لم تعد شركات الشرق الأوسط مضطرة للتوجه إلى لندن أو نيويورك بحثاً عن مستثمرين عالميين، فباتت شركات على غرار "بلاك روك" (BlackRock) تتدفق إلى المنطقة في ظل ازدهار الطروحات العامة الأولية بالأسواق المحلية.
نقلت بلومبرغ أن الاكتتاب العام الأولي لهيئة كهرباء ومياه دبي "ديوا" جمع 6.1 مليار دولار الشهر الماضي، في ظل شراء مستثمرين عالميين كبار مثل "بلاك روك" ومجموعة "فانغارد" (Vanguard Group) و"فيديليتي إنفستمنتس" في الاكتتاب.
كما جذب طرح شركة "فيرتيغلوب"(Fertiglobe) في أبوظبي خلال أكتوبر 2021 استثمارات من شركة "جي آي سي" (GIC) السنغافورية ومدير صندوق التحوط الأمريكي جيف أوبن.
لدى شركات الشرق الأوسط تاريخ طويل من اللجوء لطرح أسهمها للاكتتاب العام في المملكة المتحدة والولايات المتحدة للاستفادة من مجموعة أعمق وأكثر سيولة من المستثمرين.
تجذب الأسواق المحلية المزدهرة في المنطقة حالياً ومشهد الاكتتاب العام النابض بالحياة، والذي تجنب تباطؤ الإدراجات العالمية، مجموعة متزايدة من الصناديق الدولية إلى البورصات المحلية.
اهتمام مطرد
قال سامر الدغيلي، رئيس أسواق رأس المال لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا في "إتش إس بي سي هولدينغز": "على مدى الأشهر التسعة الماضية، شهدنا زيادة مطردة في اهتمام المستثمرين الدوليين بالمنطقة".
عمالقة وول ستريت: الطلب على طروحات الشرق الأوسط هو الأعلى على الإطلاق
أوضح الدغيلي أن الصناديق تقضي وقتاً أطول بكثير في الاكتتابات العامة لموازنة محافظها الاستثمارية، مع تصاعد أوزان مؤشرات الشرق الأوسط.
في حين أن الغزو الروسي لأوكرانيا، والتضخم المتصاعد والسياسات المتشددة لدى البنوك المركزية قد أثّرت على الاكتتابات العامة على مستوى العالم، فإن أسعار النفط المرتفعة والتدفقات الكبيرة في سوق الأسهم قد دعمت موجة الإدراجات بمنطقة الخليج العربي الغنية بالطاقة، بما يضع العديد من أسواق الأسهم في الشرق الأوسط ضمن الأفضل أداءً على مستوى العالم منذ بداية 2022.
تتخلى بعض الشركات المحلية عن الإدراجات دولياً تماماً. أفادت بلومبرغ في أبريل أن شركةً تُقدِّم خدمات التخلص من النفايات، ومقرها دبي، تخلّت عن خططها للاكتتاب العام في الولايات المتحدة من خلال عملية اندماج مع شركة شيك على بياض لصالح إتمام طرح عام أولي تقليدي سواء في المملكة العربية السعودية أو الإمارات العربية المتحدة.
الاكتتابات العامة في الخليج.. الربع الأول يُنبئ بعامٍ قياسي
مع ذلك، قد يكون لدى بعض المستثمرين الأجانب تحفظات بشأن الاستثمار في شركات الشرق الأوسط، بغض النظر عن مكان إدراجها. انهارت شركتان مرتبطتان بأبوظبي تم طرحهما للاكتتاب العام في لندن خلال السنوات الأخيرة بسبب فضيحة، مما أدى إلى تراجع ثقة المستثمرين حيال معايير حوكمة الشركات بالمنطقة.
هناك إشارات على أن التوقعات الاقتصادية لدول مثل المملكة العربية السعودية أصبحت أقل تبشيراً بالأمل، بعد أن بدأت ضغوط الأسعار في التزايد. كما تتعرض المنطقة أيضاً لتقلبات أسعار النفط، في حين أثار احتمال فرض الاتحاد الأوروبي حظراً على الإمدادات الروسية خلافات بشأن قيود الطاقة الإنتاجية بين أوبك وحلفائها.