ارتفع التضخم الأساسي في أستراليا بأسرع وتيرة منذ عام 2009، ما جعل المتداولين يرجحون أن يبادر البنك المركزي إلى زيادة أسعار الفائدة في اجتماع يوم الثلاثاء، الذي يُعقد قبل أسابيع قليلة فقط من الانتخابات.
أظهرت بيانات حكومية، الأربعاء، أن المقياس السنوي المتوسط المخفّف الذي يرصد البنود المسؤولة عن التقلبات قد تجاوز الحد الأعلى لهدف بنك الاحتياطي ليصل إلى 3.7%. وكانت النتيجة ترجيح متداولي عقود المقايضة حالياً بشكل كامل، ارتفاعاً بمقدار 15 نقطة أساس خلال اجتماع بنك الاحتياطي الأسترالي في 3 مايو، مع وجود فرصة بنسبة 25% لحدوث تحرك بمقدار 40 نقطة أساس.
اقرأ أيضاً: رئيس وزراء أستراليا يتعهد بخفض ضريبة الدخل إذا أعيد انتخابه
بانتظار بيانات الأجور
تزيد هذه النتيجة الضغط على بنك الاحتياطي الأسترالي للتخلّي عن حذره التقليدي في سياسته النقدية، والشروع في رفع سعر الفائدة قبل الانتخابات العامة المقررة في 21 مايو. ففي وقت سابق من هذا الشهر، أشار البنك المركزي، الذي يستهدف معدلاً نسبته بين 2% و3% لمؤشر أسعار المستهلكين، إلى احتمال رفع الفائدة قريباً، فيما أشار إلى رغبته في رؤية البيانات التي صدرت الأربعاء، وبيانات الأجور في 18 مايو.
اقرأ المزيد: حرب أوكرانيا تلقي بظلالها على التصنيع في اليابان وأستراليا
قالت شيريل مورفي، كبيرة الاقتصاديين في "إرنست آند يونغ" (Ernst & Young)، إن البنك المركزي ليس بوسعه انتظار بيانات الأجور.
أضافت: "من الواضح أن معدل الفائدة القياسي المنخفض البالغة نسبته 0.1% لم يعُد مناسباً حالياً لهذا الاقتصاد، ما يعني أن بنك الاحتياطي يجب أن ينضم إلى البنوك المركزية الأخرى في جميع أنحاء العالم ويشدّد السياسة النقدية. وإذا لم يتخذ هذه الخطوة فإنه ذلك يخاطر بفقدان مصداقيته".
تتوقع الأسواق المالية رفع الفائدة البنكية إلى 1% بحلول يوليو.
ضغط متزايد
قد يؤدي رفع سعر الفائدة خلال الحملة الانتخابية إلى زيادة الضغط على حكومة يمين الوسط التي تحتلّ بالفعل المرتبة الثانية بعد حزب العمال في استطلاعات الرأي، إذ من المنتظر أن ترتفع تكاليف المعيشة قريباً، مع تزايد المخاوف أيضاً من ارتفاع أقساط قروض الرهن العقاري. كل ذلك يهز ثقة المستهلكين، وهو ما أظهرته بيانات منفصلة صدرت يوم الثلاثاء، أشارت إلى أن المتشائمين يفوقون المتفائلين عدداً.
في تغريدة على "تويتر"، كتب أليكس جوينر، الخبير الاقتصادي في "آي إم إف إنفستورز" (IFM Investors) لإدارة صناديق الاستثمار، أن البيانات الأخيرة تُظهِر أن على بنك الاحتياطي الأسترالي أن يرفع أسعار الفائدة في اجتماعه في مايو المقبل، مضيفاً أنه يجب على الاقتصاديين من مختلف التوجهات أن يُدينوا أي شخص يسعى إلى تسييس مثل هذه الخطوة، فإن لم يحدث ذلك فعليهم أن يُدينوا البنك نفسه للسبب ذاته.
قبل إصدار بيانات الأربعاء، أجمع اقتصاديون على أن مجلس إدارة بنك الاحتياطي الأسترالي سيقف مكتوف الأيدي الأسبوع المقبل، فيما توقع آخرون، بما في ذلك "غولدمان ساكس غروب" (Goldman Sachs Group)، أن يقوم البنك بتحرك ضخم ويرفع الفائدة 40 نقطة أساس في يونيو، إلا أنه جرى بالفعل تعديل التوقعات نتيجة الأرقام القوية الصادرة الأربعاء.
قالت ديانا موسينا، كبيرة الاقتصاديين في "إيه إم بي كابيتال ماركتس" (AMP Capital Markets)، التي تتوقع الآن زيادة 40 نقطة أساس في مايو: "لقد غيّرنا توقعاتنا. لا أعتقد أن بنك الاحتياطي الأسترالي كان يتوقع أن يرفع أسعار الفائدة في مايو. لكن بالنظر إلى هذه البيانات، يتعين عليه أن يتحرك".
ضغوط تضخمية
تصاعدت الضغوط التضخمية في جميع أنحاء العالم، واشتدّت بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا، وما صاحبها من تداعيات على أسعار السلع والطاقة.
كان فيليب لوي، محافظ بنك الاحتياطي الأسترالي، من بين صانعي السياسة الأكثر تأييداً لخفض الفائدة، إذ قال إنّ التضخم المرتفع كان مؤقتاً، وإنه يجب المحافظة على المعدلات عند هذا المستوى إلى أن يتسارع نمو الأجور المحلية. ومع ذلك فإنّ خطر بقاء توقعات ارتفاع التضخم بين الأُسَر دفع المحافظ هذا الشهر إلى اتجاه متشدّد.
قال جيمس ماكنتاير، الخبير الاقتصادي لدى "بلومبرغ إيكونوميكس": "في الوقت الذي يعكس الارتفاع الحالي في الأسعار إلى حدٍّ كبير الاضطرابات في التوريد، والناجمة عن تفشي متحور "أوميكرون" والفيضانات والصراع في أوكرانيا، من المرجح أن تؤدي الصدمة المحتملة بسبب توقعات التضخم إلى رفع بنك الاحتياطي الأسترالي الفائدة، حتى قبل أن يتحقق نمو الأجور".
تشير الاضطرابات العالمية في سلسلة التوريد المدفوعة بسياسة الإغلاق الصارمة التي تتبعها الصين للحدّ من تفشي "كوفيد–19" إلى احتمال ضئيل بانخفاض مبكر في التضخم. وتُعَدّ الصين أكبر شريك تجاري لأستراليا، وقد تكون المخاطر على توقعاتها سبباً لتوخي الحذر من جانب محافظ بنك الاحتياطي الأسترالي.
مع ذلك، دفعت ضغوط الأسعار مجموعة من البنوك المركزية، بما في ذلك نيوزيلندا وكندا، إلى رفع معدلات الفائدة بشكل كبير، مع احتمال أن يحذو الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي حذوها.