روسيا تواجه وضعاً مُلحّاً وعاجلاً لتفادي التخلف عن السداد وتجنّب "وول ستريت"

دورية شرطة بالقرب من كاتيدرائية القديس باسيل في الساحة الحمراء في موسكو، يوم بداية الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير 2002. العقوبات التي فرضتها الدول الغربية على روسيا بسبب الغزو، تهدد بتخلف موسكو عن سداد ديونها الخارجية للمرة الأولى منذ أكثر من قرن - المصدر: بلومبرغ
دورية شرطة بالقرب من كاتيدرائية القديس باسيل في الساحة الحمراء في موسكو، يوم بداية الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير 2002. العقوبات التي فرضتها الدول الغربية على روسيا بسبب الغزو، تهدد بتخلف موسكو عن سداد ديونها الخارجية للمرة الأولى منذ أكثر من قرن - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

بدأ سباق روسيا مع الزمن لتفادي التخلف عن السداد، يتسارع.

كانت البلاد تقترب ببطء من هذا المصير، عقب قيام "جيه بي مورغان تشيس آند كو" (JPMorgan Chase & Co) بموجب أوامر من وزارة الخزانة الأمريكية، بوقف مدفوعات الفائدة المستحقة على البلاد عن سندات مقومة بالدولار خلال الأسابيع الأخيرة. دفع هذا الإجراء البنك المركزي الروسي، إلى سداد المدفوعات بالروبل عوضاً عن ذلك، وجعله يبذل جهوداً حثيثة للبحث عن طرق يستعيض بها عن تفادي "جيه بي مورغان" ومنافسه بنك "سيتي غروب"، الوفاء بالتزامات ديون روسيا.

اقرأ أيضاً: "موديز" تحذّر من تعثّر روسيا بسبب سداد ديونها الدولارية بالروبل

بات الموقف أشد خطورة يوم الأربعاء، عندما قالت "لجنة تحديد مشتقات الائتمان" الأمريكية، إن مدفوعات الروبل كانت تخلفاً محتملاً، ما يعزز الإجماع المتنامي على أن روسيا ربما لا تفي بالتزامات ديونها. قد يؤدي قرار "لجنة تحديد مشتقات الائتمان"، الذي لا يؤثر بطريقة مباشرة على الدين، إلى زيادة مقايضات التخلف عن السداد الائتماني في حال لم تسدد روسيا مستحقات حاملي السندات بالدولار قبل انتهاء فترة السماح للديون بحلول 4 مايو المقبل. لا تزال هناك إمكانية لدى البلاد لتفادي التخلف عن السداد، إذا سددت مستحقات حاملي السندات بالدولار قبل انتهاء تلك المدة الزمنية.

قالت محافظة البنك المركزي الروسي، إلفيرا نابيولينا، يوم الخميس، إن روسيا "لا تواجه تهديداً بالتخلف عن السداد"، مؤكدة أنها تمتلك "موارد مالية كافية".

اقرأ المزيد: "سيتي" قد يتكبد 1.5 مليار دولار جرّاء انسحابه من روسيا

تبحث البلاد عن طرق لإعادة توجيه المدفوعات من خلال المؤسسات المحلية، وكذلك وكيل المقاصة الخاص بها. بيد أنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت الجهود المبذولة، تمتلك أي فرصة للنجاح، وما إذا كانت هذه التحركات ستساعد البلاد حتى على تفادي التخلف عن السداد.

قال ميتو غولاتي، الأستاذ في كلية الحقوق بجامعة فيرجينيا، في مقابلة: "ليس هناك وضوح حيال أي من ذلك في أسلوب وثائق السندات". وأضاف: "يتعين على جانب من الحكم بحسب ما هو مفترض، أن يقرر كل هذا الأمر".

اقرأ أيضاً: انسحاب "وول ستريت" من روسيا يهدر عشرات السنوات من العمل

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ

استبدال البنوك المراسلة

من بين الخيارات الخاضعة للدراسة، استبدال البنوك الأجنبية التي تعمل كبنوك مراسلة ووكلاء لدفع صفقات الديون الخارجية مع البنك المركزي الروسي، حسب صحيفة "فيدوموستي" الروسية. يقوم البنك المراسل بخدمات الخزينة العامة الرئيسية ويدير الصرف الأجنبي للعملاء، بينما يتولى وكيل الدفع إدارة الشؤون الداخلية الخاصة بالسندات، ويقوم بجمع الفوائد من المصدرين، ويسهم في عملية توزيعها على المستثمرين.

