو: تمّ نشر تقرير طلبات الحصول على الرهن العقاري من جمعية المصرفيين للرهن العقاري في أميركا.

23 يونيو: نشر تقارير الحساب الجاري، وطلبات إعانة البطالة للعاطلين، ومؤشرات مديري المشتريات في قطاعي التصنيع والخدمات بالولايات المتحدة من شركة "ستاندرد آند بورز غلوبال"، ونشاط قطاع التصنيع من بنك الاحتياطي الفيدرالي في كانساس.

24 يونيو: ستنشر جامعة ميشيغان تقارير المعنويات الاقتصادية، والظروف الحالية، والتوقُّعات، ومبيعات المنازل الجديدة.

خطابات مسؤولي الفيدرالي:

20 يونيو: خطاب جيمس بولارد، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس.

21 يونيو: خطاب لوريتا ميستر، رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في كليفلاند، كما يتحدث توماس باركين، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي في ريتشموند.

22 يونيو: يقدّم باول شهادته نصف السنوية حول السياسة النقدية أمام اللجنة المصرفية بمجلس الشيوخ. كما سيتحدث كل من تشارلز إيفانز؛ رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو، وباتريك هاركر؛ رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في فيلادلفيا، وتوماس باركين؛ رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي في ريتشموند.

23 يونيو: شهادة باول أمام لجنة الخدمات المالية بمجلس النواب.

24 يونيو: يلقي جيمس بولارد، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس خطاباً، كما تتحدث ماري دالي، رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو.

• جدول المزادات:

21 يونيو: طرح أذونات الخزانة لأجل 13 و26 أسبوعاً.

22 يونيو: إعادة طرح السندات ذات المعدل المتغير لأجل عامين، وإعادة طرح السندات ذات أجل 20 عاماً

23 يونيو: طرح أذونات الخزانة ذات أجل 4 و8 أسابيع، وإعادة طرح سندات الخزانة المحمية من التضخم لأجل 5 سنوات.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك