ما الذي يمكن أن يفعله "الفيدرالي" الحائر بين التضخم الجامح والركود المرتقب؟

معدلات التضخم في أمريكا ارتفعت لأعلى مستوى منذ 40 عاما - المصدر: بلومبرغ
معدلات التضخم في أمريكا ارتفعت لأعلى مستوى منذ 40 عاما - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

أدت الأنباء السيئة والمفاجئة المتعلقة بمعدلات التضخم، خلال الأسبوع الماضي، إلى تعقيد عمل بنك الاحتياطي الفيدرالي بطريقة خطيرة، حيث صعدت الأسعار بنسبة بلغت 8.6% خلال العام الجاري حتى شهر مايو الماضي، ما يُعدّ أعلى مستوى منذ 40 سنة، وهو ما أعقبه رد فعل متوتر من قبل الأسواق المالية.

في ظل تأهب صُنّاع السياسة النقدية للإعلان عن قرارهم الأخير بشأن سعر الفائدة، بجانب توقعات الفترة المتبقية من العام، فإن احتمالات سيطرة "الفيدرالي" على معدلات التضخم مع تفادي الركود تتراجع سريعاً.

بعد أن توقعوا في السابق رفع سعر الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية، يري محللون كثيرون في الوقت الراهن صعوداً بمقدار 75 نقطة أساس. ويعتبر التركيز على رفع سعر الفائدة خلال الأسبوع الجاري أمراً مضللاً. ما يقوله بنك الاحتياطي الفيدرالي حول التوقعات يُعدّ أكثر أهمية من أي ربع نقطة إضافية. سواء كان الرفع بمقدار 50 أو 75 نقطة أساس هذه المرة، فإن معدل التضخم المرتفع بطريقة غير متوقعة، في حالة استمراره، سيحتاج إلى وتيرة تشديد للسياسية النقدية أسرع من المعلن عنها في الوقت الحالي وحتى نهاية العام الجاري، حتى لو نتج عن ذلك ارتفاع مخاطر الركود. تلك هي الرسالة التي يحتاج "الفيدرالي" إلى إرسالها.

توقعات خاطئة

عقب تراجع معدل التضخم بشكل طفيف في شهر أبريل الماضي، عبّر بعض المحللين عن أملهم في أن يكون الأسوأ قد انتهى، لكنهم كانوا على خطأ، إذ واصلت الأسعار الصعود بطريقة هائلة، وفي سوق العمل التي تعاني من التضييق بطريقة استثنائية، يتم تقليص الأجور.

من المؤكد أن الأزمات في جانب العرض، نتيجة تفشي وباء كورونا، ثم الحرب في أوكرانيا والعقوبات المترتبة عليها ضد روسيا، تعد بمثابة الدوافع الأساسية. من ثم، فإن بعض الضغط الصعودي على الأسعار سيتراجع في الوقت الملائم، لكن الأمر سيحتاج إلى وقت أطول مما كان متوقعاً، وباتت قوى التضخم الحديثة أكثر وضوحاً.

إلى أي مدى يتعين أن يتمتع بنك الاحتياطي الفيدرالي بالجرأة؟ ليس من المفترض أن يسترشد بالالتزام الصارم لمسار محدد لأسعار الفائدة، لكن يجب أن تتم ممارسة الضغوط على نمو الطلب، وإعادته إلى معدل يتواكب مع هبوط معدلات التضخم والنمو المتواصل للإنتاج.

من المفترض أخذ التراجع الأخير في أسعار الأسهم وزيادة أسعار الفائدة التي تحددها السوق والتي ساهمت أنباء ارتفاع معدل التضخم في تسريع وتيرتها، في الحسبان، علاوة على مؤشرات أخرى تدل على تصاعد التشاؤم الاقتصادي.

تشاؤم الأسواق

بطريقة ما، فإن تشاؤم السوق حيال آفاق الإنتاج وأرباح الشركات يُعدّ بمثابة أمر مرحب به، حيث إنه يدلل على مصداقية بنك الاحتياطي الفيدرالي. يقول المستثمرون إنه في حال بقي معدل التضخم مرتفعاً، فمن الممكن الاعتماد على بنك الاحتياطي الفيدرالي للتصرف حيال الأمر.

يمكن أن تكون تلك النظرة مفيدة، نظرا لأن أسعار الفائدة المرتفعة التي تقودها السوق وأسعار الأصول المتراجعة في المقابل تمثل عملية كبح للطلب بصرف النظر عن سعر الفائدة. وكلما يكون المستثمرون أكثر اقتناعاً بأن "الفيدرالي" سيقوم بكل ما يلزم، كلما سيحتاج لأن يكون أقل قسوة.

عندما يرتبط الأمر بتحديد سعر الفائدة فإن الإجابة غير مؤكدة وغير ثابتة، حيث يعتمد ذلك على الظروف المتغيرة، كما أنه ببساطة أمر ليس في الإمكان التنبؤ به.

في حال كانت الأسواق المالية تجاهلت رقم التضخم الحديث، فإن ترجيح الزيادة الكاملة بنقطة مئوية لسعر الفائدة خلال الأسبوع الجاري كان سيصبح مطروحاً بقوة.

في ظل الظروف الراهنة، فإن زيادة سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس، بجانب مسار أعلى لأسعار الفائدة المنتظرة خلال الشهور القادمة، يتعين أن يكون كافياً، لكن من المفترض ألا يدع بنك الاحتياطي الفيدرالي مجالاً للشك في أنه، مع غياب حدوث تقدم على صعيد كبح التضخم، على استعداد لرفع وتيرة الزيادة مرة أخرى.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

الآراء الأكثر قراءة