اقرأ أيضاً: لوبي روسي يعرض خطة لتفادي تخلف الشركات عن سداد الديون

وفقاً لهذا السيناريو، ستتجه المدفوعات لحملة السندات إلى البنك المركزي الروسي عوضاً عن البنك المراسل الأجنبي ووكيل الدفع. ثم تنتقل عقب ذلك إلى وكيل المقاصة المحلي لروسيا، جهة إيداع التسوية الوطنية. من هذه النقطة، سينتهي الأمر بالمال مع حاملي السندات المحليين أو في حسابات "النوع سي" التي جرى إنشاؤها خصيصاً لحملة السندات من الدول المسماة بالمعادية، على غرار الولايات المتحدة.

وكيل مقاصة محلي

بالنسبة إلى روسيا، فإن الاعتماد على وكيل المقاصة المحلي الخاص بها سيتيح لها أيضاً تفادي المنافسين الأجانب الذين علقوا المدفوعات للمستثمرين الروس. أغلقت شركتا "يوروكلير" (Euroclear) و"كليرستريم" (Clearstream)، اللتان تعالجان المدفوعات بصفتهما جهتي إيداع مركزيتين للأوراق المالية، الحسابات المودعة لدى جهة الإيداع الوطنية الروسية، ما جعل المدفوعات لحملة السندات المحلية في وضع معلق.

قدمت جماعة ضغط الشركات الكبرى في روسيا، "اتحاد الصناعيين ورجال الأعمال"، مقترحاً مماثلاً للمقترضين من الشركات كجزء من خطة التكتل لتفادي موجة من التخلف عن السداد وتجميد الأصول الأجنبية. بحسب العرض الخاص بهم، سيحصل غير المقيمين على مدفوعات للسندات في حسابات خاصة بالعملات الأجنبية لدى البنوك الروسية، إلى جانب الحق في بيع الأوراق النقدية إلى وزارة المالية أو وكيلها.

يحاول هذا الإجراء مساعدة مجموعة من الشركات الروسية التي أُضطرت إلى التخلف عن السداد من الناحية التقنية، حيث يجري وقف مدفوعات الفائدة في شبكة عمليات الفحص النافي للجهالة للبنوك الأجنبية. حتى الكيانات الروسية غير الخاضعة للعقوبات الأمريكية، تعرضت للتأجيل: فقد أمرت شركة "سيتي غروب"، كمثال، شركة "سفرستال" (Severstal) بالسعي للحصول على إعفاء خاص من وزارة الخزانة الأمريكية، قبل معالجتها لمدفوعات الفائدة لشركة صناعة الصلب.

اقرأ المزيد: "سفرستال" للصلب تحصل على موافقة الكرملين لسداد الديون بالدولار

يعني إجراء "سيتي غروب" - الذي جاء عقب إصدار وزارة الخزانة أمراً بالحظر رهن التحقيق، أو (BPI) - بالنسبة إلى شركة "سفرستال"، أن الوقت قد نفد لسداد الفائدة على الدين بالدولار. ورفض ممثلون عن شركة "سيتي غروب" وشركة "سفرستال" التعليق على الموضوع، بينما لم ترد وزارة الخزانة في حينه على طلبات للتعليق على الأمر.

أصدقاء وأعداء

أفادت صحيفة "فيدوموستي" يوم الأربعاء، بأن المقرض الذي تسيطر عليه الدولة، بنك "في تي بي" (VTB)، أعطى المستثمرين إشارة حول طريقة عمل هذه السيناريوهات، عندما سدد بالروبل عائدات على السندات المُقوّمة بالدولار. قالت الصحيفة إن المستثمرين من روسيا والدول "الصديقة"، تسلموا أموالاً في حساباتهم بالروبل، بينما جرى تحويل العملة الروسية إلى حسابات خاصة من نوع "سي" لمواطني الدول المعادية.

رغم ذلك، من المحتمل ألا تكون عملية استبدال وكلاء الدفع مسألة سهلة، حيث تتطلب موافقة معظم الدائنين، وفي بعض الحالات، تتطلب مستندات السندات من المقترضين إعطاء المستثمرين إشعاراً مسبقاً بشهور قبل أن يتمكنوا من القيام بمثل هذا التعديل.

تعثر انتقائي

كما أنه من غير الواضح، ما إذا كان الدفع بالروبل سيقدم المساعدة لروسيا أو الشركات الروسية الكبرى لتفادي التخلف عن السداد. أسفر إجراء البلاد بدفع سنداتها الدولارية السيادية المستحقة في 2022 و2042 بالروبل، مثلاً، عن تخفيض وكالة "ستاندرد آند بورز ريتينغز" التصنيفات الائتمانية لمصدر العملة الأجنبية في روسيا، ليصل إلى "تخلف انتقائي عن السداد".

قالت الوكالة: "رغم أنه من الممكن معالجة التخلف عن السداد في ظل فترة سماح مدتها 30 يوماً متاحة بموجب شروط وأحكام السندات، فإننا لا نتوقع أن يستطيع المستثمرون تحويل مدفوعات الروبل هذه إلى دولارات مكافئة للمبالغ المستحقة في الأصل، أو أن الحكومة ستحول تلك المدفوعات خلال فترة السماح".

