حثّت الصين بعض البنوك وشركات التأمين في البلاد على شراء المزيد من الأسهم، ومضاعفة الجهود لوقف هبوط السوق نحو أدنى مستوى في عامين.
أصدرت الجهة المنظمة للأوراق المالية في البلاد التوجيه خلال اجتماع يوم الخميس مع المستثمرين بما في ذلك صندوق الضمان الاجتماعي العملاق في البلاد، في حين كان مؤشر "شنغهاي شنزن" (سي إس أي 300) القياسي ينخفض نحو أدنى مستوى منذ يونيو 2020. لم يتغير المؤشر كثيراً يوم الجمعة بعد محو انخفاض بنسبة 1.1%.
خسرت الأسهم الصينية حوالي 2.7 تريليون دولار من قيمتها السوقية منذ بداية 2022 حيث أدّت السياسات الصارمة للقضاء تماماً على كوفيد والإجراءات القمعية ضد الشركات وتباطؤ النمو الاقتصادي، إلى إثارة مخاوف المستثمرين.
في حين أصدرت لجنة حكومية بقيادة نائب رئيس مجلس الدولة ليو هي، مجموعة شاملة من الوعود في مجال السياسات العامة لتحقيق الاستقرار بالأسواق في منتصف مارس، أصيب المستثمرون بخيبة أمل حتى الآن بسبب عدم المتابعة الشاملة.
قال وانغ يوغانغ، مدير استثمار في شركة "بكين أكس آسيت مانجمنت": "من أجل حدوث تحوّل في المعنويات، نحتاج إلى رؤية الصدق من جانب المسؤولين التنفيذيين، إما ضخ الكثير من السيولة الزائدة، أو حدوث تحول كبير في وضع شنغهاي، أو تقديم مفاجأة هائلة من شأنها أن تبث بعض الأمل الجديد في السوق".
وأضاف: "حتى في عام بالغ الأهمية مثل هذا العام، فإن سوق الأوراق المالية القوية لها أولوية منخفضة للغاية نظراً لعدم وجود مخاطر بالنسبة للنظام في الوقت الحالي".
أعقب اجتماع أمس الخميس الذي عقدته لجنة تنظيم الأوراق المالية الصينية، نشر سلسلة من المقالات في وسائل الإعلام الحكومية، تبرز الثقة في الاقتصاد والأسواق.
تؤكد الجهود المتضافرة الضغط المتزايد على السلطات لتعزيز الثقة قبل اجتماع القيادة الذي يتم مراقبته عن كثب والذي من المتوقع أن يؤكد بقاء الرئيس الصيني شي جين بينغ لفترة ولاية ثالثة غير مسبوقة.
خسارة اليوان
كما تعرّضت الأصول الصينية الأخرى للضغط. يتجه اليوان في التعاملات المحلية لتسجيل أكبر خسارة أسبوعية منذ أغسطس 2019، مع تزايد المخاوف بشأن تباطؤ النمو الاقتصادي وسط عمليات الإغلاق بسبب كوفيد.
قال خون جوه، رئيس أبحاث آسيا في مجموعة "أستراليا آند نيوزيلندا بانكينغ": "يتطلع بنك الشعب الصيني لتقديم المزيد من الدعم للاقتصاد، ويبدو عازماً على جذب أكبر عدد ممكن من الرافعات، ربما باستثناء خفض أسعار الفائدة في الوقت الحالي".
أضاف: " يبدو أن السماح لليوان بالضعف قليلاً هذا الأسبوع هو جزء من حزمة الدعم الشاملة".
كما تراجعت السندات الدولارية ذات العائد المرتفع للأسبوع الثاني على التوالي في أسوأ امتداد من هذا القبيل منذ منتصف مارس.
يقلّص ما حدث الارتداد الأولي الذي حصلت عليه الأوراق المالية من وعود بكين، حيث ينفد صبر المستثمرين للحصول على مزيد من التفاصيل.
