يستعيد الدولار الأمريكي قوته أمام كل نظرائه الكبار تقريباً، مدعوماً بعوائد سندات الخزانة الأعلى، وموجة بيع الأسهم، التي تدعم بشدة الطلب على عملة الاحتياطي العالمي.
ارتفع مقياس "بلومبرغ" للعملة الخضراء على مدى يومين، مقترباً من أعلى مستوى له في عامين، والذي حقّقه خلال الشهر الماضي، في ظل سعي المستثمرين لتحصين أنفسهم وسط الخوف من تسبّب زيادات بنك الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة في ركود الاقتصاد العالمي.
تكبّدت العملات الآسيوية أكبر خسائر يوم الجمعة مع انخفاض كل من الدولار التايواني، والوون الكوري الجنوبي، واليوان الصيني بنسبة 0.5% على الأقل.
العملة الآمنة الوحيدة
قال فيشنو فاراثان، رئيس الاقتصاد والاستراتيجية في "بنك ميزوهو" (Mizuho Bank) بسنغافورة: "على الأرجح لن ترغب في ضخ أموالك في أي عملة أخرى بخلاف الدولار الأمريكي عندما يكون كل ما تركّز عليه هو الأمان، فالدولار هو العملة الآمنة الوحيدة في السوق الآن".
عزز مزيج من أسعار الفائدة الأكثر ارتفاعاً وحالة عدم الوضوح الجيوسياسية مؤشر بلومبرغ الفوري للدولار بأكثر من 6% هذا العام. وأضرّت قوة الدولار المفرطة بالين بشكل خاص، فقد تراجعت العملة اليابانية بنحو 12% تقريباً منذ نهاية ديسمبر الماضي، في ظل تعارض سياسات الدولة الآسيوية النقدية غير المشجعة لزيادة أسعار الفائدة مع توجه بنك الاحتياطي الفيدرالي المؤيد لرفعها.
الين الياباني يعاني من أطول سلسلة خسائر في 50 عاماً أمام الدولار
تضررت سندات الأسواق الناشئة أيضاً بعد القفزة التي حقّقتها عوائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات، والتي ارتفعت فوق 3% هذا الأسبوع. كما تراجعت الديون السيادية في عدّة دول من كوريا إلى ماليزيا، يوم الجمعة، مع تخلص المستثمرين من الأصول الحساسة للنمو.
خطر التدخل
يفاقم ارتفاع الدولار احتمالية تدخل البنوك المركزية في المنطقة بصورة أكبر، بهدف الحد من انحدار عملات دولهم.
بعض الإجراءات في هذا الصدد جارية بالفعل، إذ أعرب المسؤولون اليابانيون عن استيائهم من تحركات الين "غير المنضبطة"، في حين سعى بنك الشعب الصيني للحد من ضعف اليوان من خلال خفض كمية الأموال التي تحتاجها البنوك في احتياطاتها الإلزامية من العملات الأجنبية.
قال سام مو سيونغ، محلل العملات في بنك سنغافورة: "البنوك المركزية الآسيوية لن تتمكّن من وضع حد لما يحدث في مثل هذه البيئة، على أنَّ تدخلاً قد يكون لتهدئة التقلّب المفرط".
مكاسب أكبر
ربما يأتي الدور على هونغ كونغ تالياً، حيث تُتداول عملة المدينة بالقرب من سعر 7.85 دولار هونغ كونغ مقابل الدولار الأمريكي الواحد، وهو مستوى يتدخل فيه البنك المركزي للتأكّد من بقاء ربط العملة بالدولار الأمريكي كما هو.
يرى الاستراتيجيون أنَّ شراء الدولار مقابل أي شيء آخر تقريباً من المرجح أن يظل استراتيجية رابحة.
يقول رودريغو كاتريل، المحلل الاستراتيجي في "بنك أستراليا الوطني" بسيدني، الذي يرشح اتخاذ مراكز شرائية طويلة الأجل في المحافظ الاستثمارية: "الدولار الملك مايزال أمامه فرصة لتحقيق مكاسب أكبر خلال الأشهر المقبلة، فالفيدرالي ما يزال مُصراً على العودة بسرعة لنقطة التعادل، أو حتى التقدّم أكثر من ذلك".