إبراء ذمة

لكن غولاتي، الذي يركز على إعادة هيكلة الديون السيادية، قال إن مستندات السندات الروسية تتضمن فعلاً بنداً بتعويض العملة الذي يبدو أنه يتيح لروسيا سداد ديونها من خلال الدفع بالروبل، شريطة أن يكون في إمكان المستفيد استخدام تلك العملة من الروبل لشراء عدد من الدولارات بقدر كاف.

قال غولاتي من خلال منشور على مدونته: "باختصار، يظهر أن البند يقول إن الدفع بعملة مختلفة من الممكن أن يمثل (إبراء ذمة)، ما دام أن المستلم يستطيع استعمال تلك العملة من الروبل من أجل شراء دولارات بالقدر الكافي". يبدو أن هذا يعني أن روسيا تستطيع الوفاء بالتزاماتها عبر الدفع باستخدام عملة الروبل.

وفقاً للاقتراح الثاني الذي أوصت به الحكومة الروسية، سيقوم المقترضون بسداد مدفوعات الفائدة للمستثمرين من خلال قنوات منفصلة، اعتماداً على مقر تواجد المستثمر. سيجري التعامل مع المدفوعات لحاملي السندات الأجانب من خلال وكيل دفع أجنبي، رغم أن هذا الكيان قد يواجه قيوداً مشابهة. سيحصل حاملو السندات الروس على أموالهم من خلال المؤسسات المحلية.

إعادة شراء الـ"يوروبوند"

كذلك، أوصت اللجنة الفرعية التابعة للحكومة الروسية التي طرحت الخطة، باستعمال الروبل لإعادة شراء سندات اليوروبوند من المستثمرين الروس كبديل، وهو إجراء اتخذته روسيا فعلاً مع سندات بقيمة ملياري دولار كانت مستحقة في 4 أبريل الجاري.

دفعت عائدات السندات المعلقة – إلى جانب مجموعة أخرى مرتبطة بالديون من أكبر الشركات الروسية - المكتب الخلفي في وول ستريت إلى دائرة الضوء. وهذا يبرز المستنقع الذي وجدت فيه أكبر البنوك في "وول ستريت" نفسها باعتبارها هيئات إنفاذ قانون فعلية للعقوبات المفروضة من قبل الرئيس الأمريكي جو بايدن، وهي النتيجة التي توقعتها هذه البنوك منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا.

قالت جين فريزر، الرئيس التنفيذي لشركة "سيتي غروب" للمحللين في مؤتمر عبر الهاتف الأسبوع الماضي: "نتواصل بطريقة مستمرة مع الحكومة الأمريكية، ونواصل القيام بدورنا في ما يتعلق بانفاذ نظام العقوبات". وأضافت: "لكن الكلمات نفدت مني عند وصف التداعيات المأساوية للحرب في أوكرانيا".

الدور الإجراء
المقترض في حالة الشركات الروسية، يجري إصدار سندات اليوروبوند من خلال أدوات ذات أغراض خاصة في بلدان على غرار أيرلندا أو لوكسمبورغ أو قبرص. الكيان الروسي هو المدين المطلق، لكنه لا يُعدّ مُصدراً للدين. يقوم المقترض بإرسال العائدات من خلال بنك الحساب إلى جهة الإصدار.
البنك المراسل يقوم البنك المراسل بدور الوسيط بين بنك الحساب في روسيا وبنك حساب المصدر في دولة أخرى. بحسب المعاملة، قد يوجد أكثر من بنك مراسل مشترك. بالنسبة إلى سندات اليوروبوند السيادية، فإن البنك المراسل هو الوسيط بين البنك المركزي ووكيل الدفع الأساسي.
بنك حساب المُصدر يستقبل بنك الحساب الأموال من المقترض ويقوم بإرسالها إلى وكيل الدفع الأساسي.
وكيل الدفع الأساسي يجمع وكيل الدفع الأساسي الأموال من المُصدر ويحولها إلى جهة "الإيداع المركزي الدولي للأوراق المالية" الخاصة بالأوراق المالية الدولية (ICSD)، أو مؤسسة الإيداع والمقاصة (DTCC).
جهة الإيداع المركزي الدولي للأوراق المالية ("كليرستريم"، "يوروكلير") / مؤسسة الإيداع والمقاصةتقوم هذه العمليات بمعالجة المدفوعات، وصرف الأموال النقدية إلى أصحاب حسابات "ICSD / DTCC" الآخرين
بنك أمناء الحفظ يتسقبل بنك أمناء الحفظ العائدات لصالح حاملي السندات
اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك