أوروبا تترقب عاصفة تداعيات حرب أوكرانيا.. قلق في الصيف ثم شتاء من الويلات

ارتفاعات متوقعة لأسعار السلع والطاقة خلال النصف الثاني من العام الجاري في أوروبا  - المصدر: بلومبرغ
ارتفاعات متوقعة لأسعار السلع والطاقة خلال النصف الثاني من العام الجاري في أوروبا - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

تستولي عاصفة مجمعة من الارتفاعات المتجددة لأسعار الطاقة، وتكاليف الغذاء وما يقابلها من مخاطر اجتماعية واقتصادية، على تركيز أذهان المسؤولين في بروكسل الذين يخشون حدوث صدمات متعددة ومتعاقبة عبر الاتحاد الأوروبي من حرب روسيا في أوكرانيا.

لاغارد: أوروبا وأمريكا تواجهان "وحشاً مختلفاً" في ظل التضخم الحالي

بنظر مبنى "بيرلايمونت" والمباني المجاورة التي تضم المفوضية الأوروبية في العاصمة البلجيكية، فإن الصراع المحتدم على حدود الكتلة يمثل مزيجاً فريداً من التهديدات التي تلوح في الأفق بشكل كبير في النصف الثاني من العام الجاري.

الافتراض الشائع لكيفية حدوث ذلك هو أولاً صيف من القلق، ثم شتاء من الويلات. تركز المخاوف على الكيفية التي قد يؤدي بها تقنين الطاقة وتفاقم ضغوط تكلفة المعيشة إلى اختبار الناخبين الذين أصبح صبرهم ضئيلاً بالفعل، وعلى قابلية تعرض الآلة الصناعية الألمانية للإغلاق في حالة توقف إمدادات الغاز.

يمثل المسؤولون من جميع أنحاء بيروقراطية الاتحاد الأوروبي الذين تحدثوا إلى "بلومبرغ" خلال إعداد هذا التقرير -بشرط عدم الكشف عن هوياتهم في كثير من الأحيان- جيلاً من الممارسين السياسيين الذين خبروا الأزمات، من اضطراب الديون السيادية في المنطقة، إلى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والوباء، مما يمنحهم منظوراً للحكم بأن الأزمة الحالية ليست وجودية بعد.

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ

ضغوط مالية جديدة

وفقاً لمصدرين مطلعين فإنه رغم ذلك تفرض عملية إعادة التنظيم الأمني التي تجتاح أوروبا ضغوطاً جديدة على المالية العامة، وتُعَدّ أزمة الطاقة المتزايدة هي أرضية غير مألوفة، لم تُستوعَب عواقبها الكاملة بين صانعي القرار والمستشارين الخارجين بعد عامين من حالة الطوارئ بسبب كورونا.

في يوم الاثنين، ستظهر بلورة مبدئية من وجهات النظر حول الاقتصاد، إذ ستصدر المفوضية توقعات من المرجح أن تقر بتباطؤ كبير في النمو الاقتصادي، وفقاً لمسودة التوقعات التي اطلعت عليها "بلومبرغ".

رأي "بلومبرغ إيكونوميكس"

"قد يكون تأثير الحرب في أوكرانيا أكبر بكثير مما تتوقعه الأسواق أو البنك المركزي الأوروبي، ولا يزال هناك مجال لازدياده. يمكن أن يؤدي الاضطراب الشديد في الطاقة بسهولة إلى دفع منطقة اليورو إلى الركود".

- جيمي راش وديفيد باول ومايفا كوزين.

سيتبع ذلك في هذا الأسبوع صدور إجراءات الاتحاد الأوروبي لمواجهة أزمة الطاقة. وفي وقت لاحق من هذا الشهر من المتوقع أن يؤدي حكم جديد على السياسات المالية الوطنية إلى إطالة أمد تعليق القيود على العجز الذي وافقت عليه الكتلة عندما بدأ تفشي الوباء.

من بين المخاطر التي يرى مسؤولو المفوضية أنها تلوح في الأفق وتتقاسمها مؤسسات الكتلة هي احتمالية حدوث مزيد من زعزعة الاستقرار في سوق المواد الغذائية، إذ يشعر المسؤولون بالقلق من احتمال استخدام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إمدادات المنتجات الغذائية الزراعية والأسمدة وصادرات الطاقة سلاحاً لإلحاق أضرار اقتصادية بالاتحاد.

