أتمنى أن تكون جالساً عندما أُطلعك على هذه الأخبار: شركات النفط على وشك أن تجني الكثير من الأموال. أنا أعرف أنها تجني الأرباح عادة. لكن صدقني، خلال هذا العام، ستكون أرباحها كثيرة جداً.
خلال العام الحالي، من المتوقع أن تولد ستة من أكبر شركات إنتاج النفط الغربية، وهي: "بريتيش بتروليوم"، و"شيفرون كورب"، و"كونوكو فيليبس"، و"اكسون موبيل"، و"شل"، و"توتال إنرجيز"، تدفقات نقدية حرة تبلغ 163 مليار دولار، وذلك بعد خصم النفقات الرأسمالية. هذا الرقم تقريباً هو ضعف ما حققته هذه الشركات في عام 2008، عندما وصلت أسعار النفط إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق عند 150 دولاراً للبرميل، وحينها كان إنتاج هذه الشركات من النفط والغاز يفوق قليلاً الإنتاج الحالي. كذلك، فإن منافسيها الأصغر في مجال إنتاج واستكشاف النفط في الولايات المتحدة، ينتظرهم عام حافل هم أيضاً.
مشكلة نخبوية
هذا الوضع يترك القطاع أمام معضلة غير مألوفة: ما الذي يجب فعله بكل هذه الأموال؟ ربما تكون مشكلة نمطية من طراز مشكلات العالم الأول، لكنها مع ذلك تبقى مشكلة محتملة في الوقت الحالي.
العقد الماضي، الذي شهد طفرة في إنتاج النفط الصخري وتراجع في أسهم النفط، أعاد التركيز على الأمر الرئيسي، الذي يجب أن يؤديه الرؤساء بشكل جيد، وهو تخصيص رأس المال. ويبدو أنه في العام الحالي، يوجد أمام الشركات عدد قليل من الخيارات الصعبة. بالنسبة للشركات الست الكبرى، فهي ستقوم بتخصيص - بأرقام صحيحة - نحو 50 مليار دولار تقريباً لتوزيعات الأرباح.
شركات نفط صخري أمريكية ترفع الإنتاج وسط تطلع بايدن لتخفيف حدة الأسعار
وبافتراض تقديم موعد عمليات إعادة شراء الأسهم، فقد تضيف هذه العمليات ما بين 50 إلى 55 مليار دولار أخرى، ما قد يصل بإجمالي المدفوعات للمساهمين إلى أكثر من 100 مليار دولار لأول مرة على الإطلاق (توزيعات عام 2008 كانت أقل بقليل من هذا المستوى). وحتى مع ذلك، فسوف يتبقّى نحو 50 مليار دولار من التدفقات النقدية الفائضة في ميزانيات هذه الشركات، ما يقلّص صافي مجموع الدين من 0.9 مرة بالنسبة للأرباح، قبل حسم الفوائد والضرائب والاستهلاك والإهلاك، إلى أقل من 0.5 مرة على أساس افتراضي.
كيل من الاتهامات
وبالنسبة لمستثمري الطاقة، فإن هذا المزيج من العوائد بنسبة 7% بالإضافة إلى التقليص المستمر للمديونية - يخالف ما حصلوا عليه خلال معظم فترات التاريخ الحديث - وهو أفضل ما يمكنهم التطلّع له. وفي ظل إشارة التقديرات المتوافقة إلى تدفقات نقدية حرة تناهز 140 مليار دولار في عام 2023، يمكن للقطاع أن يكرر الأمر نفسه خلال العام المقبل.
وعندما تتكدس الأموال لدى شركات النفط، فإن أول ما سيظهر على جدول أعمال واشنطن هو اتهامها بالتربّح، خاصة إذا كانت هناك حرب تُشن (بالوكالة).
"نحن هنا اليوم للحصول على إجابات من شركات النفط الكبرى حول سبب تمزيقهم للشعب الأمريكي. ففي وقت تحقق فيه الشركات الكبرى أرباحاً قياسية، فإنها ترفض زيادة الإنتاج لتوفير بعض الراحة التي تشتد الحاجة إليها في محطات التزود بالوقود للشعب الأمريكي". هذا كان ما قاله النائب الجمهوري، فرانك بالوني من نيوجيرسي، الذي افتتح جلسة استماع للجنة الطاقة والتجارة في مجلس النواب في وقتٍ سابقٍ من الشهر الحالي.
من جهة أخرى، يدرك الديمقراطيون جيداً المخاطر التي يشكّلها ارتفاع أسعار البنزين، وسط التضخم الكبير، قبل الانتخابات النصفية. وفي حين أن أحد المستهدفين في إلقاء اللوم هو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين - وهو أمر مبرر - فإن إلقاء اللوم على شركات النفط بحجة ضغطها على السائقين عند مضخات الوقود هو أمر لا يتوقف، رغم أنها اتهامات وهمية.
النفط يقفز مع اتجاه الاتحاد الأوروبي لحظر الخام الروسي
اختلافات تاريخية
أيضاً من المهم الإشارة إلى الاختلاف الكبير في الأوضاع بين عام 2008 والوقت الحالي. فسابقاً، كان الازدهار في أسعار النفط يقترب من الانهيار، وكانت الشركات الكبرى لا تزال تحقق عوائد عالية على رأس المال (لمزيد من التفاصيل، اطّلع على هذه المدونة الممتازة التي كتبها أرجون مورتي، محلل "غولدمان ساكس" السابق الذي وصف صعود النفط في ذلك الوقت بـ"الارتفاع الفائق"، مورتي الآن، هو عضو في مجلس إدارة شركة "كونوكو فيليبس").
