مع دخول بتكوين في نوبة تراجع هي الأسوأ منذ سنوات، يدرس المحللون عدداً من المؤشرات لمعرفة عند أي مرحلة قد يبدأ المزيد من المستثمرين في التخلي عن الأصل الرقمي.
هبطت بتكوين، التي تراجعت 20% الأسبوع الجاري، إلى 21,932 دولاراً يوم الثلاثاء الماضي، ما وضعها تماماً دون متوسط تكلفة الاستثمار الأساسية البالغة 23,500 دولار، وفقاً لبنك "يو بي إس"، وهو ما يعني أن الأسعار انخفضت بما يكفي لاختبار حتى حاملي العملة المشفرة طويلي الأجل، والذين، حتى الآن ورغم التراجع في 2022، ما زالت استثماراتهم في المنطقة الخضراء إلى حد كبير.
يقول جيمس مالكولم، مدير الصرف الأجنبي وأبحاث العملات المشفرة في "يو بي إس": "ترسخت كآبة السوق الهابطة بين أكثر مناصري العملة المشفرة حماسة.. ويمكن أن يأتي التخلي في أشكال عديدة، وكذلك أيضاً يمكن أن تحدث بعض الراحة، إذ أننا حالياً في حالة فزع كامل".
ضغوط كبيرة
قال "مالكولم" إن إحدى الطرق التي يمكن أن تؤدي إلى تفاقم الوضع تتمثل في بدء شركات التعدين، التي تعرضت أعمالها "لضغوط كبيرة" بسبب ارتفاع تكاليف الطاقة والتزامات النفقات الرأسمالية، في الاستسلام وبيع ما لديها من العملات المشفرة القائمة، حيث تزامنت مبيعاتها الشهر الماضي، على سبيل المثال، مع التراجعات. وأضاف: "هناك القليل من الأخبار الإيجابية لتعويض مثل هذه المخاوف".
وصلت بتكوين إلى أدنى مستوى لها منذ نهاية عام 2020 بعد انخفاضها بنسبة 17% في بداية الأسبوع، كما كانت العملات المشفرة الأخرى في القاع، حيث تراجع مؤشر "إم في آي إس كريتبو كومبير 100" للرموز الرقمية (MVIS CryptoCompare Digital Assets 100)، الذي يقيس أداء أكبر 100 رمز مشفر، بنسبة 17%، لأدنى مستوى أيضاً منذ ديسمبر 2020.
وفي الوقت ذاته، فقد صندوق "بروشيرز بتكوين استراتيجي" (BITO)، وصندوق "فالكيري بتكوين استراتيجي" (BTF) المتداولان في البورصة ما يصل إلى 20%، وهو أكبر تراجع منذ إطلاقهما في نهاية 2021، كما هبطت أسهم شركة "مايكروستراتيجي" (MicroStrategy Inc) بأكثر من 25%.
اقرأ أيضا: بيل غيتس ينتقد العملات المشفرة ويؤكد أنها قائمة على نظرية "الأحمق الأكبر"
جزئياً، أصيب مستثمرو الأصول الرقمية بالفزع بعد أن أوقف بنك التشفير "سيلسيوس نتوورك" (Celsius Network Ltd)، عمليات السحب والمقايضات والتحويلات مؤقتاً، كما أن السوق لا تزال تقع تحت الضغط بعد أن جاءت بيانات التضخم أعلى من المتوقع الأسبوع الماضي، ما يعني المزيد من الإجراءات القوية من جانب "الفيدرالي" لتهدئة ارتفاع الأسعار.
قالت فيونا سينكوتا، كبيرة محللي الأسواق المالية في "سيتي إندكس"، في مقابلة: "لا يبدو أن هناك المزيد من التراجع قادم.. والانزلاق إلى مستوى 20 ألف دولار ليس شيئاً ينبغي ترقبه".
كان مراقبو السوق مهووسين بمعرفة من سيتأذى من التراجع العام الجاري، لاسيما بعد أن دخل العديد من مستثمري التجزئة والمؤسسات السوق خلال العام أو العامين الماضيين، فيما تحوم بتكوين الآن حول مستويات ديسمبر 2020.
اقرأ أيضا: شركات تعدين "بتكوين" تبدأ موجة بيع الرموز المشفرة مع انهيار الأسعار
التخلي التام
وصل عدد عناوين بتكوين مجهولة الهوية من الذين اشتروا حيازاتهم بأسعار دون سعر اليوم إلى مستويات منخفضة غير مشهودة منذ مارس 2020، وهو ما يقول عنه المحللون في "بيكوانت" (Bequant) إنه يشير إلى "تخلٍ"، وفي أماكن أخرى، يقول الإستراتيجيون في "غلاس نود" (Glassnode)، إن نطاق 20,560 إلى 23,600 هو النطاق الذي قد تشهد السوق فيه "سيناريو تخلٍ تام".
يراقب ستيف سوسنيك، كبير الاستراتيجيين في "إنتراكتيف بروكرز" (Interactive Brokers LLC)، نطاقاً يتراوح بين 20,000 و21,000 دولار باعتباره النطاق الذي قد تضطر عنده "مايكروستراتيجي"، وهي مالكة كبيرة لبتكوين، إلى التخلص من بعض عملاتها المشفرة، وقال في مقابلة: "لقد سحبنا العديد من مستويات الدعم السابقة التي حددناها منذ سلسلة الصعود في أواخر عام 2020.. وعندما توجد فكرة أن هناك بائعاً محتملاً يلوح في الأفق مدفوعاً بطلبات تغطية الهامش، فنعم، يعد مستوى 20,000 دولار الخط الفاصل الحقيقي".
مستوى دعم جديد
في دورتها السابقة، وصلت بتكوين إلى 19041 دولاراً في ديسمبر 2017، ويقول مات مالي، كبير استراتيجيي السوق في شركة "ميلر تاباك + كو" (Miller Tabak + Co)، إن هذا المستوى من المهم مراقبته، إذ أنه يشكل مستوى المقاومة "القديم"، ما يجعله مستوى دعم رئيسي جديد، وأوضح: "عندما اخترقت بتكوين هذا المستوى من المقاومة في عام 2020، قفزت لأعلى، لذا فهي بحاجة إلى الحفاظ على هذا المستوى في دورة التراجع الحالية".
يشير "مالكولم" من "يو بي إس" إلى ظهور عدد من عمليات القرصنة وتوقف التداولات، بالإضافة إلى ازدياد جدية المنظمين في التدقيق بمجال العملات المشفرة، وقال: "لا يعني أي من هذا أن العملة المشفرة ستنزلق إلى طي النسيان.. وإنما ما يشير إليه هو كيف أن المستقبل سيبدو مختلفاً تماماً، وسيتعين على اللاعبين تبني التنظيم والتعاون مع مقدمي الخدمات المالية الحاليين".
وأعربت شينتي هسو، المؤسسة المشتركة والرئيسة التنفيذية في "أليكس" (ALEX)، منصة التمويل اللامركزي، عن تفاؤلها، قائلة: "التشفير هو قطاع شديد التقلبات، لذا نشعر بالصعود والهبوط أكثر بكثير.. فهل ستفشل مشاريع، بالتأكيد، لكن العملات المشفرة لن تسبب خطورة للنظام".