انخفض سعر "بتكوين" إلى ما دون 30 ألف دولار اليوم الثلاثاء، للمرة الأولى منذ يوليو 2021، مما رفع خسائر كبرى العملات المشفرة من أعلى مستوى سجلته في نوفمبر إلى نحو 55%، وسط موجة هرب عالمية من الاستثمارات ذات المخاطر المرتفعة.
هبطت قيمة أكبر رمز رقمي في العالم بنسبة 3.9% إلى 29.764 ألف دولار في آسيا، قبل أن يقلّص خسائره، ليجري تداوله بسعر 30.850 ألف دولار اعتباراً من الساعة 11:28 صباحاً بتوقيت سنغافورة.
أما عملة "إيثريوم"، ثانية أكبر الرموز الرقمية، فقد تعافت بما يكفي حتى تقتنص ارتفاعاً بنسبة صغيرة، في حين استقرّت العملات الأخرى مثل "سولانا" و"أفالانش" في المنطقة الحمراء.
قال جوش ليم رئيس قطاع المشتقات لدى شركة الوساطة "جينيسيس غلوبال تريدينغ" (Genesis Global Trading) ومقرها في نيويورك: "نحن نشهد انهياراً بالتصوير البطيء، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن عمليات البيع في معظمها من مستثمرين يبيعون استثماراً طويل الأجل".
أضاف: "الآن إذ تدور قيمة بعض أصول الخزانة الاحتياطية عند الشركات بالقرب من تكلفتها الأساسية، تنتظر الأسواق مترقبة إذا كان حاملو الأسهم سوف يضطرونها إلى قدر من التخفف من المخاطر".
توقعات بتدهور الأسعار
تتزامن خسائر أسواق العملات المشفرة مع تراجع السيولة، نتيجة لتشديد السياسة النقدية لمكافحة التضخم الجامح، مما يؤدي إلى ابتعاد المستثمرين عن الأصول ذات الطابع المضاربي.
حذر مايكل نوفوغراتز، وهو ملياردير يستثمر في العملات المشفرة ويقود شركة "غالاكسي ديجيتال هولدينغز" (Galaxy Digital Holdings)، من أنه يتوقع أن تزداد الأمور تدهوراً قبل أن تبدأ التحسن.
قال نوفوغراتز في مؤتمر هاتفي يوم الاثنين حول أرباح شركته في الربع الأول: "ربما يجري تداول الرموز المشفرة ارتباطاً بمؤشر (ناسداك) حتى نبلغ نقطة توازن جديدة. وشعوري أننا سنعاني خسائر وأضراراً أخرى، وأننا سنتعامل في ظل سوق صعبة شديدة التقلب والاضطراب، على الأقلّ على مدى الفصول القليلة المقبلة، قبل أن يبدأ الناس الشعور بأننا بلغنا نقطة توازن".
ترصد أسواق الرموز المشفرة أيضا عملة "تيرا-يو إس دي" (TerraUSD)، وهي عملة مستقرة خوارزمية تهدف إلى الحفاظ على ارتباطها بالدولار على أساس واحد إلى واحد، ويبدو أن هذا الربط اهترأ عندما انخفضت قيمة العملة الرقمية إلى ما دون 70 سنتاً يوم الثلاثاء، وفقاً لأرقام منصة "كوين-جيكو" (CoinGecko).
دو كوون، مؤسس ورئيس شركة "تيرَّا فورم لابس" (Terraform Labs)، التي تدعم شبكة "تيرَّا بلوكتشين" (Terra blockchain) لتداول العملات المستقرة، يتحرك حاليّاً لإنقاذ العملة المستقرة.
قالت "لونا فاونديشن غارد"، المؤسسة التي أُنشئَت لدعم الرمز غير المركزي ومنصة "تيرَّا بلوكتشين"، إنها سوف تُصدِر سندات قروض بقيمة 1.5 مليار دولار تقريباً بعملتَي "بتكوين" و"تيرَّا-يو إس دي" للمساعدة على تعزيز وتقوية ربط "تيرَّا-يو إس دي" بالدولار الأمريكي.
حظِيَ كوون باهتمام عالم التشفير في أوائل العام الحالي عندما تَعهَّد بشراء "بتكوين" بقيمة تصل إلى 10 مليارات دولار بهدف دعم منصة "تيرَّا".
مراقبة دقيقة
في رسالة بالبريد الإلكتروني قال ستيفين غولدن، محلّل أول لدى صانع السوق في قطاع التشفير "كيومبرلاند دي آر دبليو" (Cumberland DRW): "إننا نراقب بعناية حتى نرى أداء السوق على مدى 24 ساعة قادمة، بما في ذلك متابعة ما إذا كانت الآليات التي تُطبَّق للمساعدة على زيادة الاعتماد، مثل البدء فوراً في إقراض (بتكوين) لشركات التداول خارج المقصورة، سوف تكفي للحفاظ على التماسك في أوقات الأزمة العميقة، أم إننا بحاجة إلى آليات إضافية لتحقيق الاستقرار".
هبوط "بتكوين" يضعها في موقف المخاطرة بأن تتراجع بقوة حتى تخرج من النطاق الذي كانت تُتداوَل داخله في عام 2022، وتسير في عكس أحدث اتجاه صعودي لها الذي دفع قيمة العملة إلى رقم قياسي اقترب من 69 ألف دولار للوحدة في نوفمبر الماضي.
مع اقتراب معامل الارتباط لمدة 40 يوماً بين العملة ومؤشر "ستاندرد آند بوروز 500" المعياري للأسهم من مستوى قياسي، وفقاً لأرقام جمعتها "بلومبرغ"، فإن أي ضربة لمشاعر ثقة المستثمرين في سوق الأسهم تهدِّد بأن تجرّ وراءها عملة "بتكوين" نحو الهبوط.
