خفض بنك روسيا أسعار الفائدة للمرة الثالثة على التوالي في شهر تقريباً، وقال إن تكاليف الاقتراض يمكن أن تهبط أكثر، بهدف تهدئة جموح الروبل بينما يخفض دفاعاته المالية التي تم وضعها منذ غزو أوكرانيا.
قلل البنك المركزي الروسي سعر الفائدة الرئيسي من 14% إلى 11% اليوم الخميس في اجتماع استثنائي أُعلن عنه قبل يوم واحد فقط. توقع جميع الاقتصاديين الـ 23 الذين استطلعت بلومبرغ آراءهم خفض سعر الفائدة بنقطتين مئويتين. وواصل الروبل خسائره بعد الإعلان، متجهاً لتسجيل هبوط ليومين متتاليين لتقترب خسائره أمام الدولار من 12%.
مزيد من الخفض
بعد تسع نقاط مئوية من التيسير منذ أبريل، قالت محافظة البنك المركزي إلفيرا نابيولينا إنها لا تزال ترى مجالاً لمزيد من الخفض لأسعار الفائدة في الاجتماعات المقبلة. وفي بيان مصاحب للقرار، لم يذكر صانعو السياسات سوى القليل عن الروبل فيما عدا ملاحظة أن سعر الصرف ساهم في تباطؤ التضخم.
روسيا تفاجئ السوق بخفض أكبر لسعر الفائدة وتحذر من انكماش اقتصادي
قالت نابيولينا في مؤتمر للقطاع المصرفي، بحسب وكالة الأنباء الروسية "تاس":
الأرباع القادمة لن تكون سهلة.. فبينما يتكيف الاقتصاد، سيكون الأمر صعباً على الشركات والمواطنين.
بتشجيع من تباطؤ التضخم بأسرع من المتوقع بعد صدمات الطلب، يُظهر القرار تصميم البنك المركزي على اعتراض مسار الروبل الصاعد بقوة، حتى مع استمرار ضوابط رأس المال في تقييد السوق. ومع الخفض الأخير لسعر الفائدة، فقد عكس بنك روسيا الآن جميع إجراءات التشديد النقدي الطارئة التي تم تطبيقها منذ غزو أوكرانيا قبل ثلاثة أشهر.
الروبل يواصل جموحه حتى بعد تخفيف روسيا ضوابط رأس المال
على الرغم من العقوبات الشاملة المفروضة على روسيا، أدى ارتفاع الصادرات وضوابط رأس المال إلى استنزاف الطلب على النقد الأجنبي ودفع الروبل للصعود إلى أعلى مستوياته منذ عام 2018. لم تساعد جهود السلطات لتهدئة صعود العملة، بما في ذلك تخفيف الضوابط الرئيسية على رأس المال في وقت سابق من هذا الأسبوع، كثيراً حتى الآن.
ماتزال القيود الصارمة في مكانها. ومنذ الغزو، جعلت ضوابط رأس المال من المستحيل بيع الأصول وتحويل العائدات.
روسيا قد تُخفف قيود العملات الأجنبية لتكبح جماح الروبل
تحسباً لتيسير نقدي أعمق، ضعف الروبل بشكل حاد يوم الأربعاء بعد المكاسب التي حققها لخمسة جلسات تداول متتالية. وهبط لليوم الثاني بعد القرار وضعف بنسبة تصل إلى 7.7% مقابل الدولار، مسجلاً أكبر انخفاض يومي منذ أكثر من شهر.
الميزان التجاري
ومع ذلك، كان المستثمرون متشككين بشأن مقدار ما يمكن لصانعي السياسات القيام به لمنع استئناف العملة ارتفاعها، لأن سعر صرف الروبل بات يتم تحديده بالكامل تقريباً من خلال الميزان التجاري.
قال ديمتري كوزموديميانسكي، مدير الأصول في "أوتكريتي" (Otkritie): "لا أعتقد أن قرار البنك المركزي سيساعد على إضعاف الروبل في غياب تجارة الفائدة.. الكل يرى الميزان التجاري ولن يلعب ضده إلا شخص مجنون".
الروبل يقفز لأعلى مستوى في 5 سنوات مع انصياع مشتري الغاز لإرادة بوتين
يريد البنك المركزي أيضاً توفير فرصة للاقتصاد الذي يسير في طريقه صوب انكماش حاد. مع انهيار طلب المستهلكين، يتباطأ التضخم الأسبوعي بعد ارتفاع الأسعار بسبب موجة الذعر الشرائي التي حدثت في الأشهر التي أعقبت الغزو مباشرة.
رأي خبراء بلومبرغ إيكونوميكس
قال سكوت جونسون، محلل اقتصاد روسيا: "من المنتظر مزيداً من التيسير في الأشهر المقبلة. حيث يوفر ارتفاع الروبل وتضرر الاقتصاد من العقوبات العنصر المُلح، كما ستفتح الأسواق المالية المستقرة- وضغوط الأسعار الآخذة في التلاشي- المجال لصانعي السياسات للتحرك".
اعتبر الرئيس فلاديمير بوتين قوة الروبل كإشارة إلى أن البلاد قد نجت من العقوبات غير المسبوقة التي فرضتها الولايات المتحدة وحلفاؤها لمعاقبة موسكو على غزوها لأوكرانيا.
تم استثناء أغلب صادرات النفط والغاز الروسية من العقوبات، حيث تتدفق مليارات الدولارات واليورو إلى البلاد كل أسبوع. في غضون ذلك، أدى تضاؤل الواردات والقيود المفروضة على شراء وتحويل الأموال إلى الخارج إلى القضاء على الطلب على العملة الصعبة.
اجتماع استثنائي
تعرض الروبل لضغوط كافية في الأيام الأخيرة في ظل التكهنات التي أُثيرت بأن البنك المركزي قام بتقديم اجتماع تحديد أسعار الفائدة -الذي كان مخططاً له- بأكثر من أسبوعين ليصبح يوم الخميس، من أجل كبح جماح العملة الأكثر صعوداً على مستوى العالم.
إنفوغراف: الروبل الأفضل أداء أمام الدولار.. والجنيه المصري الأسوأ
كما تم أيضاً نشر الإعلان قبل عدة ساعات من وقته المعتاد في أيام تحديد سعر الفائدة في روسيا. وليس هناك مؤتمر صحفي مخطط له مع نابيولينا.
تعني القيود المفروضة على حركة رأس المال أن "المعدلات أصبحت غير مرتبطة تماماً بديناميكية الدولار والروبل"، وفقاً لكريستيان ماجيو، رئيس إستراتيجية المحافظ في "تي دي سكيوريتيز" (TD Securities) في لندن، الذي توقع القرار بشكل صحيح.
وقال ماجيو: "هذا يعني أنك قد لا ترى الكثير من الهبوط في قيمة الروبل من هنا". مع ذلك، "من المرجح أن يكون هناك المزيد من التخفيض لسعر الفائدة في جعبة المركزي".