بالمقارنة، نحن اليوم قد بدأنا للتوّ الخروج من انهيار نفطي كان ذو أبعادٍ كبيرة، بعد سنوات من العائدات المنخفضة. علاوة على ذلك، بينما كانت ذروة إمدادات النفط هي مصدر الخوف الأكبر في عام 2008، فإن تغير المناخ يحوّل التركيز الآن إلى توقع الوصول إلى ذروة الطلب على النفط. كما أن ارتفاع التدفقات النقدية الحرة، لا يعود فقط إلى صعود أسعار النفط والغاز، وإنما بسبب قيام شركات النفط بالشيء المنطقي بالتخلي عن استمرارها طويل الأمد في الإنفاق الفوري لمعظم أموالها دخلها.
مع ذلك، يبدو أن السيولة المفاجئة التي هبطت على القطاع تسببت في توتره. ويمكن تفسير دعوات العام الحالي التي طالبت الرئيس جو بايدن بمنح إذن فعّال للتنقيب في الأرض - وهو أمر غريب، إذ تُمثّل الأراضي الفيدرالية البرية حوالي عُشر إنتاج الولايات المتحدة فقط - على أنها محاولة لصرف غضب الشارع. مثلما كان الهجوم الذي شنهّ الديمقراطيين في الكونغرس محاولة لإعادة تغيير الرأي العام مرة أخرى.
الضرائب على منتجي النفط
في حال ارتفعت أسعار النفط أكثر من ذلك، قد تصبح الأمور صعبة حقاً. حيث تشير جرائم الحرب الروسية الواضحة في أوكرانيا، بجانب التوقعات بشن هجوم جديد، إلى أن معاقبة الاتحاد الأوروبي لصادرات موسكو من الطاقة أصبحت مسألة وقت وليس محل شك، برغم أن شكل وتوقيت العقوبات لا يزالان محل نقاش، فيما يمكن أن يؤدي الاضطراب الذي ينطوي عليه الأمر إلى ارتفاع حاد في أسعار الطاقة، وبالتالي زيادة توقعات التدفقات النقدية تلك.
ويشير التاريخ الحديث إلى أن أسعار الوقود المرتفعة تعتبر وسيلة لحثّ الكونغرس، بما في ذلك أعضائه الجمهوريين، على التحرك نحو فرض ضرائب أعلى على منتجي النفط. وفي عام 2006، عندما كان الجمهوريون يسيطرون على كلا المجلسين، وكان لديهم رجل نفط سابق في البيت الأبيض، قاموا بإلغاء الإعفاء الضريبي المُقدّم للعديد من شركات النفط الكبرى، والذي كان مرتبطاً بإهلاك نفقات الاستكشاف مع ارتفاع البنزين إلى أكثر من 3 دولارات للغالون.
بعد ذلك بعامين، قام رجل النفط السابق نفسه، وإن كان أصبح أقل تأثيراً بحلول ذلك الوقت، بسن قوانين تنطوي على مزيد من التغييرات التي رفعت الضرائب بشكلٍ فعّال على منتجي النفط.
يشير كيفين بوك، من "كلير فيو" (ClearView Energy Partners) - والذي أشعر بالامتنان له، لأنه علّمني ذلك الدرس التاريخي عن ضرائب شركات النفط - إلى أن التغييرات الضريبية التي فُرضت عام 2008، ظهرت مرة أخرى في النسخة التي أقرها مجلس النواب لحزمة بايدن المتعثرة "إعادة البناء بشكل أفضل".
أسعار البنزين
بالإضافة لأن رفع أسعار البنزين يمكنه أن يخفف من نفور الجمهوريين المعتاد من فرض ضرائب الأرباح على منتجي النفط، فإن الأمثلة السابقة تظهر أيضاً وجود طرق لتوليد الأموال دون وصفها بأنها ضريبة على الأرباح. ويمكن النظر لدعوة بايدن لفرض رسوم على الآبار الخاملة من هذا المنظور.
فمن الواضح في الوقت الحالي، أن الجمهوريين يركزون على ربط أسعار البنزين المرتفعة بأجندة بايدن الخضراء، وأن حزمة "إعادة البناء بشكل أفضل" لا تزال غير مطوية تماماً.
مع ذلك، إذا ارتفع النفط إلى 150 دولاراً، أو أعلى، فقد يعني ذلك أن على شركات النفط الكبرى الشعور بالقلق. ورغم جلسة الاستماع الأخيرة السخيفة التي حدثت مؤخراً، وأن الشركات لا تتحكم في أسعار النفط. إلا أنها مع ذلك تتحكم في الإنفاق والتواصل. وسيكون من المثير للاهتمام، على سبيل المثال، سماع رسائل منها حول توزيعات الأرباح وعمليات إعادة الشراء في مكالمات الأرباح الفصلية الوشيكة، وإن كانت التوقعات تشير أنها لن تكون صاخبة في إعلاناتها.
ومن غير المرجح في الوقت الحالي الإعلان عن زيادات كبيرة في الموازنة للاستفادة من ارتفاع أسعار النفط، أو الانضمام إلى "جهود الحرب"، نظراً للأسباب المذكورة أعلاه بالإضافة إلى الخطر المتزايد من أن يقوم الركود بتقويض الطلب.
إذاً، ما هي الخيارات الأخرى التي لدى هذه الشركات؟. في منشور آخر على مدونته، يناقش مورتي التقلبات التي يُنذر بها تحوّل الطاقة، ويحثُّ شركات النفط، على تكديس المزيد من الأموال في ميزانياتها كضمان أمام حدوث ذلك. كذلك قد يكون ترك الأموال قابعة بهدوء في البنك، أمراً يوفر بعض الأمان أمام صيفٍ مُنتظرٍ، حارٍ، ولا يمكن التنبؤ به.