لم ينجح تباطؤ الاستهلاك الناتج عن الارتفاع الحاد في التضخم، وارتفاع تكاليف الاقتراض، في إضعاف خطط استثمار الشركات الهندية، والاستفادة من خدمات أكبر بنك في البلاد، ما يعكس استمرار زخم وتيرة التعافي في ثالث أكبر اقتصاد بآسيا.
قال دينيش كومار كارا، رئيس مجلس إدارة مصرف "ستيت بنك أوف إنديا" (State Bank of India) لـ"بلومبرغ نيوز"، خلال مقابلة أُجريت في مكتبه، بمومباي، إن الشركات تسحب بشكل متزايد من خطوطها الائتمانية بقيمة 71 مليار دولار، كما توقع نمواً قوياً في قروض البنك، الذي تأسس قبل 216 عاماً، ويقدم خدماته لكل شخص من بين 3 هنود، بدعم من زيادة طلب الشركات على الاقتراض، ما يأتي عقب عامين متتاليين من انكماش الائتمان.
يعكس ذلك نمو القروض على نطاق واسع في القطاع المصرفي الهندي، والتي تبلغ قيمتها 120 تريليون روبية (1.5 تريليون دولار)، وتشهد نمواً سنوياً بأسرع وتيرة منذ 3 سنوات. ويغطي جزء من الطلب على الائتمان التكاليف المتزايدة، بينما يتم توجيه الباقي إلى التوسع في الأعمال والاستثمارات لزيادة الطاقة الإنتاجية.
قال "كارا": "هناك زيادة على صعيد كلٍّ من قروض تمويل رأس المال العامل والقروض الآجلة، كما تقلصت نسبة خطوط الائتمان إلى محفظة القروض بنحو 6% على الأقل خلال الأشهر الأخيرة". وأضاف: "استنفدت العديد من القطاعات مثل الحديد والصلب طاقتها التشغيلية القصوى، وإذا شهدنا موسماً قوياً جديداً هذا العام، سوف تستمر الأوضاع في التحسن".
تتزايد الثقة في قطاع الأعمال الهندي والطلب على الائتمان رغم ارتفاع تكلفة التمويل، حيث رفع البنك المركزي سعر الفائدة الرئيسي للشهر الثاني على التوالي، للحد من الضغوط التضخمية، بالتزامن مع تعهد صُنّاع السياسة النقدية بسحب التحفيز النقدي الذي تم خلال حقبة الوباء على مدار الأشهر المقبلة.
في ظل الطلب المتزايد على القروض، يتعيّن على "ستيت بنك أوف إنديا" تعزيز معدل كفاية رأس المال، الذي يتراوح حول مستويات تفوق بأقل من 2% الحد الأدنى من المتطلبات التنظيمية. وتُعد احتياطيات رأس المال الإلزامية للبنك، والبالغة 13.8% هي الأدنى بين البنوك الكبرى في البلاد.
تعزيز رأس المال
قال "كارا"، إن "ستيت بنك أوف إنديا" يسعى إلى إصدار سندات لتعزيز قاعدته الرأسمالية. وكان البنك أصدر في ديسمبر سندات لتعزيز الشريحة الأولى لرأس المال، والتي يمكن شطب كامل قيمتها نتيجة أزمة ارتفاع تكلفة التمويل، حيث سجل البنك وقتها أقل عائد بين البنوك الهندية، عقب تطبيق البلاد قواعد "بازل 3" الصارمة بشأن الرسملة في عام 2013.
اقرأ أيضاً: "المركزي الهندي" يرسل ومضات تحذير بشأن تقليص ضخ السيولة تدريجياً
مع تولي "كارا" قيادة البنك، وعلى مدار 21 شهراً، ارتفعت أسهم "ستيت بنك أوف إنديا" بنحو 150%، لتسجل أفضل أداء بين العشرة أسهم المدرجة في مؤشر "بي إس إي بانكيكس" (BSE Bankex) خلال تلك الفترة.
بدأ المصرفي البالغ من العمر 61 عاماً، نجل أحد مسؤولي بنك الاحتياطي الهندي، العمل في البنك عام 1984، ليتدرج في المناصب حتى أصبح رئيساً لمجلس الإدارة في أكتوبر 2020.
يمثّل انخفاض أرباح الاستثمار لدى البنك أبرز التحديات التي تواجه "كارا"، حيث يؤدي ارتفاع العوائد إلى تآكل قيمة محفظة السندات، في الوقت الذي تكشف فيه إفصاحات البورصة عن امتلاك البنك محفظة أوراق مالية حكومية -فيدرالية وصادرة عن الولايات- بقيمة تبلغ نحو 7 تريليونات روبية بحلول 31 مارس.
ذكر "كارا"، أن ارتفاع العوائد على سندات بعينها، من بينها السندات الصادرة عن حكومات الولايات، يخفف من تراجع أرباح مجموعة إدارة الخزينة في البنك، وأن قيمة حيازة البنك من سندات الدين –كجزء من إجمالي الأصول– سوف تنخفض في ظل نمو الائتمان بوتيرة أكبر من الودائع.
اقرأ أيضاً: دليلك للربح بالسوق الهندية في ظل أكبر رفع للفائدة تشهده آسيا
التحول الرقمي
يرى "كارا"، الذي بدأ العمل المصرفي بعد التخرج من الكلية مباشرة، أن تعزيز البنك للمبادرات الرقمية يُعد الإنجاز الرئيسي له. حيث قال، إن وتيرة اعتماد عملاء البنك، البالغ عددهم 467 مليون عميل، على تطبيق البنك عبر الموبايل، "يونو" (Yono) أو "يو أونلي نيد وان"، تفوق بعدة مرات وتيرة الإقبال على الخدمات المصرفية الرقمية منذ سنوات.
ورغم ذلك، قال المصرفي الذي أشرف على اندماج 10 بنوك مع "ستيت بنك أوف إنديا"، إن البنك ليس لديه خطط لاستحواذات بهدف تعزيز تفوقه في تقديم الخدمات المصرفية الرقمية، كما أوقف البنك مناقشات سابقة لفصل تطبيقه الرقمي، وبدلاً من ذلك، زاد من ضخ الاستثمارات فيه.
قال "كارا": "نخطط للنمو بطريقة مربحة، فقد سجلت أغلب المؤشرات التشغيلية نمواً متصاعداً في السنوات الأخيرة، ونأمل أن نحافظ على نفس المسار".