في أوقات اضطرابات سوق سندات الخزانة، كان أكبر مستثمر خارج الأراضي الأمريكية يقدم يد العون تاريخياً، لكن ليس هذه المرة.
يغذي مديرو المؤسسات اليابانية - المعروفون بنوباتهم الأسطورية من شراء الديون الأمريكية في العقود الماضية - عمليات بيع السندات الكبيرة في الوقت الذي يقلص فيه الاحتياطي الفيدرالي مركزه المالي البالغ 9 تريليونات دولار.
تظهر أحدث البيانات الصادرة عن "بي إم أو كابيتال ماركتس" أن أكبر مالك أجنبي لسندات الخزانة تخلص مما يقرب من 60 مليار دولار خلال الأشهر الثلاثة الماضية، ورغم أن ذلك قد يكون تغيّراً طفيفاً بالنسبة لمخزون اليابان البالغ 1.3 تريليون دولار، تنمو تهديدات سحب الاستثمارات.
وترجع هذه المخاوف لأن المسار النقدي بين الولايات المتحدة والدولة الآسيوية يتباعد أكثر من أي وقت مضى، وينخفض الين إلى أدنى مستوياته منذ 20 عاماً وتبدأ تقلبات السوق الأمريكية، وكل ذلك يزيد من تكاليف التحوط من العملة ويلغي تماماً جاذبية العائدات الاسمية الأعلى في الولايات المتحدة، خاصة بين شركات التأمين على الحياة الكبيرة.
الخلاصة: الحسابات اليابانية تساهم في هبوط تاريخي في سندات الخزانة التاريخية وقد لا تعود الاستثمارات بشكل جماعي حتى يتداول عائد سندات أجل 10 سنوات المعياري بثبات فوق 3%.
وفي الواقع، تبدو السندات التي يقترب عائدها من الصفر في الداخل أكثر جاذبية من أي وقت مضى حتى مع تقديم ديون الولايات المتحدة بعضاً من أعلى العوائد منذ سنوات.
مبيعات مكثفة
قال بن جيفري، استراتيجي الفائدة في "بي إم أو": "تشهد السوق قدراً هائلاً من البيع يتساوى مع ما رأيناه في أوائل 2017 من اليابان".
وبينما قد تؤدي دورة التشديد القوية من قبل الاحتياطي الفيدرالي لمكافحة التضخم إلى زيادات متعددة في الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في الأشهر المقبلة، لا يزال بنك اليابان عالقاً في التحفيز اللانهائي، وهو ما يضعف الين ويقلص جدوى شراء سندات الخزانة حتى مع بقاء السندات الحكومية اليابانية لأجل عشر سنوات في نطاق 0.25%.
وبينما تم تداول عائدات الولايات المتحدة لأجل 10 سنوات عند 2.91% في الساعة 6:55 صباحاً في نيويورك، يرى المشترون الذين يدفعون مقابل الحماية من التقلبات في سعر صرف الين مقابل الدولار أن عائداتهم الفعلية تتضاءل إلى 1.3% فقط، وذلك لأن تكاليف التحوط قد تضخمت إلى 1.55%، وهو مستوى غير مشهود منذ أوائل عام 2020 عندما ارتفع الطلب العالمي على الدولارات مع تراجع الأسواق جراء الوباء.
وقبل عام كانت تقدم سندات الخزانة المعيارية عائداً مشابهاً عند احتساب تكلفة التحوط من التحركات في سعر الصرف بفضل تكلفة التحوط المتواضعة البالغة 32 نقطة أساس.
وقال إيتشيريو ميورا، مدير عام قسم الدخل الثابت في "نيساي أسيت مانجمنت كورب" (Nissay Asset Management Corp): "تكاليف التحوط هي مشكلة الاستثمار في سندات الخزانة الأمريكية".
عدم اليقين
سابقاً أدَّت دورات تشديد الفيدرالي وتقلبات السوق المصاحبة لها إلى تخفيف المشتريات اليابانية من سندات الخزانة، لكن في هذه الدورة، قد يؤدي عدم اليقين المرتفع المحيط بسياسة التضخم وأسعار الفائدة في الولايات المتحدة إلى غياب طويل الأمد.
وفي الوقت نفسه، فإن المتداولين اليابانيين العائدين من عطلة الأسبوع الذهبي لديهم خيارات أخرى في الخارج حيث تظل تكاليف التحوط من اليورو بالقرب من متوسط عام واحد.
وقال تاتسويا هيغوتشي، الرئيس التنفيذي لإدارة الصناديق في "ميتسوبيشي يو إف جي كوكوساي أسيت مانجمنت": "في غضون الأشهر الستة المقبلة أو نحو ذلك، سيكون الاستثمار في أوروبا أفضل من الولايات المتحدة حيث من المرجح أن تكون تكاليف التحوط أقل.. ومن بين سندات منطقة اليورو، تبدو السندات الإسبانية والإيطالية والفرنسية الأكثر جاذبية بالنظر إلى فارق العائد".
عادةً ما كان المشترون اليابانيون يفضلون الأجزاء الوسطى من منحنى الخزانة أي السندات التي يتراوح أجلها من خمس إلى عشر سنوات، بينما ركزت شركات التأمين على الحياة وصناديق المعاشات التقاعدية على السندات لأجل 30 عاماً.
لكن تبددت الآمال في أن تشهد سوق الخزانة عمليات شراء طويلة الأجل في السنة المالية الجديدة التي بدأت في أبريل، إذ أعادت بعض شركات التأمين على الحياة التفكير في تعرضها للديون الخارجية نظراً لتقلبات العملة التي حفزها إلى حد كبير التحول لموقف نقدي متشدد في البنك المركزي الأمريكي.
قال جون مادزيير، مدير محفظة في "فانغارد غروب إنك": "الفيدرالي متشدد للغاية، فهل ستشتري حقاً عندما تصل سندات الخزانة إلى مستويات أكثر جاذبية؟"
وتكبد أحد المؤشرات الواسعة لسندات الخزانة بالفعل خسارة تزيد على 8% حتى الآن العام الجاري، ويتوقف الكثير الآن على ما إذا كان بإمكان سندات أجل 10 سنوات التداول في نطاق من 2.80% إلى 3.10% الشهر الجاري، في الوقت الذي تستوعب فيه السوق نتائج الاجتماع القادم للفيدرالي ومع مبيعات الديون الفصلية من وزارة الخزانة الأمريكية.
وقال جورج غونكالفز، مدير الاستراتيجية الكلية في "ميتسوبيشي يو إف جي": "سينتظر المستثمرون اليابانيون بعض الاستقرار في العائدات طويلة الأجل قبل استشعار أي فرصة شراء.. فإذا استقرت سندات أجل 10 سنوات خلال مايو، فسيساعد ذلك على جذب المشترين وعند هذه المستويات ستعوض تكلفة التحوط".