يرتبط ذلك باحتمال أن يكون الشتاء القادم أبرد من الشتاء المعتدل نسبياً الذي مرّ للتوّ، ما من شأنه أن يؤجج الطلب على الغاز في الوقت الذي تغلق فيه روسيا الصنابير، مما يؤدي إلى دفع التنافس على مصادر بديلة مع احتمال أن يثير ذلك سخطاً، لا سيما في البلدان التي تعتمد على واردات الطاقة مثل بلغاريا.

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ

تدفق اللاجئين الأوكرانيين

في الوقت نفسه، يدرك المسؤولون أيضاً أن تدفق اللاجئين الأوكرانيين الذين وصل عددهم الآن إلى أكثر من 5 ملايين -وهو رقم يقزّم أزمة اللاجئين التي حدثت في عامَي 2015 و2016- يتسبب في ضغوط خاصة في البلدان المجاورة.

في هذا السياق، قال ماروش شيفوفيتش، نائب رئيس المفوضية للعلاقات بين المؤسسات والاستبصار لـ"بلومبرغ": "نحن ندرك تماماً الضغوط الاجتماعية. الحكومات الوطنية مشغولة بسبب التضخم المرتفع وأسعار الطاقة والموجة الهائلة من اللاجئين. كل هذا يؤدي إلى ارتفاع تكاليف المعيشة".

في ظل هذه الخلفية، يرى المسؤولون أنه يصعب قياس استجابات السياسة الاقتصادية المتعددة التي يجري نشرها.

من ناحية أخرى، لمكافحة التضخم من المرجح أن يرفع "البنك المركزي الأوروبي" أسعار الفائدة في يوليو، وقد تتحرك فوق الصفر في وقت لاحق من هذا العام. يمكن لمثل هذا التشديد أن يثقل كاهل النمو، وقد يزيد الضغط على الأسر المثقلة بالديون.

في وقت سابق من هذا الشهر، قال عضو مجلس الإدارة أولي رين، مفوض الاتحاد الأوروبي السابق للشؤون الاقتصادية، للصحفيين في سالزبورغ، إنّ "البنك المركزي الأوروبي" يواجه "معضلة معقدة للغاية. نحن نواجه بيئة اقتصادية صعبة للغاية".

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ

دعم الميزانية

في غضون ذلك، فإن مستوى الدعم للميزانية على الصعيد الوطني متباين. يجري تمرير بعض الحوافز المالية من حقبة الوباء، وتقدم الحكومات دعماً متنوعاً لعزل العائلات والشركات عن صدمة الطاقة. ويمثل الإنفاق العسكري الجديد أولوية ملحّة أيضاً.

على مستوى الاتحاد الأوروبي، يتمتع المسؤولون بتفويض أكبر من ذي قبل لتقديم المساعدة، مع وجود خزائن ممتلئة بالأموال، وعدم وجود عقيدة تقشف تقيدهم كما في الأزمات السابقة.

لكن أموالهم البالغة تريليونَي يورو (2.1 تريليون دولار) مخصصة إلى حد كبير بالفعل للمزارعين، ومشاريع البنية التحتية، وخطط التعافي الوطنية، وقائمة متزايدة من الأولويات الجديدة التي تتراوح بين الاستقلال في مجال الطاقة ومشاريع الدفاع المشتركة.

منحت المفوضية البلدان المرونة لتقديم إعانات للشركات في أعقاب الغزو، وتناقش كيفية إعادة توجيه الإنفاق نحو الاستقلال في مجال الطاقة وغيرها من المجالات الحيوية. وقد يشمل ذلك إعادة برمجة جزء من الـ220 مليار يورو المتبقية في "صندوق التعافي".

حزمة الطاقة

قد تتضمن حزمة الطاقة المقرر إصدارها هذا الأسبوع تدابير لمعالجة التكاليف على الأسر والافتقار إلى الطاقة.

في غضون ذلك، ستُظهِر نظرة المفوضية الاقتصادية القاتمة يوم الاثنين انخفاضاً كبيراً في توقعاتها للنمو لهذا العام من 4% إلى 2.7%، وفقاً لمسوَّدة التوقعات.

يشعر المسؤولون بالقلق من تأثير العواقب الأوسع لضعف النمو في الناخبين، مدركين كيف أثرت احتجاجات "السترات الصفراء" في الولاية الأولى للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي سيخوض الانتخابات البرلمانية في يونيو.

يُذكر أن إيطاليا وإسبانيا -الأضعف بين أكبر اقتصادات أوروبا- بانتظار الانتخابات الوطنية في العام المقبل.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك