أطلق المزيد من البنوك المركزية حول العالم العنان لقدر أكبر من قوة السياسة النقدية النارية، في إطار محاولتها التصدي للضغوط التضخمية المستمرة.
باتت زيادات أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية أكثر انتشاراً، كما شاهدنا في الهند وأستراليا خلال الأسبوع الحالي. تشير التوقعات إلى أن مسؤولي بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي سيرفعون الأسبوع الجاري أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس، حيث كشفت البيانات عن معدل التضخم هو الأعلى منذ أربعة عقود.
رغم ذلك، فإن البنك المركزي الأوروبي يلجأ لمقاربة أكثر توازناً -على الأقل في الأجل القريب– في ظل النشاط الاقتصادي الضعيف، ونوّه المسؤولون الأسبوع الجاري أنهم سيزيدون أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية خلال شهر يوليو المقبل.
العالم
زادت كل من الهند وأستراليا أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية، والتحقتا بما يفوق 50 بنكاً مركزياً رفعوا تكاليف الاقتراض بزيادة مماثلة دفعة واحدة على الأقل خلال السنة الحالية.
رفعت تشيلي وبولندا وبيرو -وهي بالفعل جزء من هذا التجمع– سعر الفائدة مرة أخرى. في هذه الأثناء، تحركت روسيا في الاتجاه المعاكس، وقلّصت أسعار الفائدة إلى المستوى الذي كانت عليه قبيل غزوها لأوكرانيا.
اقرأ أيضاً: البنوك المركزية العالمية قلقة من عودة حقبة ربط الأجور بالتضخم
حذّرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية من أن الاقتصاد العالمي سيدفع "ثمناً باهظاً" للحرب في أوكرانيا ينطوي على نمو أكثر ضعفاً، وتضخم أعلى وأضرار محتملة طويلة الأجل لسلاسل التوريد.
وقلّصت المنظمة من توقعاتها للنمو العالمي خلال السنة الجارية إلى 3% من 4.5% بحسب ما توقعت خلال شهر ديسمبر الماضي، وضاعفت توقعاتها بالنسبة للتضخم ليصل إلى حوالي 9% لبلدانها الأعضاء الذين يبلغ عددهم 38 بلداً. وفي عام 2023، تشير توقعاتها إلى تباطؤ النمو إلى نسبة تبلغ 2.8%.
تبدّلت فعلاً 3 عوامل جوهرية على جانب العرض، الذي يزيد من مستويات التضخم العالمية حالياً، ما يعني أن الانفراجة وشيكة بالنسبة للمتسوقين في كافة أنحاء العالم.
الولايات المتحدة
تزايد معدل التضخم في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوى له خلال 40 سنة في شهر مايو الماضي، ما يؤشر إلى أن ضغوط الأسعار باتت متجذرة في الاقتصاد وتمزق ثقة المستهلكين. وستدفع أحدث أرقام التضخم الحكومية على الأرجح بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي إلى تمديد سلسلة عمليات رفع أسعار الفائدة الحادة إلى فصل الخريف المقبل.
للمرة الأولى منذ شهرين، يتوقع ميناء لوس أنجلس أن تتخطى أحجام الحاويات الواردة مستويات السنة السابقة. ومن المبكر للغاية القول ما إذا كانت هذه لحظة عابرة أم انطلاقة لموجة أضخم من السلع القادمة من منطقة آسيا، لكن هذه الأرقام ستجري مراقبتها عن قرب باعتبارها أكثر البوابات التنظيمية في الولايات المتحدة ازدحاماً بالنسبة للنقاط التجارية، والتي تقترب بشكل أكبر من الدخول في وقت الأزمة.
بلغ سعر البنزين 5 دولارات للغالون أو تخطى ذلك فيما يفوق 12 ولاية أميركية أسبوعياً خلال فترة الذروة لموسم السفر الصيفي، حيث ما زالت مخزونات الوقود تعاني من النقص. وبحسب هذا المعدل، فإن التوقع الخاص بشركة "جيه بي مورغان تشيس أند كو" بـبلوغ سرع غالون البنزين 6.2 دولار مع حلول شعر أغسطس يظهر أنه من السهل الوصول إليه.
أوروبا
تعهد البنك المركزي الأوروبي برفع أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية خلال الشهر القادم وفتح الباب أمام ارتفاع أكبر في موسم الخريف المقبل، حيث يجابه معدل تضخم قياسي. في ظل وجود توقعات حديثة تشير إلى مسار أسرع لصعود أسعار منطقة اليورو مما كان يُعتقد في السابق، وسيتوقف البنك عن شراء الأصول بشكل كبير في الأول من شهر يوليو القادم.
هبطت طلبيات المصانع الألمانية بطريقة غير متوقعة خلال شهر أبريل الماضي، حيث ضغط الإغلاق الصارم في الصين على سلاسل التوريد العالمية، ما فاقم الاضطرابات المترتبة على الغزو الروسي لأوكرانيا.
من غير الممكن للجهود الروسية المبذولة لإعادة توصيل التدفقات التجارية الالتفاف على العقوبات المفروضة نتيجة الحرب في أوكرانيا أن تعوض التراجعات في الواردات التي تشل اقتصادها. وتتمثل إحدى العواقب الواضحة حتى الآن في أنه للمرة الأولى، تقدمت بيلاروسيا، وهي دولة مجاورة اعتمدت روسيا عليها للمساعدة في تنظيم عملية الغزو خلال شهر أبريل الماضي، على ألمانيا -وهي اقتصاد أكبر بما يفوق 60 مرة- من حيث قيمة الواردات إلى روسيا، بحسب تحليل "بلومبرغ" لأحدث البيانات.
آسيا
نوه رئيس بنك اليابان هاروهيكو كورودا إلى حدوث بعض التغييرات الإيجابية التي تدلل على تحقيق تقدم نحو هدف التضخم المستقر مع توضيح أن تشديد السياسة النقدية لا يُعد خياراً مطروحاً في الوقت الراهن. وقال رئيس البنك في خطاب ألقاه خلال يوم الإثنين الماضي، إن العديد من مجموعات البيانات تكشف عن توقعات بتزايد معدلات التضخم ومعاناة أشد وسط العائلات نتيجة صعود الأسعار.
تزايد معدل التضخم لقطاع التجزئة في تايلندا خلال شهر مايو الماضي إلى أعلى مستوياته منذ ما يصل إلى 14 سنة، وهو المستوى الذي قد يختبر إصرار البنك المركزي على التمسك برأيه حيال تكاليف الاقتراض. وكشفت بيانات رسمية، في يوم الإثنين الماضي، عن أن أسعار المستهلكين صعدت بنسبة 7.1% بالمقارنة بالسنة السابقة، لترتفع عن نسبة 4.7% التي سجلتها قبل شهر.
الأسواق الناشئة
زاد المحللون البرازيليون من توقعاتهم إزاء معدلات التضخم للسنة الحالية والسنة القادمة، قبل أن يجتمع البنك المركزي لمناقشة تمديد الدورة الجريئة لزيادة أسعار الفائدة. ستبلغ أسعار المستهلكين نسبة 8.89% خلال شهر ديسمبر المقبل، بحسب استطلاع رأي للبنك المركزي جرى نشره الإثنين الماضي، وهي نسبة تفوق التوقعات السابقة البالغة 7.89% في 2 مايو الماضي.