بيل هوانغ يطلب التحقيق مع "مورغان ستانلي" بشأن أسباب خسارته مليارات الدولارات

بيل هوانغ مؤسس "آركيغوس كابيتال"، وهو يغادر المحكمة الفيدرالية في نيويورك، يوم الأربعاء 27 أبريل 2022 - المصدر: بلومبرغ
بيل هوانغ مؤسس "آركيغوس كابيتال"، وهو يغادر المحكمة الفيدرالية في نيويورك، يوم الأربعاء 27 أبريل 2022 - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

قبل أن يتسبب بيل هوانغ، مؤسس شركة "آركيغوس"، في قفزة مجنونة لدى مجموعة من الأسهم العام الماضي، كان قد بدء في خسارة مليارات الدولارات في رهان هبوطي، بعدما طلب المساعدة من شركة الخدمات المالية "مورغان ستانلي".

هذا هو الفصل غير المروي في قصة هوانغ، والذي حدث قبل انهيار التداولات الصعودية الشهيرة له مباشرة في أوائل 2021، ما قضى على صندوق "آركيغوس كابيتال مانجمنت" الخاص به، وتوجيه تهم جنائية له.

قبل عدة أشهر من حدوث كل ذلك، كانت الشركة تحاول التخارج من رهان هبوطي ضد شركة وساطة مالية إلكترونية في الصين، وسعى للحصول على مساعدة باوان باسي، المصرفي البارز في "مورغان ستانلي"، الذي تم وقفه عن العمل في ظل التحقيقات الأمريكية التي تسعى للكشف عن مدى وجود تسريب للمعلومات في الشركات المالية في "وول ستريت" عند التعامل مع التداولات الكبيرة.

خسارة الرهان

أجرى هوانغ رهاناً هبوطياً كبيراً على شركة "فوتو هولدينغز" (Futu Holdings) مستخدماً مقايضات الأسهم، وكان يرغب في التخارج من مركزه بنهاية عام 2020 تقريباً. وقال لـ"مورغان ستانلي" إنه يحتاج لشراء كمية كبيرة من الأسهم للتخلص من مركزه تدريجياً، وفقاً لمصادر مطلعة على هذه الواقعة.

لكن قبل أن يتمكن هوانغ من إبطال رهانه، ارتفع سعر أسهم "فوتو" بشكل مذهل، وبأكثر من 400% في الشهرين التاليين من عيد الميلاد (الكريسماس) لتلك السنة. وتسبب ذلك في ضياع 4 مليارات دولار من محفظة الاستثمارية أدراج الرياح.

لفت "آركيغوس" انتباه السلطات الأمريكية إلى هذه الخسارة المكلفة بعد اندلاع التحقيق حول هذا التداول الضخم خلال العام الجاري، حسبما قال أحد المصادر. وطلبت شركة هوانغ التحقيق فيما إذا كان هناك شخص ببنك "مورغان ستانلي" قد أفشى معلومات لأطراف خارجية حول نيته للتخارج من رهانه الهبوطي، حتى يقوموا بشراء كمية كبيرة من أسهم "فوتو".

إفشاء التداولات

بالتأكيد، ما تزال هوية الجهات التي مارست ضغوطاً على رهان هوانغ الهبوطي مجهولة، وما إذا كانت تستهدفه هو بالتحديد بشرائها الأسهم أو لا. فقد تزامن ارتفاع أسهم "فوتو" مع ما أُطلق عليه اسم "انتعاشة أسهم الميم" العام الماضي، والتي نظم فيها مجموعة من المتداولين الأفراد صفوفهم عبر تبادل الرسائل على منتديات التواصل، حتى يحددوا ويرفعوا سعر أسهم بعينها عبر صفقات بيع على المكشوف.

مع هذا، فالمراجعة التي تطلبها "آركيغوس" تشير بطريقة أخرى إلى أن التحقيقات الكبيرة التي تجريها الولايات المتحدة حول تداولات شركات "وول ستريت" تستمر في التداخل والتقاطع فيما بينها.

منذ فترة ليست قصيرة وحتى الآن، تحقق الحكومة الأمريكية فيما إذا كانت الشركات المالية تتعامل مع التداولات الكبيرة بسرية كاملة أو لا. تسارعت وتيرة هذه التحقيقات عقب انهيار وتصفية "آركيغوس"، حسبما قالت مصادر مُطلعة على الأمر. وحالياً، يسعى هوانغ إلى فتح باب جديد في القضية، عبر تحويل تركيز جهات التدقيق نحو البنوك.

قلق من البيع على المكشوف

التحقيقات الأمريكية حول التداولات الكبيرة تركز بالفعل حول ما إذا كان المصرفيون يفشون بأسرار صناديق التحوط الخاصة بأي صفقات مُعلقة. لكن "مورغان ستانلي"، الذي أبدى استعداده للتعاون مع السلطات، لم يناقش مع الجهات الحكومية أي تفاصيل تخص صفقة "فوتو" المحتملة لدى "آركيغوس" كجزء من هذا التحقيق، حسبما قال مصدر مطلع على الأمر.

لم يُتهم المصرفي باوان باسي أو شركة الخدمات المالية بارتكاب أي مخالفة.

رفض ممثلو "مورغان ستانلي"، و"آركيغوس"، ووزارة العدل الأمريكية جميعاً التعليق، في حين لم يرد باسي على طلب التعليق.

من سخرية القدر، أنه بعد بضع أسابيع قليلة من تكبد خسارة فادحة في "فوتو"، أصيب هوانغ بنكبة جديدة على يد مجموعة أخرى من البائعين على المكشوف، ممن تسببوا في ارتفاع سعر أسهم شركة تعليم إلكتروني صينية، كانت تعرف أنذاك باسم "جي إس إكس تيشيدو" (GSX Techedu)، والتي كان بعض من أشهر البائعين على المكشوف يراهنون ضدها. وعندما كُشف النقاب عن "هوانغ" في نهاية المطاف بوصفه الخصم الرئيسي لهم؛ شهروا باسمه وطالبوا علناً بالتحقيق في هذه الصفقة إلى جانب ما سبقها.

صعود.. تعثر.. انهيار

فتش باسي عن أسهم "فوتو" في جميع أرجاء السوق حتى أوائل يناير 2021. لكن في النهاية لم يتمكن "مورغان ستانلي" من الاستحواذ على كمية كبيرة بما فيه الكفاية من أسهم الشركة لمساعدة "آركيغوس" على التخلص من رهاناته المشؤومة، حسب قول المصادر. وتضاءل تأثير الضربة التي تعرضت لها محفظة "آركيغوس" بعد فترة وجيزة بفضل مكاسبه التي جاءت على حساب استدانة قروض كبيرة في جميع استثماراته الأخرى تقريباً بالمحفظة، لكن هذه المكاسب -في وقت قصير نسبياً- ارتفعت، ثم تعثرت، وفي النهاية انهارت.

في مقابلة خلال الأسبوع الماضي، لفت غاري غينسلر، رئيس لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية، إلى أن التحقيق في قضية "آركيغوس" ونظيره المتعلق بإفشاء أسرار التداولات الكبيرة لديهما هدف مشترك، ألا وهو "تجنب التلاعب والاحتيال"، وقال: "كلاهما يتعلق بمحاولة حماية الأسواق".

عقب انهيار "آركيغوس"، شكك بعض المنخرطين في السوق لبعض الوقت بأن هوانغ هو الذي وقف وراء الارتفاع المذهل في أسهم "فوتو" مطلع العام 2021. فبعد كل شيء، تشبه هذه الخطوة النمط المعتاد في رهاناته الصعودية. لكن تحقيقات وزارة العدل الأمريكية في هذه القضية كشفت أنه كان من الخاسرين جراء الارتفاع.

معلومات محدودة

هناك إشارة مقتضبة فقط عن هذا التداول مدفونة بين أوراق لائحة الاتهام التي كشف عنها المدعون العامون ضد هوانغ في أبريل الماضي، وهي تهم يتصدى لها مؤسس "آركيغوس" حالياً. ويشير سطر واحد إلى أنه قام برهان هبوطي ضد "فوتو"، وراهن على أن منصة الوساطة الواقع مقرها في هونغ كونغ ستفقد قيمتها، وحددها بوصفها واحدة من أعلى المراكز في محفظته.

كان رهان هوانغ ضد أسهم شركة واحدة فقط أمراً نادراً. حيث ركزت استراتيجيته للرهان على هبوط وارتفاع الأسعار عموماً على إجراء رهانات مركزة للغاية على الأسهم التي كان مقتنعاً بإمكانية ارتفاعها، والتي يحوّطها بعد ذلك عن طريق البيع على المكشوف للصناديق المتداولة في البورصة المرتبطة بالمؤشرات.

أُدرجت "فوتو" في السوق الأمريكية بعد طرحها لأسهمها في 2019. فالشركة، التي يُنظر لها بوصفها الشبيهة الصينية لمنصة "روبن هود" (Robinhood) الأمريكية، استفادت في وقت قصير من فورة الاستثمارات الفردية، التي تصدرت المشهد في الأيام الأولى من إغلاقات "كوفيد-19".

بحلول بداية نوفمبر 2020، زاد سعر سهم الشركة بأكثر من الضعف مقارنة بمستواه عند الاكتتاب العام الأولي، ليصل إلى 30 دولاراً تقريباً. لكن بعد مرور 3 أشهر وبضعة أيام على هذا التاريخ قفز إلى 191 دولاراً. لدرجة أن الشركة جمعت 1.24 مليار دولار في أبريل 2021، بعد البيع بسعر 130 دولاراً للسهم. لكن من ذلك الحين تهاوى سعر السهم.

أزمة صندوق "آركيغوس" لمالكه بيل هوانغ كانت أسوأ مما يعرفه الجميع

على صوت أجراس الإنذار المدوية.. هكذا سقط "كريدي سويس" في فضيحة "آركيغوس"

في البداية طلب هوانغ المساعدة من مدير تنفيذي آخر في "مورغان ستانلي"، والذي حوّله إلى باسي، وفقاً لمصادر مُطلعة على المحادثات. استمر باسي على اتصال وثيق مع ويليام توميتا، كبير متداولي "آركيغوس"، حول ما آلت إليه جهوده. و"توميتا" هو واحد من مديري "آركيغوس" التنفيذيين الذي يتعاونون مع وزارة العدل الأمريكية في قضية الشركة.

ما تزال طريقة وتوقيت إجراء "آركيغوس" للرهان ضد "فوتو" مجهولين. فالشركة غالباً ما تفضل استخدام مقايضات الأسهم. لكن الخسارة التي تلقتها بقيمة 4 مليارات دولار جراء هذا التداول مفزعة فعلاً، فهذا الرقم يعادل تقريباً إجمالي القيمة السوقية لـ"فوتو" في أواخر 2020.

يلخص هذا مخاطر البيع على المكشوف. فالمستثمر الذي يشتري سهماً تكون خسارته محدودة ومقصورة على قيمة ذلك السهم. أما المستثمر الذي يراهن على هبوط سعر السهم -خاصة في حالة الشراء بالاستدانة- يمكن أن يخسر أضعاف ما دفعه عند بداية التداول إذا ارتفع السعر بشكل كبير.

محاولات إنقاذ فاشلة

وصف المدعون العامون الأسابيع الأخيرة في عمر "آركيغوس" في لائحة دعائهم. فبحلول مارس الماضي، فشلت محاولات الشركة لدعم محفظتها عالية الاستدانة والمركَّزة بشكل غير عادي على الرهانات الصعودية، وفقاً للسلطات الحكومية.

مع بدء أسعار الأسهم في الانخفاض، انتشرت مزاعم حول محاولة هوانغ وزملائه تكثيف جهودهم للتلاعب بالأسعار وتجنب طلبات تغطية الهامش، ثم ضللوا البنوك بشأن الأزمة التي تغلي تحت سطح الشركة حتى انهار كل شيء.

البنوك التي ساعدت "آركيغوس" في إجراء رهاناته الصعودية انتهى بها الحال وهي تتسابق للتخلص من هذه المراكز، وتكبدت خسائر فادحة. خسرت كل من مجموعة بنك "كريدي سويس" 5.5 مليار دولار، وزميلتها "نومورا هولدينغز" 2.9 مليار دولار، و"مورغان ستانلي" 911 مليون دولار.

تصنيفات

قصص قد تهمك