حظرت الهند صادرات القمح التي كان العالم يعتمد عليها لتخفيف قيود الإمداد الناجمة عن الحرب في أوكرانيا، قائلة إن الأمن الغذائي للبلاد في خطر.
قالت المديرية العامة للتجارة الخارجية الهندية، في إشعار بتاريخ 13 مايو، إنه سيظل مسموحاً بالصادرات إلى البلدان التي تطلب القمح لاحتياجات الأمن الغذائي، وبناء على طلبات حكوماتها، في حين سيتم حظر جميع الشحنات الجديدة الأخرى بشكل فوري.
يُسلِّط قرار وقف صادرات القمح، الضوء على مخاوف الهند بشأن ارتفاع التضخم، ما يضيف المزيد إلى موجة من الحمائية الغذائية التي بدأت منذ اندلاع الحرب. تسعى الحكومات في جميع أنحاء العالم إلى ضمان الإمدادات الغذائية محلياً مع ارتفاع أسعار السلع الزراعية.
أوقفت إندونيسيا صادرات زيت النخيل، في حين فرضت صربيا وكازاخستان نظام الحصص على شحنات الحبوب. سيكون وقف الصادرات بمثابة ضربة لطموح الهند للاستفادة من ارتفاع القمح عالمياً بعد أن أدت الحرب إلى إرباك التدفقات التجارية من منطقة سلة الخبز بالبحر الأسود.
تطلّعت الدول المستوردة إلى الهند للحصول على الإمدادات، حيث اعتمدت مصر، أكبر مشترٍ للقمح في العالم، مؤخراً الدولة الواقعة في جنوب آسيا كمصدر لواردات القمح.
قال أندرو وايتلو، محلل الحبوب في شركة "توماس إيلدر ماركتس" ( Thomas Elder Markets) ومقرها ملبورن: "لدينا الآن بيئة تشهد استبعاد مورد آخر، بعيداً عن الخلاف بشأن تدفقات التجارة العالمية"، مضيفاً أنه كان متشككاً بشأن الكميات الكبيرة المتوقعة من الهند.
أوضح "وايتلو" أن العالم "بدأ يعاني من نقص شديد في القمح". في الوقت الحاضر، يشهد القمح الشتوي في الولايات المتحدة حالة سيئة، بينما تواجه الإمدادات الفرنسية الجفاف، وصادرات أوكرانيا معطلة.
أفادت "بلومبرغ" في وقت سابق من مايو أن موجة الحر الشديد حطمت الرقم القياسي، وأضرت بإنتاج القمح في جميع أنحاء الدولة الواقعة بجنوب آسيا، ما دفع الحكومة إلى بحث فرض قيود على التصدير.
وكانت وزارة الغذاء الهندية قالت سابقاً إنها لا ترى حاجة للسيطرة على الصادرات، حتى مع خفض الحكومة تقديرات إنتاج القمح في الهند.
وفقاً لأحدث إشعار، سيظل مسموحاً بالشحنات التي تحتوي على خطابات ائتمان غير قابلة للإلغاء وتمّ إصدارها بالفعل. وقالت وزارة الغذاء الهندية في 4 مايو إن التجار تعاقدوا على تصدير 4 ملايين طن حتى الآن في موسم 2022-2023. وأضافت أنه بعد مصر، تم منح تركيا الموافقة على استيراد القمح من الهند.
بعد أن أعاقت الحرب الخدمات اللوجستية في منطقة البحر الأسود، والتي تمثّل حوالي ربع تجارة القمح بأكملها، حاولت الهند ملء الفراغ. وكانت الهند تستهدف تصدير رقم قياسي بنحو 10 ملايين طن في موسم 2022-2023.
أصبحت التحديات المحلية في الهند موضع تركيز أكثر حدّة في الأسابيع الأخيرة. وتضررت مئات الأفدنة من محاصيل القمح خلال شهر مارس، مع ارتفاع درجات الحرارة إلى أعلى مستوياتها في الهند، ما تسبب في انخفاض محتمل بنسبة تصل إلى 50% في بعض مناطق البلاد، وفقاً لمسح أجرته "بلومبرغ".
أثار ما حدث المخاوف بشأن السوق المحلية، حيث يعتمد الملايين على الزراعة كمصدر رئيسي لكسب العيش والغذاء. وقالت الحكومة إن مشتريات القمح لبرنامج المساعدات الغذائية، الأكبر في العالم، سيكون أقل من نصف مستوى العام الماضي. ومن المرجح أن يضر الحظر المفروض على الصادرات بالمزارعين والتجار الذين قاموا بتخزين الحبوب تحسباً لارتفاع الأسعار.
قال سراج تشودري العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لـ"ناشيونال كوموديتيز مانجنمنت سيرفسيز" (National Commodities Management Services Ltd)، وهي شركة للتخزين والتجارة، إن فرض الهند قيود على صادرات القمح –في ظل الشكوك حول حجم المحصول، وبرنامج شراء الحبوب والحرب وتكاليف الأسمدة المرتفعة والطقس القاسي في الدول الزراعية الأخرى- بمثابة خطوة منطقية لضمان توافر المحصول محلياً ومواجهة التضخم.
مع ذلك، فإن اتباع نهج يشمل تدابير مثل الحد الأدنى لسعر التصدير والقيود الكمية، كان من الممكن أن يصبح أفضل لأن الحظر المفاجئ يمثل تحديات للتجارة، ويؤثر على مصداقية المصدرين الهنود، ويضر بالمكاسب المحتملة للمزارعين، حسبما قال "تشودري".