دبي- رائد الصوينع
أكبر عملية تعويض للمساهمين المتضررين في سوق الأسهم السعودية؛ حكمت الأمانة العامة للجان الفصل في منازعات الأوراق المالية حكماً ابتدائياً طال 5 من مسؤولي "اتحاد اتصالات" (موبايلي) -ثاني أكبر مشغّلة للاتصالات المتحركة في البلاد- تضمّن تعويضات لأكثر من ألف مساهم تضرروا من مخالفات قامت بها الشركة في قوائمها المالية خلال عامي 2013 و2014، بحسب هيئة سوق المال السعودية.
الحكم المبدئي الذي أصدرته "لجنة الفصل" -التي من اختصاصها النظر في التظلم من القرارات والإجراءات الصادرة من هيئة السوق المالية أو السوق المالية السعودية- جاء بعد 7 أعوام من المرافعات القضائية، وأمر بتعويض 1024 مساهماً بمبلغ إجمالي قدره 1.225 مليار ريال سعودي، ويلزم المسؤولين الخمسة بسداده متضامنين للمتضررين.
تنوّعت مبالغ تعويضات المساهمين، إذ حكم لـ112 مساهماً بالحصول على تعويضات تجاوزت مليون ريال لكل مساهم، في حين كان البقية دون المليون.
كيف بدأت الأزمة؟
بدأت أزمة شركة "موبايلي"، والتي مقرها في الرياض في 2014، عندما اُكتشف أنَّها قد ضخّمت إيراداتها لفترة 6 أرباع متتالية، مما أطاح بسهم الشركة من 91 ريالاً إلى 61 ريالاً، وبالتالي؛ تسبّب بخسائر كبيرة للمئات من حملة السهم.
في مايو 2014 ألغت شركة "اتحاد عذيب للاتصالات" اتفاقية مبرمة مسبقاً (مارس 2014) مع "موبايلي" تنص على حق استخدام "عذيب" شبكات شركة "بيانات الأولى"، وهي إحدى الشركات التابعة لـ"موبايلي"، وذلك بعد اكتشافها صعوبات في استخدام الشبكات لأسباب فنية، وهنا بدأت القضية، فمع توقيع الاتفاقية؛ اعتبرت "موبايلي" تلك العقود بمثابة "عقد بيع تأجيري رأسمالي"، والذي ينص على حق التراجع للطرفين، وأثبتتها في السجلات المحاسبية بالرغم من علمها بأنَّ الخدمات غير جاهزة، وهذا يعد مخالفاً للمعايير المحاسبية.
تلى ذلك إعلان "موبايلي" في نهاية عام 2014 عن عدم تمكّنها من نشر نتائجها المالية، ومن ثم أعلنت في وقت لاحق نتائجها، وكانت قد سجلت خسائر ربعية وسنوية.
"موبايلي"؛ التي تمتلك فيها شركة "اتصالات الإمارات" حصة 27%، وصندوق التأمينات الاجتماعية 11.8%، عاشت اضطرابات حادة على وقع هذه الأزمة، التي استمرت حتى 2015، عندما تم إعفاء الرئيس التنفيذي خالد الكاف من منصبه، وتعيين ممثل لصندوق التأمينات بالشركة، وتكليف فريق عمل متخصص من هيئة السوق المالية لفحص القوائم المالية لـ"موبايلي".
الادعاء والحكم
في عام2020 قام مجموعة من المساهمين بالشركة برفع دعوى جماعية بحق 13 شخصاً مسؤولاً في "موبايلي".
اتهم المدعون المسؤولين باقتراف مخالفات لنظام هيئة السوق المالية، عبر إيجاد انطباع مضلل بشأن قيمة الورقة المالية العائدة للشركة، وذلك من خلال تقديم الشركة بيانات غير صحيحة في قوائمها المالية (الربع الثاني و الثالث والرابع لعام 2013، والربع الأول والثاني والثالث لعام 2014 ) التي أدت لتضخم الإيرادات في القوائم.
استغرق الأمر نحو ست سنوات إلى أن أصدرت لجنة المنازعات بالسعودية في 2020 حكمها على 5 أعضاء تنفيذيين بمنعهم من تداول الأوراق المالية لعدة سنوات، وغرامات تراوحت ما بين 120 إلى 600 ألف ريال.
وفي يونيو الحالي؛ خرج الحكم المبدئي بتعويض المتضررين بمبلغ قدره 1.225 مليار ريال سعودي، ويلزم المسؤولين الخمسة بسداده متضامنين.
هل رضي المتضررون؟
استقبل بعض حملة الأسهم المتضررين -وفي مقدمتهم المدّعي الرئيسي في القضية- الحكم بعدم الرضا بسبب خشيتهم من أنَّ المحكوم عليهم لا يتمتّعون بالملاءة المالية لتسديد مستحقات المساهمين، وبالتالي؛ يجزم أنَّ حقوقه لن تصله.
المحامي عبدالعزيز الحضيف، وكيل المدّعي الرئيسي (عبدالعزيز علي الراجحي الذي يطالب مع خمسة متضررين آخرين بمبلغ إجمالي قدره 300 مليون ريال) قال لـ"الشرق"، إنَّ الحكم على متهمين أفراد، وبعضهم حُكم عليه غيابياً، لا يضمن استعادة حقوق المدّعين، وكان الأجدر أن يتم تحميل المسؤولية أيضاً للشركة الأم التي عيّنتهم (اتصالات الإمارات)، وفق رأيه.
هل يمكن تنفيذ الحكم؟
عند دخولها للسوق السعودية، اشترطت شركة "اتصالات" الإماراتية المالكة لـ"موبايلي" تعيين أربعة من أعضاء مجلس الإدارة من قبلها، وكان منهم الرئيس التنفيذي والمدير المالي.
ورفض متحدث باسم الشركة الإماراتية التعليق.
ووفقاً لعاصم العيسى المحامي السعودي الناشط في قضايا سوق المال والمطّلع على تفاصيل القضية، فإنَّ الحكم لا يؤثر على شركة "موبايلي"، لأنَّ الدعوى رفعت ضد أفراد هم أعضاء مجلس إدارة سابقين. لافتاً في الوقت نفسه إلى أنَّ الحكم في حال عدم استئنافه وأصبح حكما نهائياً؛ فإنَّ تنفيذه قد يواجه صعوبات، إذ إنَّ ثلاثة من المتهمين حكم عليهم غيابياً، وبالتالي؛ ليس من السهل تحصيل المبالغ منهم. ويتساءل العيسى في حديثه لـ"الشرق": "هل توجد أموال كافية لدى المتهمين لتنفيذ الحكم خاصة أنَّهم كانوا مجرد موظفين في الشركة؟".