عادت السوق بشكل مفاجئ للتركيز على الجانب السيئ للأخبار الجيدة، من خلال تفسير أي مؤشرات إيجابية عن الاقتصاد -وبصفة خاصة تلك المتعلقة بالتوظيف والتضخم- بوصفها إشارات على اضطرار بنك الاحتياطي الفيدرالي للاستمرار في تشديد سياسته الخاصة بنظام رفع أسعار الفائدة.
أنتوني ساغليمبين، المحلل الاستراتيجي للسوق العالمية في شركة "أمريبرايز فاينانشيال" (Ameriprise Financial)، انضم خلال الأسبوع الجاري إلى بودكاست "ماذا يحدث؟" (What Goes Up) لمناقشة آرائه حول ذلك الموضوع. فيما يلي بعض النقاط البارزة التي تم تحريرها وتلخيصها بعض الشيء من المحادثة:
تقول إن الأخبار الجيدة أصبحت سيئة للسوق مجدداً، هل يمكنك توضيح سبب ذلك؟
على مدى الأسبوعين الماضيين، ركزت الأسواق على فكرتين هما: أولاً: "هل نتجه نحو الركود؟"، وثانياً: هل "سيؤجج الاحتياطي الفيدرالي هذا الركود برفع أسعار الفائدة بشدة؟". لذا؛ فإن ما أعنيه بالبيئة السوقية التي تعتبر فيها الأخبار الجيدة أمراً سيئاً هو أنه: كلما كانت الأخبار أكثر إيجابية؛ زادت التوقعات بأن الاحتياطي الفيدرالي ربما سيحتاج إلى الاستمرار في رفع أسعار الفائدة بشكل أكثر قوة.
يمكن أن يظهر ذلك إلى حد ما في رد الفعل على تقرير التوظيف الخاص بمايو، حيث أضافت الولايات المتحدة خلال الشهر الماضي 390 ألف وظيفة جديدة، واستقر معدل البطالة عند نسبة 3.6% للشهر الثالث على التوالي. بكل المقاييس كانت بيانات التوظيف قوية جداً؛ لكن تراجعت الأسواق بسبب الفكرة السائدة بأنه طالما ظلت سوق العمل قوية، وطالما أن النشاط الاقتصادي يتحرك فوق ما أعتقد أنه تقديرات إجماع المحللين؛ فهذا يعني أن "الفيدرالي" قد يضطر إلى رفع أسعار الفائدة بشكل أكثر قوة.
بينما نتجه نحو الأسبوعين والشهرين المقبلين، يبدو أن البيانات التي ستظهر ستكون أكثر إيجابية من المتوقع؛ وهذا يجعلنا نعتقد أن السوق ستستقبل ذلك بشكل أكثر سلبية. بعدها، سيتم الترحيب بالبيانات التي تأتي أضعف قليلاً ولكن ليست ضعيفة جداً. نحن نسمي ذلك بسيناريو "النمو الضعيف الثابت" أو الـ(Goldilocks)، الذي ينخفض فيه الزخم الاقتصادي، ولكن ليس للدرجة التي تدفع مخاوف الركود للظهور. هو أمر صعب، ولكن هذا هو الوضع الذي تقف فيه بيئة السوق حالياً.
اقرأ أيضاً: تراجع مبيعات السيارات يعزز المخاوف من شبح الركود الأمريكي
إذا اعتدلت نسبة التضخم، ماذا سيعني ذلك بالنسبة للأسواق في النصف الثاني من العام الجاري؟
سيعني ذلك أن المستهلك في حالة جيدة، ومعدلات الادخار مرتفعة، ومستويات الدين منخفضة. وأن المستهلكين بدأوا في استخدام الائتمان المتجدد بشكل أكبر قليلاً، لذلك نراقب هذا المؤشر عن كثب. لكن كنتيجة عامة، يجب أن يكون المستهلكون في حالة جيدة. وطالما ظلت سوق العمل قوية؛ أعتقد أننا سنرى تحولاً في سلوك المستهلكين، وليس تراجعاً في الإنفاق. فهم ينفقون أقل على السلع وأكثر على الغذاء والطاقة، وربما أكثر قليلاً على الخدمات، ومع بدء تراجع موجة السفر المدفوعة بالخروج من الوباء في الصيف، ربما تبدأ هذه الاتجاهات في الانخفاض.
لذا كلما اعتدلت ضغوط التضخم، دون أن يتراجع أصحاب العمل عن التوظيف، ولا يقلل المستهلكون من الإنفاق؛ أعتقد أن احتمال إبطاء الاحتياطي الفيدرالي لوتيرة زيادات أسعار الفائدة سيكون ضئيلاً للغاية، والأمر نفسه بالنسبة للفرص التي يجري إنشاؤها في سوق الأوراق المالية.
من وجهة نظري، تضع سوق الأسهم في حسبانها أننا سنشهد ركوداً ربما بحلول نهاية هذا العام، أو في أوائل العام المقبل. لكن إذا لم يحدث ذلك، وتمكن الفيدرالي حقاً من الوصول بالاقتصاد إلى بر الأمان دون المعاناة من الركود أو الاصطدام؛ فأعتقد أن سوق الأسهم يمكن أن تتعافى في النصف الثاني من العام.
الأمر الوحيد الذي لم نتطرق له هنا هو "الأرباح". وهذا يثير قلقي بشكل أكثر قليلاً لأن تقديرات الأرباح لم تنخفض في الواقع. نحن في فترة سيحتاج فيها المحللون إلى تعديل توقعات أرباحهم، وأعتقد أن رد فعل السوق على ذلك يمكن أن يكون أكثر سلبية.