في إشارة إلى مخاوف أوسع، سجلت شركات التطوير الأعلى تصنيفاً مثل "كانتري غاردن هولدينغز" (Country Garden Holdings) بعض أكبر الانخفاضات خلال الأسبوع الجاري.
قد يستمر أي انتعاش متجدد في المستقبل فقط إذا تم اتخاذ خطوات ملموسة ومهمة بسرعة على صعيد السياسات، وفقاً لما قاله جين لويس ناكامورا، كبير مسؤولي الاستثمار لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ في "لومبارد أودييه".
تدفقات سريعة للخارج
هذه ليست المرة الأولى التي تحثّ فيها السلطات المستثمرين من المؤسسات على زيادة مراكزهم في سوق الأوراق المالية. تم توجيه دعوة مماثلة قبل أقل من أسبوعين بعد طلب تم تقديمه في أكتوبر 2019.
مع عدم وجود نهاية للقيود المشددة لمواجهة كوفيد في الأفق، سحب المستثمرون الأجانب صافي 5.6 مليار يوان (868 مليون دولار) من أسهم البر الرئيسي منذ بداية أبريل بعد بيع أسهم بقيمة 45 مليار يوان في مارس، وهو أكبر تدفق للأموال للخارج منذ ما يقرب من عامين.
خفضت الصناديق العالمية حيازاتها من السندات الصينية بأكبر قدر على الإطلاق في مارس.
أبدت السلطات القليل من القلق بشأن عمليات السحب، حيث قال فانغ شينغهاي، نائب رئيس لجنة تنظيم الأوراق المالية الصينية، أمس الخميس، إن تدفقات رأس المال المتجهة للخارج ستعود دائماً.
قال كاستور بانغ، رئيس الأبحاث في "كور باسيفيك يامايتشي" (Core Pacific Yamaichi): "من الواضح أن بكين تريد وقف الشعور المتشائم بشأن الاقتصاد وسوق الأسهم".
وأضاف: "لكن الاقتصاد يشبه السفينة العملاقة، ويستغرق الأمر وقتاً حتى يستدير. حتى إذا كانت بكين تريد تعزيز السوق، فمن الصعب تغيير طريقة تفكير المستثمرين".
تطوير المعاشات
بشكل منفصل، نشرت الصين أيضاً مبادئ توجيهية بشأن تطوير المعاشات التقاعدية للأفراد أمس الخميس، والتي يقدّر محللو " سي أي سي سي" قيمتها بإجمالي تريليون يوان على المدى الطويل. قد يساعد هذا التوجه في تغذية التدفقات الإضافية إلى سوق الأسهم المحلية.
في غضون ذلك ، تحاول السلطات حل نزاع يتعلق بمراجعة حسابات الشركات الصينية المدرجة في الولايات المتحدة، وهي قضية أثرت على المعنويات.
قال فانغ شينغهاي، نائب رئيس لجنة تنظيم الأوراق المالية الصينية أمس الخميس، إن الأخيرة تجري محادثات مع مجلس الرقابة المحاسبية للشركات العامة في الولايات المتحدة كل أسبوعين، وهي "واثقة" من التوصل إلى اتفاق بشأن تدقيق الحسابات.
انخفض مؤشر "هانغ سينغ" لأسهم شركات التكنولوجيا في هونغ كونغ بنسبة 0.9% اعتباراً من استراحة منتصف يوم الجمعة، ليواصل الخسارة المتتالية على مدار أربعة أيام. ارتفع المؤشر القياسي في البر الرئيسي شنغهاي شنزن (سي إس أي 300) 0.1%.
انخفض المؤشر بنسبة 4.5% الأسبوع الجاري ليتجه نحو أسوأ أداء في خمسة أيام منذ يناير.
مع ذلك، قد يكون انخفاض السوق الأسبوع الجاري أمراً ضرورياً فقط لجذب المستثمرين مرة أخرى.
تترقب الصناديق الاستثمارية السوق لتشكيل "قيعان مزدوجة"، في إشارة إلى أنه قد يكون من الأمان إعادة بناء المراكز.